موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب بلغة الغواص في الأكوان إلى معدن الإخلاص في الإنسان

ينسب خطأً للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


فصل

 فإذا فهمت هذه الفصول المقدمة لك على ترتيبها، فهمت أن معنى الإنسانية هي الخلافة عن الله، وأن الخلافة عن الله مرتبة تشمل: الولاية، والنبوة، والرسالة، والإمامة، والأمر، والملك، فالكمال الإنساني بالقوة منذ آدم إلى آخر مولود، فقد جمع الله لآدم من مراتب الخلافة والولاية والنبوة، فهو مشرقهما، وجمع لنوح الولاية والنبوة، والرسالة، فخلافته أكمل، وجمع لإبراهيم الولاية والنبوة، والرسالة، وابتداء الإمامة، فخلافته أكمل، وجمع لموسى الولاية والنبوة، والرسالة والإمامة، وابتداء الأمر فخلافته أكمل، وجمع لداوود الولاية والنبوة، والرسالة والإمامة، والأمر وكمال الخلافة فخلافته أكمل، وجمع لسليمان الولاية والنبوة، والرسالة والإمامة، وكمال الخلافة، وتمام الملك، فخلافته أكمل، ولذلك عم التسخير له، وتصرف بالأمر الذي هو القول مكان تصرف غيره بالهمة، قال سبحانه: ﴿تَجْرِي بِأَمْرِهِ﴾ [ص : 36]، وجمع لعيسى الولاية والنبوة، والرسالة والإمامة، والأمر والملك، وتمام الرسالة، فخلافته أكمل، وتصرفه أتم، لمن عَقِل عن الله، وبه تمت دورة العبودية في الخلافة، ولتمامها به قال سبحانه: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ..الآية﴾ [آل عمران : 59]، فمماثلتهما من حيث الختمية؛ لأن آدم ختم المظاهر الإنسانية في العالم، وعيسى ختم مظاهر الرسالة في آدم  (سبحانه وتعالى) ، فتصرفه أتم، وعلمه أكمل، ألا تراه يُحيي الموتى، ويُبريء الأكمه والأبرص، ويخلق من الطين كهيئة الطير، بيد أنه لا يتم له التظاهر بمجموع الملك، بل تملك لانختامه بسليمان  (سبحانه وتعالى)  وتمام ظهوره، فلم يبق إلا رجوعه من الظهور إلى البطون.

ولما تمت دورة العبودية في الخلافة بعيسى، جاء الله بدورة السيادة في الخلافة لسيدنا محمد ﷺ فكان قطب الدائرة، ومفتاح باب الآخرة، جامعًا للولاية، والنبوة، والرسالة، والإمامة، والأمر، والملك، فهو ختم الختم، ومحل الإفشاء والكتم، فكمال من قبله كمال عن نقص، وكمال محمد كمال عن كمال، جمع اليمين والشمال، وتحقق بالإدبار والإقبال، بلا إدبار ولا إقبال، فأوتي جوامع الكلم، وانقطعت به نبوة التشريع ورسالته، ولم يبق إلا انختام الولاية بخليفة الله، وخليفة خلفاء رسول الله ﷺ محله من الولاية محل محمد من الرسالة، فكان وليًا وآدم بين الماء والطين، وغيره ما كان وليًا إلا بعد تحصيل شرائط الولاية، كما كان محمد ﷺ نبيًا وآدم بن الماء والطين، وغيره ما كان نبيًا إلا بعد تحصيل شرائط النبوة، وجميع الولايات مدرجة في ولايته، كما أن جميع الرسالات والنبوات، مدرجة في نبوة محمد ورسالته ﷺ، والكلام في مرتبته تَكِلُ الأفهام عنه، فلنكتفي بهذا القدر.



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!