قال ابن حرازم

قال ابن حرازم: وجئنا مدينة فاس، وما نزل مطر، فأوقع الله في القلوب الشبع والاستغناء، فجاء الرخاء والعيش، وارتفع الغلاء والسعر، وكثر الخير في اليد، ولم يروا سنة أشد رخاءً منها، مع امتناع المطر ووجود المحل، تصديقًا لما قاله ذلك الرجل الصالح، ولاشك أن الرجل الكامل الذي يظهر في العالم بصورة الحق، حتى يعرفه كل العالم ما عدا بعض الثقلين، فإن السماوات والأرض ومن فيهن، يسبح له ما عدا بعض الثقلين، مسخرات له كما أن السماوات والأرض ومن فيهن، فإذا رأت الصورة الإلهية كان من تسبيحها عين تسخيرها له، فإن الإنسان وإن كان على الصورة الإلهية، لا يزول عن حقيقة الافتقار [بهذه] الحقيقة يقع التسخير له، فإن الله تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء: 44] أي: تنزيهه عن الافتقار، هذا معنى التسبيح هنا، ويكون في حق هذ الإنسان الكامل ذلك التسبيح تسخير لما يراه فيه، من شدة الافتقار إلى الله تعالى على قدر ما يقوم بالإنسان، من الاستغناء بالأسباب من الله، للغفلة التي تطرأ عليه على ذلك القدر يمنع من تسخير العالم، فيتعب في تحصيل أمر ما بنفسه وجسمه، فهذا قد [أثبت] لك م أشار به هذا الرجل في قوله عن الشيخ: (إن الله سخر له السماوات والأرض).