موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب الحكمة الإلهامية

ينسب للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

وهو لإسحق الحكيم الرومي

وفيه مقدمة طويلة في الرد على الفلاسفة، خصوصًا منهم أرسطوطاليس وابن سينا، ثم في تكفير من قال بوحدة الوجود من الصوفية، أما باقي الكتاب فهو على أربعة فنون: فـ1ـي أحوال تعم الأجسام، فـ2ـي أحوال العناصر وما يتكون منها من الحيوانات والنباتات الخ، فـ3ـي حقائق الأفلاك وحقائق الكواكب وكيفياتها وخواصها، [فـ4ـي الالهيات]؛ ويبدو أنه من تأليف بعض الحكماء من موالي الروم، في عهد السلطان سليمان القانوني (926 هجري -974/1520 هجري -1566)، وقد اعتنق والده الإسلام

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[3] فصل في بيان العلة والمعلول :

واعلم أنَّ العلة عند الفلاسفة ، يقال لكلِّ موجود يحتاج إليه الآخر في وجوده، وهي إما تامة، وهي ما يجب بها وجود المعلول ، وإما غير تامة ، وهي ما لا يوجد بها وجود المعلول. والمعلولات تنقسم إلى ما لا مادة له ولا صورة ، وإلى ما له مادة وصورة ؛ والقسم الأول ينقسم إلى ما يوجد في موضوع ، وإلى ما لا يوجد فيه . والأول يحتاج في وجوده إلى علَّة توجده ، وإلى موضوع يقبله. والثَّاني: يحتاج إلى علَّة توجده فقط . وما يحتاج إليه المعلول الذي له مادة وصورة ، إما أن يكون داخلاً في وجوده ، فهي العلة المادية ، إن لم يجب معها أنْ يكونَ المعلول موجوداً بالفعل ، كالطين للكوز، والعلة الصورية  إن وجب معها أنْ يكونَ موجوداً بالفعل ، كالصورة التي للكوز، وإما أن يكونَ خارجاً عنه فهي العلَّة الفاعلية إن كان بتأثيرها وجود المعلول ،كالفاعل للكوز ، والعلة الغائية إن كان لأجلها المعلول، كالغرض المطلوب للكوز وهو شرب الماء ، والغلة الغائية لا تفيد وجود المعلول بالذات، بل تفيد فاعلية الفاعل . فهي علة فاعلية بالنسبة إلى ذلك الوصف ، وعلة غائية بالنسبة إلى المعلول. وذلك لأنَّ العلَّة الغائية مؤثرة في علية العلة الفاعلية ، فانَّ الإنسان إنما يفعل الفعل المعين لأجل غرض ، فلولا ذلك الغرض لما فعله . فإنْ قلت : فليست العلة الخارجية منحصرة في الفاعلية والغائية . والآلات والشَّرائط من جملة العلل الخارجية ، وقد تركت ذكرها. فاعلم أنَّ الآلات هي من تتمة العلة الفاعلية، فلا حاجة إلى الإفراد بالذكر. وبعض الشرائط هي من تتمة العلة الفاعلية ، وبعضها من تتمة العلة المادية ؛ لأنَّ القابل إنما يكون قابلاً للفعل عند حصول شرائطه . والمعلول يجب وجوده عند وجود علته التامة ، أعني عند تحقق جملة الأمور المعتبرة في كونه موجوداً ؛ لأنَّه لو لم يكن واجبَ الوجود بالغير عند وجود علته التَّامة : فإما أن يكون ممتنع الوجود ، أو ممكن الوجود، والأول محال ؛ لأنَّه لو كان كذلك لما وجد . وكذ الثَّاني، لأنَّه لو كان ممكنَ الوجود عند وجود علته التامة ، ولم يترجح جانب وجوده على عدمه ، لاحتاج مع علته التَّامة إلى مرجح يرجح جانب وجوده ، ويخرجه من القوة إلى الفعل ؛ فم فرضناه أنه علة تامة لا يكون علة تامة للزوم افتقار المعلول حينئذ إلى ما هو خارج عنها ، هذا خلف . فقد ثبت كون وجود المعلول عند وجود علته التامة واجباً بالغير، ممكناً بالذات . فالممكن كما يحتاج في وجوده إلى مؤثر، كذلك يحتاج في بقاء وجوده إليه؛ لأنَّ علة الاحتياج إلى المؤثر هي الإمكان ، وهو باقٍ . فلو لم يكنْ في بقاء وجوده محتاجاً إلى المؤثر لكان في بقاء وجوده غنياً عن المؤثر، واجباً بقاء وجوده بذاته  لا بغيره . فكان واجب الوجود بالذات لا واجب الوجود بالغير، هذا خلف. فإذاً الذي يرجح وجوده على عدمه ، ما دام يرجح بقاء وجوده ، يكون واجباً وجوده بالغير، ممكناً وجوده بالذات ، إلى أن يرجح عدمه فتكون ممتنعاً بالغير.



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!