موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية

وهو كتاب الطبقات الكبرى

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومنهم الشيخ أحمد السطيحة رحمه الله تعالى

كان من الرجال الراسخين صحبته عشرين سنة، وأقام عندي أياماً، وليالي، وأن رضي الله عنه يقول: ما أحببت أحداً في عمري قدرك، وكان رضي الله عنه على قدم الشيخ أحمد الفرغل رضي الله عنه في لبسه كل جمعة مركوباً جديداً يقطعه مع أنه سطيحة لا يتحرك، وكان رضي الله عنه يتكلم في الخواطر، ويقضي حوائج الناس عند الأمراء، وولاة الأمور، وطريقه مخلاة بلا معارض، ووقعت له كرامات كثيرة: منها أن أم زوجته تسللت عليه ليلة فرأته قد انتصب قائماً سليماً من الكساح كأحسن الشباب، فلما شعر بها زجرها، فخرست وتكسحت وعميت إلى أن ماتت، وكان رضي الله عنه لم يزل في عصمته أربع نساء، وكانت كفه ألين من العجين خفي الصوت لا يتكلم إلا همساً كثير المباسطة خفيف الذات، ولما وردت عليه من بلد سيدي أحمد البدوي قال: كم نفر معك فقلت: سبعة قال: قل: بيت الوالي ثم ضيفنا ضيافة كثيرة تلك الليلة، وكان على زاويته الوارد كثيراً يعشي، ويعلق على البهائم، وله زرع كثير، والناس تقصده بالهدايا من سائر البلاد، وكان يحضنه خادمه على الفرس كالطفل، وله طرطور جلد طويل، وله زناق من تحت ذقنه، ويلبس الجبب الحمر، وكانت آثار الولاية لائحة عليه إذا رآه الإنسان لا يكاد يفارقه، وحاكي إنسان به، وعمل له طرطوراً، وركب على فرس في حجر خادم، فانكسرت ركبته فصاح اذهبوا بي إلى الشيخ أحمد السطيحة قأتوه به فضحك الشيخ عليه، وقال: تزاحمني على الكساح تب إلى الله، ورقبتك تطيب فتاب واستغفر، فأخذ الشيخ زيتاً، وبصق فيه، وقال: ادهنوا به رقبته فدهنوها فطابت، وكانت، وارمة مثل الخلاية فصارت تنقص إلى أن زال الورم، وقلع الطرطور، وصار يخدم الشيخ إلى أن مات، وكان من بلد تسمى بطاً، وكان ببولاق فنزل في مركب ليسافر، وكان الريس لا يعرفه، فطلعه هو، وجماعته فلما أن طلع الشيخ انخرقت المركب، وغرقت بجانب البر، فأخذوا بخاطر الشيخ، فقال: الشيخ للريس سد خرق مركبك فإننا لم نعد ننزل معك، ومن مناقبه رضي الله عنه أن بعض الفلاحين سخر بطرطوره، وأكل شوك اللحلاح، فوقفت شوكة في حلقه فمات في الحال، وخطب مرة بنتاً بكراً فأبت، وقالت: أنا ضاقت علي الدنيا حتى أتزوج بسطيحة فلحقها الفالج فلم ينتفع بها أحد إلى أن ماتت، وطلبته بنت بنفسها فقال لها: البنات يا امرأة المكسح، وعايروها فدخل بها الشيخ، وأزال بكارتها، وساح الدم حتى ملأ ثيابها ووضعوا ثوبها بالدم على رمح في الدار لينظره الناس، ومن كراماته أنه شفع عند أمير من الأمراء كان نازلا بمنف فقبل شفاعته.

فلما خرج من عنده رجع، وحبس الرجل ثانياً، فطلعت في رقبته غدة فخنقته فمات في يومه، ومن كراماته أن امرأة تكسحت، وعجز الأطباء عن دوائها مدة أربع سنين فدخل الشيخ لها، وبصق في شيء من الزيت، وقال: ادهنوا بدنها فدهنوها في حضرة الشيخ فبرئت وحضر مجلس سماع في ناحية دسوق فطعنه فقير عجمي تحت بزه فقال: طعنني العجمي ثم قال يا رب خذ لي حقي فأصبح العجمي مشنوقاً على حائط لا يدرون من شنقه، ومن كراماته أنه وقف على باب زاويتي مرة، وهو في شفاعة عند الباشا فقال: يكون خاطركم معنا في هذه الشفاعة، فأخذتني حالة فرأيت نفسي واقفاً على باب الكعبة فقال: يا هو أبعدت عنا، وكان رضي الله عنه يعرف سريان القلوب وكان رضي الله عنه صائم الدهر، وتوفي سنة اثنتين، وأربعين وتسعمائة ودفن بزاويته بشبراً قبالة الغربية وقبره ظاهر يزار، وكان يدعو عليها بالخراب، وعلى أهلها الذين كانوا ينكرون عليه فوقع بينهم القتل وخربوا، وهي خراب إلى وقتنا هذا فقلت له: الفقير يعمر بلده، وإلا يخربها فقال: هؤلاء منافقون وفي حصادهم مصلحة للدين فنسأل الله أن يحفظنا من الشيطان، والحمد الله وحده.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!