موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب الإسفار عن نتائج الأسفار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

سفر النجاة وهو سفر نوح عليه السلام

 

 


لما عرف نوح عليه السلام ان القرآن الذي قدره اللّه واجراه حكمه قد قرب وقته ورأى أن ذلك يكون في برج السرطان وهو مائي وهو البرج الذي خلق اللّه الدنيا به وهو منقلب غير ثابت ولما كان البرج بهذه الصفة فكان طالع الدنيا به شاء الحق بفنائه وانقلابها إلى الدار الآخرة مثل طالعها وهو الأسد برج ثابت وهذه حكمة عليم فاخذ نوح عليه السلام ينشئ السفينة ولم يكن آيته صلى اللّه عليه وسلم في القرآن ولا في الطوفان فإنه ربما أدرك علم ذلك بعض أصحابه من العلماء فشورك فيه فجعل آيته التنور

ولو قال بالقرآن لكان علما لا علامة ولا آية ولهذا سخر به قومه وربما سخر به أصحاب علم التعاليم من أهل عصره حتى كان من امره ما كان وخلف ابنه لكونه عمل غير صالح فكان من المغرقين وسافر نوح بأصحابه وجعل في السفينة من كل زوجين اثنين

وقال ( ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ )

بعد ما فار التنور والقت الحاملات حملها فجمع له في الاهلاك بين المائين ماء الأرض وماء السماء ولم تزل تجرى بهم السفينة في موج كالجبال ونوح عليه السلام ،

ينادى ( يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَن )

والابن ينادى ( سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ )

ونوح عليه السلام يقول لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّ مَنْ رَحِمَ وهم أهل السفينة فان دعاءه لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً

سبقت وأجيبت فغرق من آوى إلى الجبل وكل من لم يكن في السفينة ثم جاء النداء من الغيب من الهواء فإنه لم يذكر المنادى نفسه فيه

وجاء بالقول دون النداء للقرب فبلعت الأرض ماءها واقلعت السماء وانتقص الماء واستوت سفينة النجاة على الجودى إشارة إلى الجود الإلهي وقال هذا القول من هذا المقام ( بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )*

وهم الذين سخروا فاعلم أن اللّه عز وجل انهى السر اللطيف الذي اقامه الحق في هذه المنزلة منزلة نبيه نوح عليه السلام قد سوى سفينتك وصنعها بيديه ووحيه

وكانت عند وحيه بعينه يعنى محفوظة بحيث أراها يقول اللّه تعالى فمن أنت حتى ينزل الحق لك هذا النزول ولا سيما من مقام الإنابة .

ثم إن نفسك الامارة بالسوء وشيطانك ودنياك وهواك لم يزالوا يسخرون بك م دمت تنشىء هذه السفينة نشأة النجاة والتنور محل النار إلى جانبك

يقول لهم منه يخرج الماء وهم قد تحققوا ان المقابل من جميع الوجوه ل يستحيل لمقابله أصلا فسخروا وقالوا انك ناقص العقل فما فرقوا بين محل النار والماء وذلك لجهلهم بجوهر العالم وصوره فلو علموا ان النار صورة في الجوهر والماء أيض صورة في الجوهر لما سخرو .

وانما تخيلوا ان الماء جوهر وان النار جوهر ثم تقابلا تقابلا فاحالوا م قال وسخروا منه وأنت مشتغل بانشاء سفينتك اى سفينة نجاتك واستعدادك لامر اللّه تعالى عن امر اللّه وهو الأن

فقل للساخرين انهم ان هلكوا في شئ فهم لما هلكوا فيه لا يخرجون منه ابد وزيادة فاركب في سفينتك بالباء التي هي اسم اللّه

وأقم الف التوحيد بين الباء وسين باسم فإنك لا ترى في هذه الرحمن الرحيم

فنحن نتخلف عن سفينتك فان جريانها بالباء وهي الحافظة وبالباء مرساه بساحل الجود الإلهي فان بالجود ظهر الوجود فظهر بالجودى ما كان في السفينة والق في سفينتك من كل زوجين اثنين للتوالد والتناسل

فان تضرب العالم العلوي في العالم السفلى تتكون أنت والمولدات كلها فلا بد من تحصيل الزوجين في هذا السفر فإنه سفر هلاك .

ولما كان الماء يماثل العلم في كون الحياة عنهما حسا ومعنى لهذا أهلكو بالماء لردهم العلم وكان من التنور لأنهم ما كفروا الا بماء التنور وما ردوا ال العلم الذي شافههم به على لسان تنور جسمه

وما علموا انه مترجم عن معناه الذي هو النور المطلق فانحجبوا بماء التنور عن التنور وما علموا انه النور دخلت عليه تاء تمام النشأة بوجود الجسم فعاد تنور اى نورا تام الملك فهو نور النار مظهره .

واما إحالة الاستحالة فصحبهم فيما جهل وذلك لو أنهم نظروا إلى التنور لرأوه ينبع الماء منه وليس بينهما تقابل من جميع الوجوه فان البرودة جامعة فقد جهلوا سر اللّه في الطبيعة وسر اللّه في اختصاص التنور فهلكو

وما هلك كل من شافهه بالخطاب الا بماء التنور خاصة لأنهم ما ردوا سواه وسائر العالم انما أهلك بماء التنور وماء السماء وماء السماء فهو ماء الدولاب الدائر فإنه مقطر في انبيق الزمهرير وانه عاد إلى مأمنه انتشار واهلاك اللّه عز وجل بالنار لكن هنا واسطة الرسالة فادرج النار في الماء لما لم يكشف عن الساق فأخرج النار الرطوبات والبخارات واخذ علو

وقد عاد النار بخارا واخذ في الجو اخذ الدولاب إذا خرج من الماء فما زال يصعد حتى بلغ دائرة الزمهرير فتقاطر مطرا بتقدير العزيز العليم فليست الا دوائر التقدير في كرة الانشاء لا تزال ابدا في الدنيا ولا في الآخرة

فنتج هذا السفر وقف الحكمة الإلهية مع القدرة النافذة في التناسل على الزوجين ونتج له ان الإلهية إذا لم تكن علوية فليست بصحيحة النسب عليه ونتج له ان الجود علة تكون النجاة

الا ترى ان موسى عليه السلام لما أراد أن يدعو على قومه بالهلاك دعا عليهم بالبخل فلما بخلوا هلكوا وتبين ان كل كون في العالم لابد ان يتوجه عليه القول

فتارة يغيب الغيب إذا جاء القول على بناء ما لم يسم فاعله مثل وجئ يومئذ بجهنم وقيل بعدا وقيل يا ارض ابلعي ماءك

وتارة بالانا كقوله إذا قلنا وتارة بالألوهية مثل قال اللّه وتارة بالربوبية مثل قال ربك فكل قول بحسب الاسم الذي يضاف اليه فمن سافر سفر نوح

فإنه سيعرف من العلوم البرزخية والكونية شيئا وفي هذا السفر يتعلم الصنعة ولهذا اخرها الجود فإنها من اجل الجود وجدت ويكفى هذا القدر من سفر نوح فان سره يطول .


mdtxDk12MpU

 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!