الاسم الدال، وصفة الجلال، وصفة الجمال. وهذه مراتب الموجودات كلها فإنها أربعة أقسام: الألوهية، والروحانية، والجسمانية، والحيوانية وهي كل ذي روح.

فمعنى الباء في أول هذه المراتب الأربع إشارة إلى أن وجود هذه العوالم بي وليس لغيري وجود حقيقي لا بالاسم.

فالعالم: أعني ما سوى اللّه بالاسم والمجاز وجود لا بالمعنى والحقيقة. ولهذا أشار بعضهم بقوله: ما نظرت في شيء إلا رأيت اللّه فيه.

وأوضح من هذا قول بعضهم: ما نظرت في شيء إلاّ رأيت اللّه قبله.

وصرح النبي (صلى اللّه عليه وسلم) بقوله: (لا تسبوا الدهر فإن الدهر هو اللّه)  ١ حديث متفق على صحته.

فتحقيق بسم اللّه الرحمن الرحيم: إن وجودي بذاتي وهو اللّه. وصفاتي كلها التي من قبيل الجلال ومن قبيل الجمال فبذات قائمة. وما سواي وهو العالم اسم موجود باتحادي وقائم بقيوميتي. فَسُبْحٰانَ اَلَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ( ٨٣ ) (يس/ ٨٣ ) .

وفيه إشارة أخرى: وهي أن الخلائق محجوبون بحجاب أسماء أنفسهم وحجاب أسماء ما سواهم من العالم وقد تصوروا لكل اسم مسمى فوقعوا في تيه الشرك والتفرقة، وتاهوا في بيداء الضلالة وزال قدمهم عن الصراط المستقيم وجادة التوحيد والوحدانية. فلما عبروا بقدم الصدق في المتابعة عن حجب (--)  ١ و قطعت مفاوزها بتعليم وعَلَّمَ آدَمَ اَلْأَسْمٰاءَ كُلَّهٰا (البقرة/ ٣١ ) الذي كان آدم مخصوصا به علموا أن لا طائل تحتها وعرفوا إن هذه الأسماء على الأشياء: إِنْ هِيَ إِلاّٰ أَسْمٰاءٌ سَمَّيْتُمُوهٰا أَنْتُمْ وآبٰاؤُكُمْ (النجم/23) ولكشف هذا القناع كان دعاء النبي (صلى اللّه عليه وسلم) : (اللهم أرنا الأشياء كما هي)  ٢ لأن لكل شيء بحسب الظاهر أسماء بأداء معنى يلائمه كما سمي آدم أدما لأنه من أديم الأرض.

وهذا الاسم ملائم لكونه في الظاهر وله في الحقيقة اسم آخر بأداء معنى حقيقي قد أودع فيه ملائم لتلك الحقيقة وذلك قوله تعالى: إِنِّي جٰاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً (البقرة/ ٣٠ ) فسماه بمناسبة المعنى الحقيقي المودع: خَلِيفَةً فكذلك لكل شيء في الظاهر وفي الحقيقة اسم آخر. والآدمي مخصوص بتعلم الأسماء كلها دون الملك وغيره فلما خلصوا من حبس جهل الأسماء ورفعوا حجبها وصلوا إلى اللّه، وإذا وصلوا إلى اللّه تعالى انتفعوا من جلاله وهو الرحمن وتمتعوا بجماله، وهو الرحيم.