موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب حقائق عن التصوف

للشيخ عبد القادر عيسى الحسيني الشاذلي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


الكشف ** | ** تعريفه

الكشف

تعريفه:

قال السيد رحمه الله تعالى في تعريفاته: (الفراسة في اللغة: التثبت والنظر، وفي اصطلاح أهل الحقيقة: هي مكاشفة اليقين، ومعاينة الغيب) (١).

وقال العارف بالله ابن عجيبة رحمه الله تعالى: (الفراسة هي خاطر يهجم على القلب، أو وارد يتجلى فيه، لا يخطئ غالبا إذا صفا القلب، وفي الحديث: اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله (٢).

وهي على حسب قوة القرب والمعرفة، فكلما قوي القرب، وتمكنت المعرفة صدقت الفراسة، لأن الروح إذا قربت من حضرة الحق لا يتجلى فيها غالبا إلا الحق (٣).

والكشف نور يحصل للسالكين في سيرهم إلى الله تعالى؛ يكشف لهم حجاب الحس، ويزيل دونهم أسباب المادة نتيجة لما يأخذون به أنفسهم من مجاهدة وخلوة وذكر (٤). فتنعكس أبصارهم في بصائرهم،

__________

(١) تعريفات السيد ص ١١٠.

(٢) رواه الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في كتاب التفسير.

(٣) معراج التشوف ص ١٨.

(٤) قال حجة الإسلام الغزالي رحمه الله تعالى: (إن جلاء القلب وإبصاره يحصل بالذكر، وإنه لا يتمكن منه إلا الذين اتقوا، فالتقوى باب الذكر، والذكر باب -

فينظرون بنور الله وتنمحي أمامهم مقاييس الزمان والمكان، فيطّلعون على عوالم من أمر الله اطلاعا لا يستطيعه من لا يزال في قيد الشهوات والشكوك والبدع العقائدية والوساوس الشيطانية، ولا تتسع له إلا تلك القلوب النيّرة السليمة التي زالت عنها ظلمات الدنيا وغواشيها، وانقشعت عنها غيوم الشكوك ووساوسها، وكثافة الماديات وأوضارها.

نعم إنّ من غض بصره عن المحارم، وكفّ نفسه عن الشهوات، وعمّر باطنه بمراقبة الله تعالى، وتعوّد أكل الحلال لم يخطئ كشفه وفراسته، ومن أطلق نظره إلى المحرمات تنفست نفسه الظلمانية في مرآة قلبه فطمست نورها.

ويرجع هذا الكشف إلى أن العبد إذا انصرف عن الحس الظاهر إلى الحس الباطن تغلبت روحه على نفسه الحيوانية المتلبسة ببدنه - والروح لطيفة كشّافة - فيحصل له حينئذ الكشف، ويتلقى واردات الإلهام.

يقول المؤرخ ابن خلدون رحمه الله تعالى فيما نحن بصدده: (ثم إن هذه المجاهدة والخلوة والذكر يتبعها غالبا كشف حجاب الحس، والاطلاع على عوالم من أمر الله ليس لصاحب الحس إدراك شيء منها؛ والروح من تلك العوالم. وسبب هذا الكشف أن الروح إذا رجع عن الحس الظاهر إلى الباطن، ضعفت أحوال الحس، وقويت أحوال الروح، وغلب سلطانه، وتجدد نشوؤه. وأعان مع ذلك الذكر؛ فإنه كالغذاء لتنمية الروح، ول يزال في نمو وتزايد إلى أن يصير شهودا، بعد أن كان علما، ويكشف حجاب الحس، ويتم صفاء النفس الذي لها من ذاتها،

__________

= الكشف، والكشف باب الفوز الأكبر، وهو الفوز بلقاء الله تعالى). إحياء علوم الدين للغزالي ج ٣. ص ١١.



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!