موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

تفسير فاتحة الكتاب والبسملة

تنسب إلى الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

فكذلك حال الباء مع الألف.

 

 


وثانيها: أن الباء مخصوصة بالإلصاق، وتصل إلى كل حرف بخلاف أكثر الحروف خصوصا الألف، لأن الألف مخصوصة بالقطع، وتكون منقطعة عن الحروف كلها. فلما كانت الباء واصلة لرحم الحروف وضعها اللّه. ولمّا كانت الألف قاطعة الرحم غير الحروف قطع اللّه عنها. روى عبد الرحمن بن عوف (رضي اللّه عنه)، قال:

سمعت رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) يقول فيما يحكي عن اللّه عز وجل: (أنا اللّه، وأنا الرحمن، وهي الرحم، اسمها من اسمي. فمن وصلها وصلته، ومن قطعها بتته)  ١ حديث صحيح.

وثالثها: أن الباء مكسورة أبدا.

فلما كانت فيها كسرة وانكسار في الصورة والمعنى وجدت شرف العندية من اللّه تعالى. واسمه دون الألف، كما قال تعالى: (أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي).

ورابعها: أن في الباء، وإن كان تساقطا، وتكسّرا فذلك في الحقيقة رفعة درجة، وعلو همة.

وهي في مقام الصديقين. أمّا علو الهمة: فإنه لما عرضت عليها النقطة ما قبلت إلاّ واحدة ليكون حالها كحال موحّد، لا يقبل إلاّ واحدا، وعابد لا يعبد إلاّ معبودا واحدا، وقاصد لا يقصد إلاّ مقصودا واحدا، ومحب لا يحب إلاّ محبوبا واحدا.

وخامسها: أن الباء تصدقا في طلب قربة الحق تعالى، ولعل المقصود الحقيقي لا يوجد في غيرها من الحروف. وذلك لأنها لما وجدت درجة حصول النقطة، وبلغت هذه المدينة ومنعت لمحب قدمها لصدقها في طلب المقصود الحقيقي، والمطلوب الأصلي، وما خاطرت بل أعرضت عنها حتى بلغت مقصدها الأقصى، ومقصودها الأعلى.

فالباء مخصوصة من سائر الحروف بوضع النقطة تحتها، ولا يناقضها جسم.

وإن كانت تحتها نقطة واحدة. لأن نقطة الجسم في وضع الحروف ليست تحتها بل هي ونقطتها وكذلك الياء. وإنما توضع النقطة تحتها عند اتصالها بحرف واحد (-)  ١ الباء فإن نقطتها موضوعة تحتها، وإن كانت معدودة غير متصلة بحرف آخر.

وسادسها: أن الألف حرف علة، وهو معلول لا يحتمل الحركة.

والباء حرف صحيح غير معلول يحتمل الحركة وحالهما، كما أن اللّه تعالى عرض الأمانة على أهل السماوات والأرض من الملائكة وغيرهم فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهٰا وأَشْفَقْنَ مِنْهٰا وحَمَلَهَا اَلْإِنْسٰانُ  ٢ فأمر الملائكة بالسجود فأبى إبليس واستكبر فلعنه اللّه. وأسقط عن قربته، وطرده من جواره وحضرته، واصطفى آدم من بريته، واجتباه لقربته، وزاد في علو درجته، وهداه إلى محبته ومعرفته.

وسابعها: أن الباء حرف تام متبوع في المعنى، وإن كان ناقصا منكسرا تابعا للصورة.

والألف حرف ناقص تابع في المعنى، وإن كان تاما متبوعا في الصورة. ألا ترى انك إذا نظرت إلى صورة وضع الحروف وجدت الألف مقدما على الباء متبوعا له. وإذا قلت الباء وجدت الألف تابعا. وإذا قلت الألف لم تجد الباء بتبعية. فالابتداء بالمتبوع التام في المعنى، والناقص المنكسر التابع في الصورة أولى من الابتداء بمن هو على ضد هذا.

وثامنها: أن الباء حرف عامل، يعمل وينصرف في غيره. فظهر الهاء من هذا الوجه قدر وقدرة فصحت للابتداء. والألف ليس بعامل، ولا ينصرف في غيره فليس له هذا القدر والقدرة مما صلح للابتداء والإقتداء.

وتاسعها: أن الباء حرف كامل في صفاته مكمل في غيره، فكماله في صفات نفسه بأنه للإلصاق، والاستعانة، والإضافة، وفيه تواضع إذ لم يقبل من الحركات إلاّ الكسرة، وهي علو قدر في تكميل الغير بان تخفض الاسم التابع له وتجعله مكسورا متصفا بصفات نفسه، بحيث أن كل اسم يجيء خلف الاسم التابع له يكون مكسورا بالصفة إلى غير إلهامه، كما دخل على الاسم وجعل ميم  "بسم "مكسورة، وجعل الهاء من "اللّه" مكسورة (--) وهلم جرا. فالكامل المكمل أولى (بالأ-) والقدم أولى من الألف الذي هو ناقص معلول في نفسه بنقص معلل لغيره. فإنه لو دخل في الفعل الماضي يجعله مهموز الفاء، معتل العين، ناقص اللام.

وعاشرها: أن الباء حرف شفوي ينفتح الشفة ما لم نفتح لغيره من الحروف.

لأن الميم وإن كان شفويا لا تنفتح الشفة به كما تنفتح بالباء حسا، وكأول انفتاح فم الذرة الإنسانية في تجهد: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ  ١ في جواب "بلى". فلما كان الباء أول حرف نطق به الإنسان، وفتح به فمه وكان مخصوصا بهذه المعاني اقتضت الحكمة الإلهية اختيارها من سائر الحروف، فاختارها ورفع قدرها وأعلا شأنها، وأظهر برهانها، واعز سلطانها، وجعلها مفتتح كتابه، ومبتدأ كلامه، وخطابه وأعطاها رفعة الألف في"بسم اللّه"و طول بائه لإظهار تعظيمها، ونعيمها، ولقحها إذ منحها مرتبة الألف وأثبتها مكانه، وقدمها باسم ذاته وصفاته، وجعلها معدن إشاراته، ومنبع كراماته مع مراتبه.

كما روى عن "ابن عباس" (رضي اللّه عنهما) أنه قال:

الباء: بره بأوليائه.

والسين: سره مع أصفيائه.

والميم: مننه على أهل ولائه  ١ .

وأخبرنا المولد (لعله المؤيد) بن محمد الطوسي، أخبرنا العباس بن محمد، أخبرنا محمد بن سعيد، أخبرنا أبو إسحاق التغلبي، أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسين. حدثنا أبو الطيب محمد بن أحمد بن حمدان المذكري. حدثنا أبو بكر محمد بن حمدون بن خالد ابن مزيد، حدثنا أحمد بن هشام الأنطاكي، حدثنا الحكم بن نافع، عن إسماعيل بن عياش عن الطفيل بن يحيي بن أبي مليكة، عن مسعر، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) : (إن عيسى بن مريم (عليهما السلام) أرسلته أمه إلى الكتاب ليتعلم. قال له المعلم: قل بسم اللّه.

فقال عيسى (عليه السلام) : وما بسم اللّه؟

فقال: لا أدري!

فقال (عليه السلام) : الباء بهاء اللّه، والسين سناؤه، والميم ملكه).

وبه أخبرنا التغلبي، حدثنا أبو القاسم الحسن بن محمد يقول: سمعت أبا إسحق إبراهيم ابن محمد بن بريد النسفي يحدد يقول: سمعت أبا عبد اللّه ختن أبي بكر الوراق يقول: سمعت أبا بكر محمد بن عمر الوراق يقول في"بسم اللّه":

أنها روضة من رياض الجنة. لكل حرف منه تفسير على حدة.



 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!