قلنا

قلنا: إذا خيرك في المباح بين أن تفعل وألا تفعل، فلا تفعل، هو حالك في الوقت، لأنك غير فاعل، فترجح أن تفعل على ألا تفعل حتى لأمره أثر عليك، فتأتي من المباح ما هو فعل، مثل قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُو فِي الأَرْضِ﴾ [الجمعة: 10]، فإذا قعدت في المسجد بعد صلاة الجمعة، فما زدت حالة ولا ظهر عليك أثر لم يكن، وإذا قمت من مجلس مصلاك إلى موضع آخر من المسجد أيضًا، فقد انتشرت في الأرض لأن المسجد من الأرض،  وقد ظهر عنك فعل أخرجك عن موضع مصلاك، فإذا فعلت هذا بهذا القصد أُجرت في المباح، الذي قالت الفقهاء: أنه ل أجر فيه ولا وزر، وكذلك في النواهي، أما المحرم فلا كلام فيه، وأما المكروه فما رجح النهي عنه؛ إلا وتركه خير للعبد، وأما نهي المباح المساوي لفعله فقد أريناك ترجيح الفعل في وصية معينة، فترجحه فيها وفي أمثالها، لأنه ما ورد في مثل ذلك إن شئت وإن شئت، فيرجح في مثل هذا الأمر على النهي، فإذا جاء في المباح إن شئت وإن شئت، فانظر إن كان قَدَم الأمر على مشيئة النهي فاعمل بالأمر، وإن قدم النهي فاعمل بالنهي، فإن الله تعالى مدح الذين يسارعون في الخيرات فما قدمه حتى رجحه فسارع إلى ما قدم كم يسارع هو في التقديم، وإذا ورد مثل «اعمل ما شئت فقد غفرت لك»، فكل ما عملت مما كان محجورًا عليك عمله، فلست مؤاخذًا به مما تكون فيه عاملاً، وينطلق عليك حقيقة اسم العامل، فإن تركت الصلاة بهذا الخبر كنت عاصيًا، فإنك م عملت وأخذت بذلك إن شاء الله تعالى، والعمل الذي يكون عليه عوضًا من الصلاة مثلاً من مكروه أو غيره، فإن ذلك العمل مباح لك وأنت غير مؤاخذ به، فإن الله تعالى قد غفره لك، فإن ترك المأمور به ليس بعمل وهو ما قال لا أعمل ما شئت، وكل عمل مغفور لك وإن الله لا يأمر بالفحشاء، فلذلك أباحه لك، فانظر ما نبهك عليه تنتفع بذلك إن شاء الله تعالى.