---

ويذلك

وقوله: (ويذلك) بما يعرفك به من عبوديتك.

قوله: (ويعزك) بم يطلعك عليه بأن الله من حيث هو جميع قواك، وظاهر في الوجود بذاتك، والعزة له فتكون عزيزًا، كما قال الله: ﴿وَلِلَّهِ العِزَّةُوَلِرَسُولِه﴾باللهِ ﴿وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾[المنافقون: 8] بالله وبالرسول.

وقوله: (بإذن الله) أي: كل ذلك بإذن الله تعالى للشيخ في تصرفه فيك، على هذه الأمور المتضادة.

ثم قال: (فإن بلغ مبلغ الشيخ، سخر الله له السماوات والأرض [بناء] على مقام الشيخوخة) لا أنها الغاية، فإن منزلة المسمى شيخًا في هذ الطريق حظه من ميراث النبوة الإرشاد والتنزيل، وما ذلك لغاية الرسل - صلوات الله عليهم - فلهذ يفضل بعضهم بعضًا، كما قال تعالى ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [البقرة: 253]، وقال: ﴿ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ﴾ [الإسراء: 55] مع التساوي في الرسالة والنبوة، فإنهم من حيث هم رسل حقيقة واحدة، ووقع التفاضل في أمر آخر، كالناس  يجتمعون في الحد الإنساني بم هو إنسان، ويفضل بعضهم بعضًا بما هو زائد على الإنسان، فمنزلة الشيخ منزلة الرسول في الإرشاد، ومنزلة الطبيب من علماء الطبيعة، وإن كان الطبيب لم يبلغ الغاية في علم الطبيعة، وما يعلم منها إلا بما هي [مدبرة] لجسم الحيوان، أو الإنسان، إن كان دون ذلك، فإن زاد على هذا فقد فضل على غيره من الأطباء، ولكن بأمر لا يتعلق بالطب.