ومنهم سيدي أبو الحسن الغمري رحمه الله تعالى
ابن سيدي أبي العباس الغمري رضي الله عنهما: كان رضي الله عنه من الصفاء، والصلاح على جانب عظيم، وكان سيدي محمد بن عنان رضي الله عنه يقول فرعان فاقا أصلهما في الكرم، والحياء أبو الحسن، وعبد الحليم بن مصلح، وكان من أخلاقه رضي الله عنه أنه يخدم في البيت مع الخادم ويغسل الأواني، ويوقد تحت الدست، ويقرص العجين، ويكنس البيت، وكان رضي الله عنه لا يجالس أحداً إلا وقت الصلاة أو الذكر أو تلاوة القرآن أو لما لا بد منه من المصالح، وكان يستحي أن يركب في مصر حماراً أو غيره، وكان إذا ركب إلى بولاق أو مصر يركب في الغلس، ويقصد المواضع الخالية ذهاباً، وإيابا، ويقول لا أستطيع أن أركب فوق رءوس الناس أبداً، وكان رضي الله عنه إذا دعي إلى وليمة، وحضر يصير يعرق ويمسح العرق حياء من الناس، وكنا إذا سافرنا معه إلى ميت غمر أو إلى المحلة لا يأكل في المركب ولا يشرب حياء من الناس، ويقول لا يخرج لي بول، وأحد ينظر إلي، ولو على بعد، وكان لا ينام مع أحد في فراش، ولا بحضرة أحد لا في ليل ولا في نهار، ويقول أخاف أن يخرج مني ريح، وأنا نائم، صحبته نحو ثلاثين سنة إلى أن مات ما رأيته تغير علي يوماً واحد فلما انتقلت من جامعه صار يتردد إلي فأكاد أن أذوب من الخجل من مشيه إلي، ويقول أنا أشتاق إليك. مات رضي الله عنه سنة تسع وثلاثين وتسعمائة، ودفن عند والده بالجامع بما المحروسة رضي الله عنهما.