موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كشف الغايات في شرح التجليات

للشيخ ابن سودكين النوري

26 – شرح تجلي القسمة

 

 


26 - متن تجلي القسمة :

ما من خلق إلا وله حالٌ مع الله فمنهم من يعرفه ومنهم من لا يعرفه، وأما علماء الرسوم فلا يعرفونه أبداً فإن الحروف التي أخذوا عنها علمهم هي التي تحجبهم .

وهي حضرتهم وهم الذين هم على حرف ليس لهم رائحة من نفحات الجود .

فإن مآخذهم من كون الحروف ومعلومهم كون فهم من الكون إلى الكون مترددون بدايةً ونهاية فكيف لهم بالوصول .

وإن كان لهم أجر الإجتهاد والدرس بالأجر كون أيضاً فما زال من رق الكون ووثاق الحرف .

وأما من كان على بينة من الله تعالى فإنه يكشف له عما أراده فيطمئن ويسكن تحت جري المقادير .

فطاعته له مشهودة ومعاصيه له مشهودة فيعرف متى عصي وكيف عصي ولمن عصي واين عصي وكيف يتوب ويجتبى .

فيبادر لكل ما كشفت مستريحاً بؤية عاقبته متميزاً عن الخلق بهذا الحق .

26 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل

 «قال الشيخ في أثناء شرحه وفوائده : الرياضة عند المحققين إنما هي لتحسين الأخلاق .

وهي عند الحكماء لصفاء المحل.

وعلى كلا الأمرين فليس هما بفتح ولا ينتجان فتحة أصلا.

والفتح يأتي من عند الله تعالى من عين الحق ومنته .

فلو كان له سبب ينتجه لكان الفتح مكتسبا . وإنما جعل الذكر في التهيؤ عبادة لئلا يروح وقت التهيؤ بغیر عبادة شرعية .

ويتعين على الذاكر حينئذ أن لا يقصد بذكره حضرة مخصوصة أصلا، بل يترك الحق يختار له من خزائن غیبه ما يقتضيه وجوده وإحسانه، تعالی .

وأما المتوسمون من العلماء فإنهم يأخذون من الحروف فهم مع المواد الفكرية .

وهذه المقدمة كونية، فلا تنتج لهم إلا آثارة كونية، من شأن الفكر أن يقتضيها . واعلم أن جميع ما يتكلم به العارفون إنما هو تشويق يسوقون به همم المريدين إلى نيل أمر ما لا يقبل العبارة عنه.

فـ لسلامة محل المريد يأخذ ذلك بقبول ويتوجه توجها صحيحة ويفتقر إلى الله تعالی بخروجه عن كل سبب سواه .

فتدرکه النفحات، إذ لا منع في الجناب الإلهي أصلا، فكلام العارفين ليس هو عين فتحهم، لأن فتحهم أذواق ومعان مجردة لا تقبل العبارة .

وإنما هم يقربونها بالوصف وضرب الأمثلة .

فمن قنع بذلك الوصف فقد خسر الوصل الذي هو الموصوف.

26 - شرح تجلي القسمة

227 - يريد القسمة الأقدسية الأزلية القاضية بتفاوت الاستعدادات وتفاوت مآخذها من الحظوظ الوجودية وأحوالها التفصيلية .

قال قدس سره : (ما من مخلوق إلا وله حال) حسب اختصاص سره الوجودي بمحتده الأصلي ؛ (مع الله) الذي إليه المرجع والمآب فإذ استشرف ذلك المخلوق بشعوره عليه، ووفق للاستقامة على طريقة الأمم وتحري غايته في الحق، عظم له المنال في طلق الجمع والوجود، واستوفی حقوق استعداده من الكمال الموهوب (فمنهم من يعرفه) بالاستشراف النفسي أو المنبهات الخارجية، أو بوجه من وجوه سبق العناية .

(ومنهم من لا يعرفه) بما في استعداده من الخمدة، وبما في وجهته التي هو موليها من الخفاء والضيق، وبما في معدات كماله من الوهن، وبما تقطع عنه رابطة سبق العناية فنعوذ بالله من سوء الحال .

228 - (فأما علماء الرسوم ) المبتهجون بنتائج أفكارهم، المقتنصون زواهر العلم زعما بشرك عناكب تصوراتهم (فل يعرفونه أبدا فإن الحروف التي عنها أخذوا علومهم هي التي تحجبهم) عن مشاهدة الأنوار القدسية ومطالعة الأسرار الأقدسية، النابية عن حملها آفاق الحروف ومصادر النطق ؛ (وهي حضرتهم) التي لا محيد لهم عنها ولا مخلص لهم من شركها ما دامو على غرة من طريق الكشف والأخذ من الله بغير واسطة .

وهو المقول عليه :" وعلمناه من لدنا علما" [الكهف/60] . و «ما اتخذ الله وليا جاهلا ولو اتخذه لعلمه» .

(وهم الذين) في مخايل إدراكاتهم الزائغة عن نهج الإصابة، (على حرف) مقيد وجانب حاصر يثيرهم على التمسك بأنظار عقولهم القاصرة عن درك المطالب العلية، المصونة عن أعين الثروة .

ويقيمهم على الإضراب عن فحاوی أنباء الرسل، بتحريف كلمهم عن مواضعها ؛ وباستئثار وجوه ترتضيها قلوبهم الغلف وتطمئن عليها .

(ليس لهم رائحة من نفحات الجود) التي هي حظ مشام المتبتلين إلى مورد الامتنان وليس لخياشيمهم أهلية استنشاقها ولا قوة إيصالها إلى فضاء قلوبهم ومشاعرهم ليتمتعوا بها، فيستشعروا بانحصارهم في ظلمات الأكوان ومضايق الأوهام.

ولذلك لا تسلم نتائج أفكارهم من الدلائل المخترعة لتضييق مقاصدهم عن الشبه المضلة، بل نقد محصلهم منها، في الحقيقة، کسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذ جاءه لم يجده شيئ (فإن مآخذهم من كون الحروف ومعلومهم كون) زائل، مکتسب من تصوراتهم الكونية.

(فهم) في مدارج التحقيق (من الكون إلى الكون مترددون بداية ونهاية) معتقدون بأن لا غاية وراء مداركهم، (فكيف لهم بالوصول) إلى غاية هي المنتهى .

وهذه الغاية لا تحصل لهم ولا لغيرهم إلا بالحق لا بهم، وبشرط تجردهم عن الرسوم الوهمية والخيالية التي هم أهلها، لا بها، فلا سبيل لهم إليها إلا بنتائج الأحوال، لا بدلالة ما انتقد لهم من كثرة القيل والقال .

(وإن كان لهم أجر الاجتهاد والدرس) في طرق الاستدلال والاستنباط، (فالأجر كون أيضا ؛ فما زال) المجتهد (من رق الكون ووثاق الحرف) أبدا.

وقد جعل قدس سره مواقع إشاراته من لم يخلص من وثاق البحث والنظر إلى مسرح الكشف والشهود، من أساطين أهل النظر، وهم الذين فازوا بقصب السبق في حلبة رهانهم؛ لا شرذمة قنعوا من طريقهم بأقل القليل، فاستسمنوا ذا ورم ، ونفخوا في غير ضرم.

فنفوا ما جهلوا وألقوا سمعهم إلى شياطين الإنس، حيث أوحوا إليهم الأباطيل. فبارزوا بوسوستهم لمحاربة الحق في معاداة أوليائه .

فما بال قوم عميت قلوبهم فركبوا مطية الهوى في قدحهم ضلالا؛ والتحقوا في فرط طيشهم بالأخسرين أعمالا.

229 - (وأما من كان على بينة من الله تعالی) فلا يعرف شيئا ول يظهر بحال ولا يتعلق بحكم، إلا باقتضاء واردات قدسية متجددة له مع تقلبات قلبه بالأنفاس : (فإنه يكشف له عما أراده) تعالی (به) من المقدرات علیه، خيرا كان أو شرا.

فهو إذ ذاك ممن أطلعه الله على سر القدر،

(فيطمئن ويسكن) على بصيرة من ربه (تحت جري المقادير) التي علم يقينا أن لا محيد له عنها ولا يغيرها شيء إلا بقدر.

(فطاعاته) قبل إتيانه به (له) في الغيب (مشهودة، ومعاصيه له مشهودة. فيعرف بشهود ماثبت له في لوح القدر (متى يعصي وكيف يعصي ولمن يعصي وأين يعصي. وكيف يتوب ويجتي) من الاجتباء، وهو الاصطفاء .

(فيبادر لكل ما كشفت مستريحا برؤية عاقبته) عند الله الذي إليه مآبه . (متميزة عن الخلق بهذا الحق) الذي ليس وراءه مرمی لرام .

والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقیم.



 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!