
لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية
وهو كتاب الطبقات الكبرى
تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني
![]() |
![]() |
ومنهم سعيد بن جبير (رضي الله عنه)
كان رضي الله عنه يبكي حتى عمشت عيناه وكان يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء في رمضان وكان يختم القرآن في كل ركعة في جوف الكعبة وكان يقول: كل موجبة كبيرة وكان يقول: إني لأرى الرجل على المعصية فأستحي أن أنهاه لحقارة نفسي.
وكان له ديك يقوم على صياحه فلم يصح ليلة فنام سعيد عن ورده فدعا على الديك فمات لوقته فعزم ألا يدعو على شيء بعدها، وكان يقول: علامة الإجابة حلاوة الدعاء، ولما أخذه الحجاج قال: ما أراني إلا مقتولا ودخلت عليه ابنته فرأت القيد في رجليه فبكت فلما دعي ليقتل صاحت وقالت: ويلاه يا أبي فقال يا بنيتي ما بقاء أبيك بعد سبع وخمسين سنة وكان يقول: من أطاع الله تعالى فهو ذاكر ومن عصاه فليس بذاكر وإن أكثر التسبيح وتلاوة القرآن.
وقيل له: من أعبد الناس فقال: رجل اجترح من الذنوب ثم تاب فكلما ذكر ذنوبه احتقر عمله، وكان إذا طلع الفجر لا يتكلم إلا بذكر الله تعالى حتى يصلي الصبح، ولما قطع الحجاج رأسه قال: لا إله إلا الله مرتين ثم قال: الثالثة فلم يتمها، ولما وعدوه بالقتل غداً قال للحراس: دعوني أتأهب للموت وآتيكم غداً فتنازعوا في ذلك خوف الهرب ثم إنه غلب عليهم صدقة، فأطلقوه، ثم جاءهم من الغد فقدموه للقتل وبسط النطع وجاء السياف فذبحه على النطع، وكان قد قال: الفهم لا تسلط الحجاج على أحد بعدي فعاش الحجاج بعده خمس عشرة ليلة ووقعت الأكلة في بطنه، وكان ينادي بقية حياته مالي ولسعيد بن جبير كلما أردت النوم أخذ برجلي. قتل سنة خمس وتسعين رضي الله تعالى عنه ورحمه.
![]() |
![]() |