موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب الأجوبة العربية في شرح النصائح اليوسفية

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ويعرف هذا الكتاب أيضاً باسم: شرح روحية الشيخ على الكردى

 

 


المرتبة الثانية

المرتبة الثانية: أن يكون معه كالطفل مع الوالدين، فإنه يربيه، ولقد سألني بعض العارفين في المريد يأخذه الحال فيُمني؟ فقلنا له: لا ننكر على الرضيع أن يبول في ثيابه، وهذا مريد في حال التربية، فَسُر بذلك، فإنه ذكر لي ذلك في حال الانتقاد على ذلك المريد، وينبغي للعالم بالله ألا ينتقد على أحد ما يرى [منه مم تقتضيه حاله ورتبته]، وإنما الانتقاد فيمن يظهر عليه ما لا يقتضيه مقامه، إما بنزول عنه، وإما بصعود لمجرد دعوى، وهذه حالة المُستَدرَج.

والعارف لا يزال ميزان حاله مع وارداته في يده، يزن به ما هو عليه من الحال، وم ورد عليه من الحق، فإن وازنه حاله فليشكر الله سبحانه وتعالى، وليسأله ألا يجعل ذلك حظ حاله هنا، وإن لم يوازنه فليحذر مكر الله في ذلك، ولا يأمن مكر الله، فإنه لا يأمن مكر الله إلا جاهل غبي، وما اتخذ الله وليًا جاهلاً.

المرتبة الثالثة: أن يكون معه كالوكيل مع موكله المستأجر، فينصح في عمله وتصرفه، ويقوم في ذلك مقام موكله، حتى يكون كأنه هو، فيحتاج إلى علم كبير، وعقل سليم.

المرتبة الرابعة: أن يكون معه كالميت بين يدي [المغسل] يقلبه كيف يشاء، وبعضهم يقول في هذا المقام: أن يكون معه كالظل مع الشخص، وهو مذهب شيخن أبي العباس العريني - رحمه الله - سمعت ذلك منه، وبين المثالين فرق كثير، قد ذكرناه في تصانيفنا، وهي فرقان لا يخفى على أحد، وآيته ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ﴾ [الفرقان: 45]، وإلى المرتبة الرابعة انتهى ذوق أهل الله لغفلتهم، وزاد أهل الله أصحاب العلم الحضور معه، العلماء به الراسخون في علمهم، ما ذهبنا إليه، وهو أن يكون كالموكل مع وكيله عن أمر الله تعالى، فيوكل ربه في كل ما تحتاج إليه نشأته الطبيعية والروحية، وهو قوله تعالى: ﴿لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً﴾[المزمل: 9]، فقد أمرنا أن نتخذه وكيلاً، لعلمنا بعلمه بالمصالح، وجهلنا بها، فعين لنا الوكيل ما ينبغي أن نتصرف فيه، وحَدَّهُ لنا حتى عرفناه، وأقامنا فيه مقامه، فنحن وكلاء الوكيل، وهو قوله: ﴿وَأَنفِقُو مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾ [الحديد: 7]، بما وكلتموني فيه، فوكلناه نحن من قوله: ﴿لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ﴾[المنافقون: 9]، و ﴿إِنَّمَ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾[التغابن: 15]، فأضاف الأموال إلينا، وجعلها مِلكًا لنا، فوكلناه بها عن أمره في التصرف فيها، واتخذناه وكيلاً عن أمره. وهذا الأصل باقٍ لا يزول، فإنه يقول لموسى صلى الله عليه وسلم: خلقت الأشياء من أجلك. فثبت أن الأموال لنا ننتفع بها لا هو، والذي يعطيه الكشف الحقيقي، أنه خلق الأشياء لتسبح بحمده، وننتفع نحن بحكم التبعية لا بالقصد الأول، هذا هو الصحيح المرجوع إليه، فلما تقرر أنه خلق الأشياء لنا واتخذناه وكيلاً في التصرف فيها، فكان من علمه بالمصالح أن عين لنا ما نتصرف فيه من ذلك، فقال: ﴿وَأَنفِقُو مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾[الحديد: 7]، فعلى ما ذهبنا إليه نحن مستخلفون فيما في أيدينا، مما كنا نتخيله بالإضافة إلين أنه مِلك لنا، وأبان أن ذلك له لا لنا، فتحققنا أنه ما خلق الأشياء إلا لتسبح بحمده لا لنا، فأوجدها لأعيانها، ولكن جعل الاستخلاف في التصريف فيما يملكه، جعلنا وكلاء لمن وكلناه لعلمه بالمصالح دوننا، فرأى من المصلحة أن نتصرف فيما عين لنا التصرف فيه، وتصرف هو فيما يرى المصلحة في حقنا أن يكون هو المتصرف فيه، وهذه المرتبة الخامسة في هذ الباب، أعظم المراتب في التفويض والتسليم، والتوكل والانقياد، وهو قوله ﴿أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وَكِيلاً﴾[الإسراء: 2]، فنهى عن ذلك وقال: ﴿فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً﴾، فأمر وهذا غاية التأكيد، وليس وراء هذه المرتبة مرتبة تعقل في طريق الله، ولكن فيها تفصيل وغموض وتداخل، فإن أغصان شجرة هذه المرتبة يدخل بعضها على بعض، وهي سريعة التقلب من الخاطر، فتحتاج إلى حضور عظيم ومراقبة دائمة، فإنه تعالى رقيب على كل شيء.

فينبغي للعبد أن يكون رقيبًا على ربه في تصرفه فيه، وليس يطيق ذلك إلا بإذن الله تعالى، لعلمه بميزان ما شُرع له، فإنه وضع الميزان في الأرض وهو ما شرع لا غير، فل بخس ولا تطفيف، فهذا الرجل ما أعطاه حاله إلا أن يقول: (وليكن بين يدي شيخه كالميت بين يدي الغاسل) وإليه انتهى أكثر أهل الله، ولا ذوق لهم في هذه المرتبة الخامسة في هذا الباب، إلا القليل من أهل الله.


 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!