موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب العظمة

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

7 - حضرة تميّز الثاني باب أوله ألف وصل وآخره نون وهو الباب السابع

 

 


 

إذا لاح علم الهداية للبصائر طلبته اللطائف بهياكلها ، وذلك لأن العبد إذا أشرقت لعينه أنوار النور ، حصل له التميّز علما لا غير .

فيرى طريق المقامات العلية والمشاهد القدسية ، عليها الآثار النبوية بالعلامات الربانية ، والآيات الرحمانية ، والدلالات الإلهية .

ويرى عكس هذا الطريق من جميع الوجوه ، ويرى نفسه عليه ، أو بينهما . فإن خلع عليه رداء التوفيق مشى بالموافقة على الطريقة المثلى المحقوقة بالسّبحات العلى ، القائدة إلى المورد الأحلى بالمقام الأجلى ، حيث الشهود الأسنى ، والمكانة الزلفى ، والمرتبة العظمى ، حيث تنكشف أسرار المودة في القربى ، عند حجاب العزّة الأحمى ، بساحل بحر العمى .

أل ليت التّراجم مخبرات   ....   بما يبدو إلى البصر الغريب

من الأسرار في فلك المعالي   ....   إذا يسري على الحكم العجيب

فتبصر ناطقا بلسان غيب   ....   غريبا في غريب ، في غريب

وقام له سرّ الاستقامة في كل شيء من حيث أن كل شيء منه بدا ، وإليه يعود .

فليس ظهور الاستقامة فيما يطلق عليه في الاصطلاح اسم المستقيم.

فإن الكرة مستقيمة في التدوير . وليس اسم الاستقامة على الخط المستقيم بأولى من غيره .

لو قيل لكل غصن من أغصان الشجرة على اختلافها ودخول أغصانها بعضها على بعض : لماذا خرجت عن حدّ الاستقامة الذي مشى عليها هذا الغصن الآخر ؟

لقال : بل سله لما خرج عن حد الاستقامة التي أنا عليها ؟

فمن رأى وجود الأشياء منه سبحانه ابتداء ونشأ .

ورأى رجوعها إليه عودا ، ورأى معيّته في الأشياء بين البدء والعود . لم ير معوجا .

بل كان يرى استقامة محضة لا غير .

فالعارف إذا سأل الاستقامة .

إنما يسأل معرفة حكمة الأشياء في وضعها ، ووجوه الحق فيها .أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ[ الشورى : 53 ].

فإذا اتضح للعبد طريق السعادة وطريق الشقاوة ، ورأى غاية الطريقين إلى اللّه تعالى . فلا يخلو هذا العبد .

 

إمّا أن يلحظ نفسه وما يعطيه طبعه . وإمّا أن لا يلحظ ذلك .

فإن لم يلحظ ذلك : فلا يقع له التميز من الطريقين من حيث الغاية. فلا يسأل النجاة من النار ، ولا يسأل نعيم الجنان .

بل ينظر في الطريقين نظر متنزّه قد تسامى عن حكم الأكوان فيه .

وذلك إذا كان الاسم " اللّه " في غاية الطريقين حينئذ يكون بهذه المثابة .

 

فإن لحظ نفسه : في هذا المشهد مع الاسم « اللّه »في الغاية فصّل برؤيته نفسه ما في الاسم « اللّه »من الإجمال فهرب من النار ، وطلب الجنة .

فإن رأى غاية كل طريق الاسم الخاص به فرأى في طريق السعادة الاسم المنعم ، ورأى في طريق الشقاوة الاسم المبلي ، فرّ من اللّه إلى اللّه .

فرّ من المبلي المنتقم إلى المنعم ، والاستعاذة به .

قال : أعوذ بك منك . فإنه هرب منه إليه ، ولا سيما إن شاهد أهل الخبرة والتيه ، الذين تخيلوا في ضلالتهم أنهم على هدى يشتد تعوذه لعظيم سلطان هذا المكر .

حيث مكر بهم من حيث لا يشعر ونسَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ [الأعراف : 182 ] .

فإن الضال إذا عرف أنه ضال ، فهو على هدى في ضلالته، لكن يكون ظالما مستكبرا عالما فيرجى له .

لأن العالم لا يمكن له أن يلتبس عليه معلومه بعد قيام العلم ، وحضوره معه .

لكن كما قال تعالى :وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا[ النمل : 14 ] .

هذا وصف العالم تشم عليه روائح السعادة.

وقال في الشقي المطلق الجاهل :أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ[ الأعراف : 12 ] .

فسبب إبايته وتكبره جهله . بخلاف الأول الذي سبب إبايته عن الانقياد بالظاهر تكبره على جنسه .

فإن العالم لا يتمكن له الإباية بباطنه لحصول العلم عنده .

فهو منقاد مطيع باطنا . معتاص جموح ظاهرا . وأمره إلى اللّه .

وقد تكلمنا عليه في كتاب "لا إله إلا اللّه " مستوفى فإن هناك محله ومكانه.

 

ثم إن السعيد المجتبى إذا عاين معارج المهتدين الذين يقدموه زمانا ورأى صفاء أنوارهم لما تخلصت عن ظلماتهم .

وتلك الضياءات اللامعة المستخلصة من ظلمة الكون الثقلى بالضرورة يرى نوره دون أنوارهم في الصفاء والشعشعانية .

وقد يكون فوق من رأى بالرتبة والفضيلة وهو لا يشعر لما يرى من المفاضلة بين النورين ، وما يعلم أن سبب قصور نوره أنه للعلاقة الماسكة له لبقاء هذه الجثة الظلمانية وشغله بها ، وعدم تخلصه منها .

فيسأل حينئذ ربه تعالى في العروج به على معارج هذه الأنوار التي تراءت له رغبة في الصفاء المحض الذي لا يشوبه تكدير وتكثر .

رغبته في ذلك والحاجة وطلبته إلى أن يتخلص كما تخلصوا فيكون صفاؤه عند ذلك على قدر ما اتصف من المعارف الإلهية وتحقق به من الصورة المعلومة .

فهذه صورة عالم هذا الباب .

ومداره على ثلاثة أقطاب :

قطب يتضمن خمسة أركان من أركان الهوية.

وقطب يتضمن أربعة أركان من أركان الديمومية .

وقطب يتضمن ركنا من أركان الإنيّة.

فتفيض أركان الهوية ، وركن الإنية من سبحاتها على صفاء نهر الديمومية .

فيضرب لها شعاع في زوايا الجنّة والنار ، فيكون شعاع نور الهوية في جهنم فيقع الحجاب :كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ( 15 )[ المطففين : 15 ] .

فالهو مصحوبهم أبد الآبدين ويكون شعاع نور الإنيّة في الجنان فتكون الرؤية :وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ( 22 ) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ ( 23 )[ القيامة : 22 ، 23 ] .

 

فالإنيّة مصحوبهم أبد الآبدين ، ونهر الديمومية يمد الدارين بحقيقته في شعاع كل نور ، ولهذا هؤلاء في السعادة دائمون ، وهؤلاء في الشقاوة دائمون.

عصمنا اللّه وإيّاكم من غوائل الفتن وصرف عنّا وجوه المحن إنه ذو الآلاء والمنن .

 



 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!