إيجازُ البَيَانِ عَنْ سِيرَةِ فَضِيلةِ الشَّيْخِ رَمَضَانْ
حَيَاةٌ لا مَوْتَ فِيهَا وَمَوْتٌ لا حَيَاةَ فِيه
3- الطريقة النقشبندية في دمشق:
![]() |
![]() |
3- الطريقة النقشبندية في دمشق:
تلتقي جميع الطرق الصوفية الكثيرة حول محور واحد هو التقرّب إلى الله عزَّ وجلَّ عن طريق ذكره ومداومة مراقبته في جميع الأعمال حتى يصل السالك إلى الإيمان الصادق واليقين الكامل. وللطريقة النقشبندية منهج خاص لإيصال المريد إلى هذه الغاية العظيمة، وهي تعتمد على الذكر الخفي بالاسم المفرد لفظ الجلالة: الله الله ... ويقول أحمد النقشبندي الخالدي في كتابه "جامع الأصول" إن الطريقة النقشبندية أسهل على المريد للوصول إلى درجات التوحيد، لأنّ "الجذب في هذه الطريقة مقدّم على السلوك، ... أما بقية الطرق فمبنية على تقديم السلوك على الجذب في الأغلب، ولذا قالوا: بداية الطريقة النقشبندية نهاية سائر الطرق"،[62] ويضيف إنه ليس فيها كثرة الجوع وكثرة السهر، بل تعتمد الاعتدال. وقد نقل طاشكُبري زاده في كتابه "الشقائق النعمانية" أن الشيخ بهاء الدين محمد نقشبند سئل عن جوهر هذه الطريقة فأجاب: "الخلوة في الكثرة، وتوجُّه الباطن إلى الحقِّ والظاهر إلى الخلق".[63]
تُنسب الطريقة النقشبندية إلى الشيخ بهاء الدين محمد شاه نقشبند، وكانت هذه الطريقة تسمى "الصِّدِّيقيَّة" نسبةً إلى أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه، وإليه يعود سند سلسلة شيوخ هذه الطريقة العليّة، وهو تلقاها عن سيدن محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.[64]
والشيخ بهاء الدين، قدَّس الله سرَّه، هو محمد شاه نقشبند البخاري، ولد سنة 717هـ/1317م في قرية قصر هندوان من قرى بخارى في أوزباكستان، وهي التي ينسب إليها الإمام البخاري رضي الله عنه. وفي سن مبكرة أخذه جده إلى سماس لخدمة العارف الكبير الشيخ محمد السماسي فتلقى الطريقة منه، وبعد وفاة الشيخ السماسي في سنة 755هـ/1354م ذهب إلى خليفته السيد أمير كلال وكان شيخه السَّمَّاسي قد أوصاه به. وبعد أن بذل أقصى جهده وأحسن في تربيته جمع السيد أمير كلال مريديه وقال لمحمد بهاء الدين أمامهم أنه قد بلغ منتهى مقدرته في تربيته حتى أصبح رجلاً عظيماً، ولكنَّ همته تتطلب العالي، ولذلك أجازه للبحث عن شيخ آخر يعرج به إلى مقام أعلى. بعد ذلك درس الشيخ بهاء الدين على عدد من الشيوخ وعلماء الشرع، وقد حج مرتين وسافر في بلدان شرق آسية. توفي الشيخ محمد بهاء الدين النقشبند سنة 791هـ/1388م، وقد ربَّى عشرات الألوف من المريدين وأجاز بعضهم إجازة مطلقة. ترك الشيخ بهاء الدين عدداً من المؤلفات أبرزها: الأوراد البهائية، سلك الأنوار، هداية السالكين، وتحفة الطالبين.
وكلمة نقشبند مركَّبة من "نقش" و"بند"، فالنقش هو الرسم والحفر وأصلها عربي وتستعمل بالفارسية، ويطلق اسم "نقشبند" في اللغة التركية القديمة على الرسّام والنقّاش الذي يعمل الوشي والنمنمة على الأقمشة، وبالتالي هي تعني هنا نقش اسم الله عزَّ وجلَّ ومحبته في قلب المريد عن طريق الذكر والمراقبة.
ومن بعد الشيخ محمد بهاء الدين نقشبند انتقلت هذه الطريقة عن طريق عدد من الشيوخ الكبار حتى وصلت إلى شيخ مشايخ الديار الهندية الشيخ عبد الله الدهلوي الذي ارتحل إليه الشيخ خالد البغدادي سنة 1224هـ/1809م وأخذ عنه الطريقة.
والشيخ خالد النقشبندي هو أبو البهاء ضياء الدين خالد بن أحمد بن حسين، ولد سنة 1193هـ/1779م في مدينة السليمانية في العراق، وبدأ مسيرته مع العلوم الدينية وحفظ القرآن في زمن قصير، ثم درس علوم اللغة من نحو وصرف، ونهل من علوم الفقه والتصوّف، ورحل طلباً للعلم الذي تلقاه على أيدي كبار العلماء. قام الشيخ خالد بعدة رحلات داخل العراق ثم قصد الحجاز للحج مرتحلاً عن طريق الموصل وديار بكر والرُّها وحلب ودمشق، واجتمع في هذه الحواضر بعلمائها الأعلام، ففي دمشق سمع من مدرِّس دار الحديث الشيخ محمد الكُزْبَري، وصحب تلميذه الشيخ مصطفى الكردي. وفي مكة أشار عليه أحد العلماء أن يقصد شيخ مشايخ الديار الهندية حضرة الشيخ عبد الله الدهلوي، فارتحل إليه سنة 1224هـ/1809م حيث أخذ عنه الطريقة النقشبندية بعمومها وخصوصها ومفهومها ومنصوصها، "فلم يمض عليه نحو خمسة أشهر حتى صار من أهل الحضور والمشاهدة، وبشره شيخه ببشارات كشفية قد تحققت بالعيان".[65] وبعد سنتين في الهند عاد الشيخ خالد إلى مدينة السليمانية وبدأ بإرشاد الناس في علمي الظاهر والباطن، ولكنَّ بعض الحسَّاد كادوا له عند الحاكم، فرحل إلى بغداد سنة 1228هـ/1813م، فلاحقه الحساد والأعداء بالكيد والدسّ عليه، فعاد إلى السليمانية وبقي فيها مدة ثم هاجر إلى دمشق سنة 1238هـ/1820م، مع عدد كبير من المريدين والخلفاء والعلماء من أمثال العلامة عبيد الله أفندي الحيدري مفتي بغداد سابقاً، والشيخ إسماعيل الأناراني، والشيخ عيسى الكردي.[66]
وعندما دخل الشيخ خالد دمشق سنة 1238هـ/1820م استقبله أهلها أحسن استقبال وهرع الناس لزيارته واحتفى به الحكام والأمراء والعلماء من أمثال محدّث الديار الشامية الشيخ عبد الرحمن بن محمَّد الكُزْبَري الحسني (1184هـ/1771م-1262هـ/1846م)، وشيخ الشام الشيخ حامد العطّار (1186هـ/1772م-1262هـ/1845م)، والشيخ العلامة حسن البيطار (1206هـ/1791م-1272هـ/1855م)، والشيخ حسن الشطّي (1205هـ/1790م- 1274هـ/1857م) شيخ الحنابلة في بلاد الشام،[67] وغيرهم من كبار العلماء.
ومع أنه لم يقض في دمشق سوى ست سنوات من عمره الذي لم يكد يكمل عقده الخامس (وقد توفي رحمه الله في سنة 1242هـ/1826م وقبره في السفح الشرقي لجبل قاسيون في المنطقة التي تسمى الآن باسمه: مولانا خالد)، إلا أن منزلته كانت عظيمة وشهرته بلغت الآفاق حتى أصبحت دمشق به مقصد العلماء الأعلام الذين كانوا يزحفون إليها من جميع البلدان للالتحاق بمدرسته التي أحيت مساجد دمشق بذكر الله عزَّ وجلَّ، وانتشر منها إلى بقاع عديدة، حيث تخرَّج على يديه عدد كبير من العلماء والخلفاء الذين أجازهم في الذكر وقراءة الختم، ثم انتشروا في شتى البلاد الإسلامية لتزكية الناس والدعوة إلى الإسلام.
وعن طريق تلاميذه، الذين يقول عنهم عبد المجيد الخاني في "الحدائق الوردية" إنّ عددهم يزيد عن المئة ألف،[68] استطاع الشيخ خالد البغدادي أن يثير اهتمام الناس حتى اعتنى به الخليفة العثماني وأولاه اهتماماً كبيرًا وأصدر مرسوماً بمعاقبة خصومه وتأديبهم. ولكنَّ هذ الانتشار الواسع أدّى في بعض الأحيان إلى بعض الخلافات بين المنتسبين لهذه الطريقة وظهر العديد من الشيوخ في البلاد المترامية للدولة العثمانية التي كانت تشهد مرحلة ما قبل التفكك بسبب العديد من الأزمات السياسية والاقتصادية، مما أدّى إلى تقهقر الطريقة النقشبندية في الشام وانحصرت في بعض المناطق الكردية شمال سورية.
ومع انهيار الدولة العثمانية إثر الحرب العالمية الأولى والحروب التي تلتها وخاصة بين روسية وتركية، هاجر المزيد من الأكراد إلى دمشق التي بدأت هجرتهم إليها في مراحل سابقة منذ عهد صلاح الدين الأيوبي. ومن بين هؤلاء الذين قدموا إلى دمشق كان الشيخ عيسى الكردي النقشبندي الذي كان له أثر كبير في إحياء الطريقة النقشبندية في دمشق.
والشيخ عيسى الكردي هو أبو شمس الدين عيسى بن طلحة بن عمر بن عاشور بن حسن الكردي، المولود سنة 1247هـ/1831م في قرية ترحم التابعة لديار بكر من شمال سورية، وينتسب أبوه إلى قبيلة بوطان من أشهر عشائر الأكراد. رحل الشيخ عيسى في طلب العلم إلى ديار بكر، وسافر إلى الحجاز، وزار مصر، ونزل دمشق ومكث بها في قبة الشيخ خالد النقشبندي، ثم رجع إلى بلاده فأخذ العلم عن بعض المشايخ، وعمل مدرِّساً. وفي سنة 1284هـ/1867م أجازه الشيخ عبد الله البيداري في الإرشاد. ثم انتقل إلى بلاد بشيري من نواحي الأكراد ليعمل مرشداً صوفياً، وبعد سنة 1294هـ/1877م رحل بأهله مهاجراً إلى الشام، وصاحب علماءها، حيث اشتغل بالعلم إلى جانب الوعظ والإرشاد مدة طويلة، وانتفع به خلق كثير، وبلغ مريدوه أكثر من خمسة آلاف، وكان يتصف بالخُلُق الكريم، والتواضع، ولا يهاب أحداً في الحق. توفي الشيخ عيسى الكردي النقشبندي في دمشق سنة 1331هـ/1912م وقد كتب عنه الشيخ محمد أبو الخير الميداني[69] رسالة قصيرة لا تزال مخطوطة.[70]
تفرَّغ الشيخ عيسى الكردي للتزكية وقاد نهضة إصلاحية من خلال خدمته للطريقة النقشبندية، وتكاثر مريدوه حتى بلغوا الآلاف، وكانوا يتوافدون عليه من نواحي دمشق وأريافها، وقد برع منهم الكثير مثل الشيخ عطا الكسم (1260هـ/1844م-1357هـ/1938م) الذي أصبح مفتياً عاماً للجمهورية السورية، والشيخ محمد أبو الخير الميداني (1875هـ/1291م-1961هـ/1380م) الذي أصبح رئيساً لرابطة العلماء، وقد زوّجه الشيخ عيسى ابنته فاطمة الملقبة بعين الحياة، والشيخ إبراهيم الغلاييني (1300هـ/1882م-1378هـ/1958م) الذي قاد نهضة إصلاحية كبيرة في ريف دمشق والبقاع اللبناني، والشيخ محمد أمين كفتارو (1294هـ/1877م-1357هـ/1938م) الذي أسس حركة الدعوة في جامع أبو النور كما سنتحدّث عنه بعد قليل، والشيخ أمين الكردي الأيوبي الزملكاني (1270هـ/1853م-1346هـ/1927م) الذي تولى مشيخة الطريقة النقشبندية من بعد الشيخ عيسى، والشيخ أحمد بهاء الدين الحسني شقيق العلامة الشيخ بدر الدين الحسني شيخ الشام ومحدِّثها الذي سيرد ذكره بعد قليل، والشيخ صادق الشمعة، والشيخ مصطفى الحلو، والشيخ صالح كفتارو، والشيخ بكري الحمصي الحافظ، والشيخ سليم نطفجي، والشيخ محمد حسن الكردي، وهو ابن الشيخ عيسى، والشيخ عبد الله الكزبري، والشيخ محمد النحَّاس، والشيخ أحمد عبد الحفيظ، والشيخ طالب المسطول، والشيخ عبد الرحمن بن يونس الجزماتي، والشيخ إبراهيم سلامة.[71]
أوصى الشيخ عيسى قبل وفاته الشيخ محمد أمين الأيوبي المعروف بالزملكاني، بمتابعة مسيرته مع أنه كان أمّيّاً، ولكنَّه كان من أخلص تلاميذ الشيخ عيسى وأكثرهم قرباً منه، وهو من مواليد سنة 1270هـ/1853م من بلدة زملكا في دمشق، وقد عمل مع والده في الزراعة، وكان يحضر مجالس علماء دمشق، ثم اتصل بالشيخ عيسى الكردي فخدمه خدمة صادقة، وكان تلامذة الشيخ عيسى يتسابقون إليه عند صلاة الفجر في حي الأكراد في منطقة ركن الدين في جبل قاسيون، فكان الشيخ محمد أمين يصل أوَّل الناس حتى في أوقات الشتاء والثلج. يقول الشيخ أبو الخير الميداني، الذي كان زميله عند الشيخ عيسى، أنه مرة كان الثلج كثيفاً حتى قطع الطرق فقرر أنه سيسبقه ويكون عند شيخه قبل الشيخ محمد أمين، ولكنَّه لما وصل فوجئ به أنه قد سبقه. فقد كانت له همة عالية في العبادة والمجاهدة والذكر، وكان يفضل للمريد ستر أحواله حتى لا يغترَّ بنفسه، فكان ينقل عن شيخه قوله: "اجعل نفسك كالتراب حتى يطأك الخلق فتصير غباراً يعلو على الرؤوس." توفي رحمه الله سنة 1346هـ/1927م ودفن في مقبرة مولانا خالد النقشبندي.[72]
فلما انتقل الشيخ محمد أمين الزملكاني إلى جوار ربه تابع المسيرة بعده الشيخ محمد أمين كفتارو الذي تفرّغ كلّياً في جامع أبو النور بحسب وصية شيخه الشيخ عيسى الكردي الذي أجازه في العلم والتربية والتزكية قبل سنة واحدة من وفاته.
ولد الشيخ محمد أمين كفتارو سنة 1292هـ/1875م في قرية كرمة من قضاء ماردين جنوب شرق تركية المتاخمة للحدود السورية، وكان والده الملا[73] موسى نظير[74] من العلماء الكبار هناك ثم هاجر إلى دمشق حينما كان ابنه الشيخ محمد أمين لا يزال في السنة الأولى من عمره. وعندما وصل الشيخ موسى إلى دمشق نزل بأهله في سفح جبل قاسيون واستقرَّ في حي ركن الدين قرب جامع أبو النور، الذي كان في ذلك الوقت مصلى صغيراً دُفن فيه الأمير زين الدين أبو سعيد قراجا الناصري الملقب بأبي النور عام 604هـ/1208م، وهو أحد القادة المجاهدين الذين شاركوا صلاح الدين الأيوبي في تحرير بيت المقدس.
ويذكر الشيخ موسى أن سبب أنسه بجامع أبو النور هو أنه لما حطّ رحاله في هذا الجامع الصغير كان متعباً فخطر له أن يستريح في باحة المسجد فجلس وأراد أن يمد رجليه شرقاً ولكنَّه تذكر مقام الشيخ خالد النقشبندي، ثم أراد أن يمدهما غرباً فتذكر مرقد الشيخ محي الدين ابن العربي، وخاف أن يمدهما جنوباً حيث توجد مقامات الصحابة، وأشفق أن يمدهما شمالا حيث يوجد مقام الأربعين الأبدال في قلب جبل قاسيون. فلما تحير جث على ركبتيه وأخذته سِنة من النوم، فرأى مولانا خالد النقشبندي يلاطفه ويقول له "مدَّ رجليك نحونا فالبساط أحمدي".
نذر الشيخ محمد أمين بن موسى كفتارو حياته منذ نعومة أظفاره لطلب العلم، وأخذ ينهل من معين العلماء والصالحين، وعكف على تحصيل العلوم الشرعية من فقه وأصول وتفسير، وحديث، ثم قام بعد ذلك بعقد حلقات التعليم في جامع أبو النور حتى أرشده أخوه الشيخ صالح إلى الشيخ عيسى الكردي فلازمه حتى وفاته سنة 1331هـ/1912م.
|
سماحة الشيخ أحمد كفتارو ووالده الشيخ محمد أمين |
كان الشيخ محمد أمين يؤكد على أهمية التربية الروحية التي تلتزم بالكتاب والسنة، وكان يَعدُّ التصوف وسيلة للوصول إلى مقاصد الشرع لأنه يساعد على تزكية النفس وتطهير القلب وتقوية الإرادة. ولقد كانت المرحلة في بداية القرن التاسع عشر تتميز بظهور بعض النزعات نحو التعصب المذهبي الذي نبذه الشيخ أمين بقوة ودعا إلى دراسة الفقه الإٍسلامي الذي يوفق بين المذاهب، ولذلك قرر تدريس كتاب الميزان للإمام عبد الوهاب الشعراني، وكتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد. وقد اشتهر عن الشيخ أمين قوله: "المذاهب الإسلامية مظهر ثراء لا مظهر فوضى، ودليل ضبط لا دليل اضطراب، والفقيه هو الذي ل يحول بينه وبين الكتاب والسنة رأي بشر كائناً من كان."[75]
تابع الشيخ محمد أمين دروسه في جامع أبو النور وجوامع دمشق الأخرى مثل مسجد سعيد باشا، والمناخلية، والأحمدية، والأقصاب، وعندما بلغ الثالثة والستين من العمر أصيب بوعكة في جسده توفي على إثرها يوم الأحد في السابع والعشرين من شهر رمضان سنة 1357هـ/1938م، وكان قد أوصى أن يخلفه من بعده نجله الشيخ أحمد كفتارو.
وخلال العقود الثلاثة التي قضاها في التدريس ترك رحمه الله أثراً كبيراً في مسيرة الإصلاح في بلاد الشام التي تابعها العديد من تلامذته الكبار من أمثال الشيخ عبد الرؤوف الأسطواني القاضي الشرعي الأول الأسبق في دمشق، والشيخ محمد بشير الباني الذي كان مستشاراً لمحكمة النقض وخطيباً للجامع الأموي، والعلامة الشيخ عبد الهادي الباني، والدكتور مدحت شيخ الأرض السفير الأسبق للمملكة العربية السعودية في عدد من البلدان الأوربية ورئيس المركز الإسلامي في جنيف بسويسرا، والدكتور عارف الطرقجي رئيس الطب الشرعي الأسبق في الجامعة السورية، بالإضافة إلى نجله الشيخ أحمد كفتارو الذي قاد المسيرة من بعده، والذي انتُخب سنة 1964م من قبل علماء دمشق ليصبح المفتي العام للجمهورية العربية السورية، حتى وفاته قدَّس الله سرَّه العزيز.
والشيخ أحمد بن محمد أمين كفتارو النقشبندي هو الشيخ المربي للشيخ رمضان صبحي ديب الدمشقي الذي نحن في حضرته، ولقد عاصره على مدى خمسة وستين عاماً منذ توليه الطريقة سنة 1357هـ/1938م وحتى وفاته قدّس الله روحه في الثامن عشر من شهر رجب سنة 1425 هجرية وهو الموافق للأول من شهر أيلول سنة 2004 ميلادية، ولذلك سوف نترك الحديث عن حياته وإنجازاته إلى ثنايا هذا الكتاب بالتوازي مع الحديث عن حياة فضيلة الشيخ رمضان أطال الله في عمره وبارك له في صحته.
![]() |
![]() |







