موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب الأجوبة العربية في شرح النصائح اليوسفية

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ويعرف هذا الكتاب أيضاً باسم: شرح روحية الشيخ على الكردى

 

 


حتى تصغر عندك نفسك

وأما قوله: (حتى تصغر عندك نفسك) فما أدري مع من يتكلم في ذلك من أهل الطريق؟ إن كان مع المريد الثابت فلا يصح، فإن توبته وإنابته تصغر نفسه عنده بل شك، وهذا شهود التائبين، وإن كان يخاطب من أهل الله من هو أعلى من المريد، فعلمه منعه من أن تكبر نفسه عنده، وإن كبرت عند العارف فليس ذلك الكبر بمذموم، وإنما هو بمشاهدة حقيقة كونها على صورة منشيها، فالكبرياء بالله لا لها، فإن صغرت في هذه الحالة عنده أو صغرها بنظره عند نفسها، فقد صغر الحق وألقاها في بحر الجهل بنفسها، وأخرجها عن معرفتها بها، ومن خرج عن معرفة نفسه، فقد خرج عن معرفة ربه، فالعلماء تشهد نفوسهم ذات كبرياء وعظمة، والمريد يشهدها صاغرة ذليلة، فإن صغرت عند العالم كان نقصًا في حقه ولم يكن عالمًا، وعاد ذلك الصغر على ربه، فأساء الأدب، فاستوجب الطرد.

وإن كبرت عند المريد نفسه فليس بمريد، بل هو من العوام، وكلام هذ الرجل إنما هو مع من يطلب طريق الله، أقلهم المسمى مريدًا خاصة، فبكل وجه أمره بم يصغر عنده نفسه حشو كلام في حق المريد، وجهل منه في حق العارف، أوغفلة لشغله بحاله، لأنه ذكر لي رضي الله عنه أنه ما قيد شيئًا من هذه الوصية باختيار منه، ولا روية، بل وجد في نفسه ما ذكره وقيده على حد ما وجده، وكانت له مادة في ذلك الوقت من صاحبه (علي الكردي) الذي كان يعتقد فيه، فمنه كانت تسري المادة إليه في كل ما يجد في نفسه، سواء كان ذلك عالى الشأن، أو منحطًا، ولهذا لما فاوضته فيما خرج عنه لم نجد عنده علم ما يقتضيه ما نطق به، فسألني في شرح ما قيده في هذا الوارد، فأجبته إلى ذلك.

واعلم أن كلامنا أبدًا [فيما] نتكلم به ابتداءً وجوابًا عن سؤال، إنما نتكلم على ما يقتضيه المقام والحال فأوفيه حقه، ولا أتعرض للناطق به الذي خرج عنه، فإنه ل يثبت الإنسان على حالة واحدة، فقد يرتقي عن ذلك وقد ينزل عنه في الزمان الآخر، فكلام المصنف إنما يكون على الأحوال لا على الرجال، ولهذا هم بُراء من الغيبة، فمن فهم ما قلناه وعلم مقصدنا لم يفرح لحمد، ولا يحزن لذم، إذا لم يتعرض إليه في شيء من ذلك، وهذا أعرف بنفسه، ولاسيما إن كان من أهل البصائر، فلا يقول مثل هذا إذا سمع كلامي فيما جاء به من دني الحال، إن كان هذا الشخص قد جهلني وجهل مقامي، فإني م تعرضت إليه في شيء من ذلك، ولينظر المنصف في الحال وكلامنا عليه، [فيجدني أعطيته حقه] كما أعطى الحق خلقه، وبه تعالى اقتديت، حيث بينت لك [مقصودي]، فإن الله تعالى يقول: ﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ [طه: 50]، أي بين للسامعين أنه أعطى كل شيء خلقه، كذلك فعلت لما أعطيت كل حال ومقام حقه، بينت أني أعطيت كل ذي حق حقه، والله الموفق، والهادي للصواب.

وأما قول هذا الرجل: (أن تكون في هذه الأحوال التي ذكرها ملازمًا للذكر) فإن أهل الطريق أجمعوا على أن ذكر الله سبحانه وتعالى في ذلك، أنه قرع باب المنح الإلهية في المعرفة بالله، [ومنعوا] من الفكر في ذلك، وبهذا زادت الصوفية وانفردت في العقائد في الله على أصحاب النظر، فإن النظر الفكري ما يعطي من المعرفة بالله إلا وجوه المستند إليه خاصة، ومن النسب المعبر عنها بالصفات، كما تعطيه الآثار في الأكوان، غير ذلك ل يكون، والذكر يعطي معرفة الأمر على ما هو عليه في نفسه، ولا ينقال أصلاً إلا بمثال، وهو أعلى من المثال، وقد نُهينا أن نضرب الأمثال لله، وقد ضرب هو المثل لنفسه، فيفتح لصاحب الذكر في ذلك المثل الإلهي ما يتكلم به، فيتخيل الأجنبي فيه أنه قد ضرب المثل لله، وهو ما فعل؛ وإنما ذكر ما فتح الله به عليه في المثل الذي ضربه الحق لنفسه، فأهل الله مجهولون عند الخلق، كما هو مَن هم أهل له مجهول عندهم، فل تُدْرَك مرتبة أهل الله في الدنيا أبدًا؛ لأن الله تعالى ما ظهر ولا تجلى لأهل الدنيا، وكما أن رؤيته في الآخرة محققة، فهناك يظهر أهل الله، فيتحقق قدرهم ومنزلتهم في العلم بالله.

وأما قوله: بعد قوله ملازمًا للذكر (أن تكون متحققًا به) فيريد بالتحقيق أن يكون الحق لسانه في ذلك الذكر لا هو، بخلاف التخلق بالذكر، فإن التخلق بالذكر أو باسم ما من الأسماء، هو أن تقوم فيه بنفسك قيام الحق فيه بنفسه، والتحقق أن يقوم الحق فيك في ذلك لا أنت، فإنه سمعك، وبصرك، ولسانك، ويدك، ورجلك في حال بطشه وسعيه لا غيره، فلذلك قال: (أن تكون متحققًا به) فتكون على بصيرة فيمن هو الذاكر بلسانك، ولا تكون آلة الصانع أعلم بصانعها منك، فإن الحق قد جعل لسانك وقواك وأعضاءك آلات له، يفعل ما يظهر عنها من التصرف، ولهذا أضافها إليك فقال: سمعك وبصرك ولسانك، ما قال: سمعي ولا بصري ولا لساني، وجعل هويته عين ما ذكره، فافهم إن كنت منور الذات، واعرف أنت واعرف هو، تكن منصفًا فإنه تعالى ما زال عنك بالكلية، ول أثبتك بالكلية، بل أعطاك ما أنت، وأخذ منك ما هو هو، فكذلك فلتكن أنت حتى تكن متحققًا بالأمر على ما هو عليه.


 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!