ومنهم الشيخ حسين أبو علي رضي الله عنه ورحمه
كان هذا الشيخ رضي الله عنه من كمل العارفين، وأصحاب الدوائر الكبرى، وكان كثير التطورات تدخل عليه بعد الأوقات تجده جندياً ثم تدخل فتجده سبعاً ثم تدخل فتجده فيلا ثم تدخل فتجده صبياً، وهكذا ومكث نحو أربعين سنة في خلوة مسدود بابها ليس لها غير طاقة يدخل منها الهواء، وكان يقبض من الأرض، ويناول الناس الذهب والفضة، وكان من لا يعرف أحوال الفقراء يقول: هذا كيماوي سيماوي، ولما شرع الخواجا ابن القنيش البرلسي في بناء زاويته قال: أعداؤه إن هذا المصروف العظيم إنما هو من كيمياء الشيخ حسين فبرطلوا عليه بعض العياق أن يقتلوه، فدخلوا على الشيخ فقطعوه بالسيوف، وأخذوه في تليس، ورموه على الكوم وأخذوا عل قتله ألف دينار ثم أصبحوا، فوجدوا الشيخ حسيناً رضي الله عنه جالساً، فقال: لهم غركم القمر، وكانت النموس تتبعه حيثما مشى في شوارع، وغيرها فسموا أصحابه بالنموسية، وكان رضي الله عنه بريئاً من جميع ما فعله أصحابه من الشطح الذي ضربت به رقابهم في الشريعة، وكان الشيخ عبيد أحد أصحابه الذي هو مدفون عنده الآن مثقوب اللسان لكثرة ما كان ينطق به من الكلمات التي لا تأويل لها، وأخبرني بعض الثقات أنه كان مع الشيخ عبيد في مركب، فوحلت فلم يستطع أحد أن يزحزحها فقال: الشيخ عبيد اربطوها في بيضي بحبل، وأنا أنزل أسحبها ففعلوا فسحبها ببيضه حتى تخلصت من الوحل إلى البحر. مات رضي الله عنه في سن نيف، وتسعين وثمانمائة، ودفن بزاويته بساحل الذيل بمصر المحروسة ببولاق رضي الله عنه.