موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب العظمة

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ملحق 2 حضرة العظمة

 

 


إنّ العظيم الّذي تعظّمه .... أفعاله ليس من يقول أنا

ومن يقل إنّما تعظّمه .... أحسابه لا أرى له ثمنا

فلا تعظّمه إنّه رجل .... يحشر يوم الحساب في الجبنا

يدعى صاحبها عبد العظيم ، وحال هذا العبد الاحتقار التام مع كونه محلا للعظمة فيفنيه عن نفسه ،

وما رأيت أحدا يحكم هذا المقام إلّا شخصا واحدا من حديثه الموصل ، وأخبرني شيخي أبو العباس العريني من أهل العليا من غرب الأندلس أنه رأى واحدا أيضا من أهل هذه الحضرة ،

وقد تلبس كالحلاج فيعظم جسمه في أعين الناظرين بالأبصار ، وأمّا حكمها في النفوس فكثير الوقوع ، فإنه تقع أمور كثيرة يعظم في النفوس قدرها بحيث لا تتسع النفس لغيرها ، ولا سيما في الأمور الهائلة التي تؤثر الخوف في النفوس .

وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ[ الحج : 32 ] .

وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ[ الحج : 30 ] .

إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ[ لقمان : 13 ].

ولكن في نفس الموحد يشاهد عظمته في نفس المشرك لا في نفسه فيشاهده ظلمة عظيمة إذا أخرج يده فيها لم يكد يراها .

 

واعلم  أن العظمة حال المعظّم ( اسم فاعل ) لا حال المعظّم ( اسم مفعول ) إلّا أن يكون الشيء يعظم عنده ذاته فعند ذلك تكون العظمة حال المعظّم لأن المعظّم ( اسم فاعل ) ما عظمت عنده إلّا نفسه فهو من كونه معظما نفسه كانت الحال صفته ، وما عظم سوى نفسه ، فالعظمة حال نفسه ، وهذه الحالة توجب الهيبة والإجلال والخوف فيمن قامت بنفسه .

قال بعضهم :

كأنّما الطّير فوق أرؤسهم .... لا خوف ظلم ولكن خوف إجلال

لما في قلوبهم من هيبته وعظمته ،

وقال الآخر :

أشتاقه فإذا بدا  ....  أطرقت من إجلاله

لا خيفة بل هيبة  ....  وصيانة لجماله

 

وهذه الأسباب كلها موجبات لحصول العظمة في نفس هذا المعظم إلّا من عظمة الحق في القلوب لا توجبها إلّا المعرفة في قلوب المؤمنين ، وهي من آثار الأسماء الإلهية . فإن الأمر يعظم بقدر ما ينسب إلى هذه الذات المعظمة من نفوذ الاقتدار وكونها تفعل ما تريد ولا رادّ لحكمها ، ولا يقف شيء لأمرها فبالضرورة تعظم في قلب العارف بهذه الأمور ،

وهي العظمة الأولى الحاصلة لمن حصلت عنده من الإيمان ،

والمرتبة الثانية من العظمة هي ما يعطيه التجلي في قلوب أهل الشهود والوجود من غير أن يخطر لهم شيء من تأثير الأسماء ، ولا من الأحكام الإلهية بل بمجرد التجلي تحصل العظمة في نفس من يشاهده ،

وهذه العظمة الذاتية لا تحصل إلّا لمن شاهده به لا بنفسه ، وهو الذي يكون الحق بصره ولا أعظم من الحق عند نفسه ، فلا أعظم من الحق عند من يشهده في تجليه ببصر الحق لا ببصره ،

فإن بصر كل إنسان وكل مشاهد بحسب عقده وما أعطاه دليله وهذا الصنف من أهل العظمة خارج عمّا ارتبطت عليه أفئدة العارفين من العقائد فيرونه من غير تقييد فذلك هو الحق المشهود ،

فلا يلحق عظمتهم عظمة معظم أصلا ، وما أحسن ما جاء هذا الاسم حيث جاء في كلام اللّه ببنية فعيل فقال : عظيم .

وهي بنية لها وجه إلى الفاعل ووجه إلى المفعول .

 

ولما كان الحق عظيما عند نفسه كان هو المعظّم والمعظّم فأتى بلفظ يجمع الوجهين كالعليم سواء ، وقد يرد هذا البناء ويراد به الوجه الواحد من الوجهين كالاسم الحليم ، هذا لسان الظاهر وعلم الرسم .

وأمّا علم الحقيقة المعتمد عليه عند العارفين .

فكل فعيل في أسماء الحق وصفاته ونعوته كالحليم والعليم والكريم فلا فرق بين هذه الأسماء وبين العظيم في دلالتها على الوجهين ، وذلك لكونه هو الظاهر في مظاهر أعيان الممكنات فما حلم إلّا عنه ولا تكرم إلّا عليه .

 

ألا ترى حكم إيجاد المرجح إيجاده عند المتكلمين إلّا بالقدرة أو القادرية عند بعضهم ، أو بكونه قادرا عند طائفة فهو القادر ، ولا يترجح الممكن إلّا بالإرادة كما قلنا في القدرة على ذلك الترتيب والمساق فهو المريد.

فالمريد إذا أراد ترجيح الوجود على العدم في المخلوق إن لم يكن هو القادر على ذلك ، وإلّا فعدم الإرادة أو وجودها على السواء .

فيحتاج المريد إلى القادر بلا شك والعين واحدة ما ثمّ عين زائدة مع اختلاف الحكم .

 

فلهذا قلنا في هذا البناء في حق الحق بطلب الوجهين ولا يقدر أحد من الطوائف من العلماء باللّه على مثل هذا العلم الإلهي إلّا العلماء الراسخون من أهل اللّه الذين هوية الحق علمهم كما هي سمعهم وبصرهم فاعلم ذلك.

واللّه يقول الحق وهو يهدي السبيل.

تم بحمد الله رب العالمين



 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!