موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب عوارف المعارف

للشيخ الإمام شهاب الدين عمر السهروردي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


الباب الثالث والثلاثون في آداب الطهارة ومقدماته

الباب الثالث والثلاثون في آداب الطهارة ومقدماته

قال الله تعالى في وصف أصحاب الصفة: {فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا والله يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (١٠٨)} (١).

قيل في التفسير: يحبون أن يتطهروا من الأحداث والجنايات والنجاسات بالماء.

قال الكلبي: هو غسل الأدبار بالماء.

وقال عطاء: كانوا يستنجون بالماء، ولا ينامون بالليل على الجنابة.

روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأهل قباء لما نزلت هذه الآية: «إن الله تعالى قد أثني علىكم في الطهور فما هو؟ قالوا إنا نستنجي بالماء».

وكان قبل ذلك قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا أتي أحدكم الخلاء فليستنج بثلاثة أحجار».

وهكذا كان الاستنجاء في الابتداء حتى نزلت الآية في أهل قباء.

قيل لسلمان: قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة.

فقال سلمان: أجل نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو نستنجي باليمين، أو يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار، أو نستنجي برجيع أو عظم.

حدثنا شيخنا ضياء الدين أبو النجيب إملاء قال أنا أبو منصور الحريمي قال أنا أبو بكر الخطيب قال أنا أبو عمرو الهاشمي قال أنا أبو على اللؤلؤي قال أنا أبو داود قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا ابن المبارك

__________

١) سورة التوبة: الآية ١٠٨.

عن ابن عجلان عن القعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال صلى الله عليه وسلم «إنما أنا بمنزلة الوالد أعلمكم، فإذا أتي أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، ولا يستطيب بيمينه».

وكان يأمر بثلاثة أحجار، وينهي عن الروث والرمة.

والفرض في الاستنجاء شيئان: إزالة الخبث، وطهارة الذيل، وهو ألا يكون رجيعا وهو الروث، ولا مستعملا مرة أخري، ولا رمة، وهي عظم الميتة. ووتر الاستنجاء سنة، فإما ثلاثة أحجار أو خمس أو سبع، واستعمال الماء بعد الحجر سنة.

وقد قيل في الآية: {يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} (١).

ولما سئلوا عن ذلك قالوا: كنا نتبع الماء الحجر.

والاستنجاء بالشمال سنة، ومسح اليد بالتراب بعد الاستنجاء سنة، وهكذا يكون في الصحراء إذا كانت أرضا طاهرة وترابا طاهرا.

وكيفية الاستنجاء أن يأخذ بيساره ويضعه على مقدم المخرج قبل ملاقاة النجاسة ويمره بالمسح، ويدير الحجر في مره حتى لا ينقل النجاسة من موضع إلى موضع.

يفعل ذلك إلى أن ينتهي إلى مؤخر المخرج، ويأخذ الثاني ويضعه على المؤخر كذلك ويمسح إلى المقدمة، وياخذ الثلث ويديره حول السرية. وإن استجمر بحجر ذي ثلاث شعب جاز.

وأما الاستبراء إذا انقطع البول فيمد ذكره من أصله ثلاثا إلى الحشفة يرفق لئلا يندفق بقية البول، ثم ينثره ثلاثا، ويحتاط في الاستبراء بالاستنقاء وهو أن يتنحنح ثلاثا، لأن العروق ممتدة من الحلق إلى الذكر.

__________

١) سورة التوبة: الآية ١٠٨.

وبالتنحنح تتحرك وتقذف ما في مجري البول، فإن مشي خطوات وزاد في التنحنح فلا بأس، ولكن يراعي حد العلم، ولا يجعل للشيطان عليه سبيلا بالوسوسة فيضي الوقت، ثم يمسح الذكر ثلاث مسحات أو أكثر إلى أن يري الرطوبة.

وشبه بعضهم الذكر بالضرع وقال: لا يزال تهر منه الرطوبة مادام يمد، فيراعي الحد في ذلك، ويراعي الوتر في ذلك أيضا.

والمسحات تكون على الأرض الطاهرة أو حجر طاهر، وإن احتاج إلى أخذ الحجر لصغره فليأخذ الحجر باليمين والذكر باليسار ويمسح على الحجر، وتكون الحركة باليسار لا باليمين لئلا يكون مستنجيا باليمين.

وإذا أراد استعمال الماء انتقل إلى موضع آخر وينقع الحجر ما لم ينتشر البول على الحشفة.

وفي ترك الاستنقاء في الاستبراء وعيد ورد فيما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: «إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما هذا فكان لا يستبرئ من البول، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة. ثم دعا بعسيب رطب فشقه اثنين ثم غرس على هذا واحدا وعلى هذا واحدا وقال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا».

والسبب الجريد. وإذا كان في الصحراء يبعد عن العيون.

روي جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد.

وروي المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأتي النبي عليه السلام حاجته فأبعد في المذهب.

وروي أن النبي عليه السلام كان يتبوأ لحاجته كما يتبوأ الرجل المنزل، وكان يستتر بحائط أو نشز من الأرض، أو كوم من الحجارة.

ويجوز أن يستتر الرجل براحلته في الصحراء أو بذيله إذا حفظ الثوب من الرشاش.

و يستحب البول في أرض دمثة، أو على تراب مهيل.

قال أبو موسي: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أن يبول، فأتي دمثا في أصل جدار فبال ثم قال: «إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله».

وينبغي ألا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، ولا يستقبل الشمس والقمر، ولا يكره استقبال القبلة في البنيان، والأول اجتنابه لذهاب بعض الفقهاء إلى كراهية ذلك في البنيان أيضا، ولا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض، ويتجنب مهاب الرياح احترازا من الرشاش.

قال رجل لبعض الصحابة من الأعراب وقد خاصمه: لا أحسبك تحسن الخراءة، فقال بلى وأبيك إني بها لحاذق. قال فصفا لي.

فقال: أبعد الشر، وأعد المدر، واستقبل الشيح، واستدبر الريح، وأقعي إقعاء الظبي، وأجفل إجفال النعام، يعني أستقبل أصول النبات من الشيخ وغيره، وأستدبر الريح احترازا من الرشاش والإقعاء ههنا أن يستوفز على صدور قدميه. والإجفال أن يرفع عجزه.

يقول عند الفراغ من الاستنجاء: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وطهر قلبي من الرياء، وحصن فرجي من الفواحش.

ويكره أن يبول الرجل في المغتسل.

روي عبد الله بن مغفل أن النبي عليه السلام نهي ن يبول الرجل في مستحمه وقال: «إن عامة الوسواس منه».

وقال ابن المبارك: يوسع في البول في المستحم إذا جري فيه الماء.

وإذا كان في البنيان يقدم رجله اليسري لدخول الخلاء ويقول قبل الدخول: بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث.

حدثنا شيخنا شخ الإسلام أبو النحيب السهروردي قال أنا أبو منصور المقري قال أنا أبو بكر الخطيب قال أنا أبو عمرو الهاشمي قال أنا أبو على اللؤلؤي قال أنا أبو داود قال حدثنا عمر وهو ابن مرزوق البصري قال حدثنا شعبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

«إن هذه الحشوش محتضرة فإذا أتي أحدكم الخلاء فليقل أعوذ بالله من الخبث والخبائث».

وأراد بالحشوش الكنف. وأصل الحش جماعة النخل الكثيف، كانوا يقضون حوائجهم إليها قبل أن تتخذ الكنف في البيوت. وقوله محتضرة أي يحضرها الشياطين.

وفي الجلوس للحاجة يعتمد على الرجل اليسري، ولا يتولغ بيده، ولا يخط الأرض والحائط وقت قعوده، ولا يكثر النظر إلى عورته إلا للحاجة إلى ذلك، ولا يتكلم، فقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عوراتهما يتحدثان، فإن الله تعالى يمقت على ذلك».

ويقول عند خروجه: غفرانك، الحمد لله الذي أذهب عني ما يؤذيني وأبقي على ما ينفعني».

ولا يستصحب معه شيئا عليه اسم الله من ذهب وخاتم وغيره، ولا يدخل حاسر الرأس.

روت عائشة رضي الله عنها عن أبيها أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: استحبوا من الله فإني لأدخل الكنيف فألزق ظهري وأغطي رأسي استحياء من ربي عز وجل.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!