موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب عوارف المعارف

للشيخ الإمام شهاب الدين عمر السهروردي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


الباب التاسع والثلاثون في فضل الصوم وحسن أثره

الباب التاسع والثلاثون في فضل الصوم وحسن أثره

روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الصبر نصف الإيمان، والصوم نصف الصبر».

وقيل: ما في عمل ابن آدم شيء إلا ويذهب برد المظالم إلا الصوم فإنه لا يدخله قصاص.

ويقول الله تعالى يوم القيامة: هذا لي فلا يقتص أحد منه شيئا.

وفي الخبر «الصوم لي وأنا أجزي به».

قيل: أضافه إلى نفسه، لأن فه خلقا من أخلاق الصمدية. وأيضا لأنه من أعمال السر من قبيل التروك، لا يطلع عليه أحد إلا الله.

وقيل في تفسير قوله تعالى {السّائِحُونَ} (١). الصائمون، لأنهم ساحوا إلى الله تعالى بجوعهم وعطشهم.

وقيل في قوله تعالى: {إِنَّما يُوَفَّي الصّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ} (٢).

هم الصائمون، لأن الصبر اسم من أسماء الصوم، ويفرغ للصائم إفراغا، ويجازف له مجازفة.

وقيل: أحد الوجوه في قوله تعالى: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)} (٣) كان عملهم الصوم.

__________

١) سورة التوبة: الآية ١١٢.

٢) سورة الزمر: الآية ١٠.

٣) سورة السجدة: الآية ١٧.

وقال يحيي بن معاذ: إذا ابتلي المريد بكثرة الأكل بكت عليه الملائكة رحمة له، ومن ابتلي بحرص الأكل فقد أحرق بنار الشهوة.

وفي نفس ابن آدم ألف عضو من الشر كلها في كف الشيطان متعلق بها، فإذا جوع بطنه، وأخذ حلقه، وراض نفسه، يبس كل عضو أو احترق بنار الجوع، وفر الشيطان من ظله.

وإذا أشبع بطنه، وترك حلقه في لذائذ الشهوات، فقد رطب أعضاءه، وأمكن للشيطان. والشبع نهر في النفس ترده الشياطين، والجوع نهر في الروح ترده الملائكة، وينهزم الشيطان من جائع نائم، فكيف إذا كان قائما ويعانق الشيطان شبعانا قائما، فكيف إذا كان نائما. فقلب المريد الصادق يصرخ إلى الله تعالى من طلب النفس الطعام والشراب.

دخل رجل إلى الطيالسي وهو يأكل خبزا يابسا قد بله بالماء مع ملح جريش، فقال له كيف تشتهي هذا؟ قال: أدعه حتى أشتهيه.

وقيل: من أسرف في مطعمه ومشربه، يعجل الصغار والذل إليه في دنياه قبل آخرته.

وقال بعضهم: الباب العظيم الذي يدخل منه إلى الله تعالى قطع الغذاء.

وقال بشر: إن الجوع يصفي الفؤاد، ويميت الهوي، ويورث العلم الدقيق.

وقال ذو النون: ما أكلت حتى شبعت، ولا شربت حتى رويت، إلا عصيت الله أو هممت بمعصية.

وروي القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يأتي علىنا الشهر ونصف الشهر ما ندخل بيتنا نار لا لمصباح ولا لغيره.

قال: قلت سبحان الله، فبأي شيء كنتم تعيشون؟ قالت: بالتمر والماء.

وكان لنا جيران من الأنصار جزاهم الله خيرا كانت لهم منائح فربما واسونا بشيء.

وروي أن حفصة بنت عمر رضي الله عنهما قالت لأبيها: إن الله قد أوسع الرزق فلو أكلت طعاما أكثر من طعامك، ولبست ثيابا الين من ثيابك؟

فقال إني أخاصمك إلى نفسك، ألم يكن من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا يقول مرارا، فبكت، فقال قد أخبرتك والله لأشاركنه في عيشه الشديد لعلى أصيب عيشة الرخاء.

وقال بعضهم: ما نخلت لعمر دقيقا إلا وأنا له عاصز

وقالت عائشة رضي الله عنها: ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة ايام من خبز بر حتى مضي لسبيله.

وقالت عائشة رضي الله عنها: أديموا قرع باب الملكوت يفتح لكم قالوا:

كيف نديم؟ قالت: بالجوع والعطش والظمأ.

وقيل: ظهر إبليس ليحيي بن زكريا عليهما السلام وعليه معاليق، فقال ما هذه؟

قال: الشهوات التي أصيب بها ابن آدم. قال هل تجد لي فيها شهوة؟ قال:

لا غير أنك شبعت ليلة فثقلناك عن الصلاة والذكر.

فقال: لا جرم أني لا أشبع أبدا. قال إبليس: لا جرم أني لا أنصح أحدا أبدا.

وقال شقيق: العبادة حرفة، وحانوتها الخلوة، وآلاتها الجوع.

وقال لقمان لابنه: إذا ملئت المعدة نامت الفكرة، وخرست الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العبادة.

وقال الحسن: لا تجمعوا بين الأدمين فإنه من طعام المنافقين.

وقال بعضهم: أعوذ بالله من زاهد قد أفسدت معدته ألوان الأغذية.

فيكره للمريد أن يوالي في الإفطار أكثر من أربعة أيام، فإن النفس عند ذلك تركن إلى العادة، وتتسع بالشهوة.

وقيل: الدنيا بطنك، فعلى قدر زهدك في بطنك زهدك في الدنيا.

وقال عليه السلام: «ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن، حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه.

وقال فتح الموصلي: صحبت ثلاثين شيخا كل يوصيني عند مفارقتي إياه بترك عشرة الأحداث، وقلة الأكل.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!