
لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية
وهو كتاب الطبقات الكبرى
تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني
![]() |
![]() |
ومنهم أبو محمد سفيان بن عيينة رضي الله عنه
حفظ القرآن وهو ابن أربع سنين وكتب الحديث وهو ابن سبع سنين وكان يقول: من لا تنتفع به فلا عليك أن لا تعرفه وكتب مرة إلى أخ له أما آن لك يا أخي أن تستوحش من الناس ولقد أدركنا الناس وهم إذا بلغ أحدهم الأربعين سنة جن عن معارفه وصار كأنه مختلط العقل من شدة تأهبه للموت وكان إذا أعطاه الناس شيئاً يقول أعطوه لفلان فإنه أحوج مني وكان يقول: من صبر على البلاء ورضي بالقضاء فقد كمل أمره وكان يقول: بحسب امرئ من الشر أن يرى من نفسه فساداً لا يصلحه، وكان يقول: خصلتان يعسر علاجهما ترك الطمع فيما بأيدي الناس، وإخلاص العمل لله، وكان يقول: إذا كان نهاري نهار سفيه وليلي ليل جاهل فماذا أصنع بالعلم الذي كتبت، وكان يقول بمن زيد في عقله نقص من رزقه، وكان يقول: لا إله إلا الله بمنزلة الماء في الدنيا فمن لم يكن معه لا إله إلا الله فهو ميت ومن كانت معه فهو حي، وكان يقول: ما أنعم الله عز وجل على العباد نعمة أفضل من أن عرفهم لا إله إلا الله وإن لا إله إلا الله في الآخرة كالماء في الدنيا، وكان يقول: فسر حديث: " من كشنا فليس منا " ونحوه على أن المراد ليس هو على هدينا وحسن طريقتنا فقد أساء الأدب فإن السكوت عن تفسيره أبلغ في الزجر
وكان رضي الله عنه يقول: الزهد في الدنيا هو الصبر وارتقاب الموت، وقال: حرملة أخرج لي سفيان بن عيينة رغيف شعير من كمه، وقال لي: دع ما يقوله الناس فإنه طعامي منذ ستين سنة،
وكان رضي الله عنه يقول: ليس من حب الدنيا طلبك ما لا بد منه، وكان يقول: ماء زمزم بمنزلة الطيب لا يرد، وكان يقول: إذا كانت نفس المؤمن متعلقة بدينه حتى يقضي فكيف بصاحب الغيبة فإن اللين يقضي والغيبة لا تقضي ولو أن رجلا أصاب من مال رجل شيئاً ثم تورع عنه بعد موته فجاء به إلى ورثته لكنا نرى أن ذلك كفارات له ولو أنه اغتابه ثم تورع وجاء بعد موته إلى ورثته وإلى جميع أهل الأرض فجعلوه في حل ما كان في حل فعرض المؤمن أشد من ماله، وكان يقول: وصى الخضر موسى عليهما السلام أن لا يعير أحداً بذنب، وكان رضي الله عنه يقول: إن للأنبياء عليهم الصلاة والسلام سراً وللعلماء رضي الله عنهم سراً، وإن للملوك سراً فلو أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أظهروا سرهم للعامة لفسدت النبوة، ولو أن العلماء رضي الله عنهم أظهروا سرهم للعامة لفسدت عليهم، ولو أن الملوك أظهروا سرهم للعامة لفسد ملكهم،
وكان رضي الله عنه يقول العلم إن لم ينفعك ضرك وكان إذا فرغ من صلاته يقول: اللهم اغفر لي ما كان فيها وكان يقول: لا يكون طالب العلم عاقلا حتى يرى نفسه دون كل المسلمين وكان يقول: إذا لم تصل حقك إلا بالخصومة والسلطان فدعه لما ترجو من سلامة دينك
وكان يقول: كم من شخص يظهر الزهد في الدنيا والله مطلع على قلبه أنه محب لها، وكان رضي الله عنه يقول كتمان الفقر مطلوب لأنه من الأعمال الصالحة وذلك من أشد ما يكون على النفس
وكان رضي الله عنه بقول: الجهاد عشرة فجهاد العدو واحد وجهاد النفس تسعة وكان رضي الله عنه يقول: إنما عرفوا لأنهم أحبوا أن لا يعرفوا،
وكان يقول: ائتوا الصلاة قبل النداء ولا تكونوا كالعبد السوء لا يأتي للصلاة حتى يدعى إليها، وكان رضي الله عنه يقول: ما عليك أضر من علم لا تعملي به
وكان يقول: شرار من مضي عام أول خير من خياركم اليوم،
وكان رضي الله عنه يقول: أن الزمان الذي يحتاج الناس فيه إلى مثلنا لزمان سوء. ولد رضي الله عنه في الكوفة سنة سبع ومائة وسكن مكة وتوفي فيها سنة ثمان وتسعين ومائة ودفن بالحجون وهو ابن إحدى وتسعين سنة رضي الله عنه.
![]() |
![]() |