موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب الأجوبة العربية في شرح النصائح اليوسفية

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ويعرف هذا الكتاب أيضاً باسم: شرح روحية الشيخ على الكردى

 

 


ولا يشير إليك أحد منهم، فتغفل عن إشارته

وإنما قلنا: أراد السماع من الحق في هذا الكلام، لما تمم به، فقال: (ولا يشير إليك أحد منهم، فتغفل عن إشارته) الله الله فأثبتك، وإنما أثبتك فصفة الغفلة من جملة صفاتك، ولو جعلك في هذا المقام مهما جعل الغير ما قال لك: لا تغفل عن إشارة المشير، وهذه حالة السامع من الحق، غير ذلك من المقامات لا يكون، أعني: من مقامات الطريق.

وأما أمره: (بانكسار الهمة، وتواطي الرأس، والجواب بالعبارة اللطيفة) فهو يؤكد ما ذكرناه في قصد المتكلم بهذا الكلام، أنه يريد السماع من الحق، لأن الهمة م لها متعلق إلا الحق، فإذا وقفت عند هذا فلم يقف، وقدر أنه عين الحق المطلوب، فإنه ليس وراء الله مرمى، لهمتها وانكسارها عن النفوذ فيمن يكلمه عين رجوعها إليه، (وتواطي الرأس) في هذا المقام حياءً من المشاهدة، إذا رأى أن المتكلم معه الطالب [بجواب] منه، إنما هو الحق في هذا المجلى المخلوق، (والعبارة اللطيفة) بعد الإنصات لكلامه عند سؤاله هو قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ﴾ [الحجرات: 3]، ﴿لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُو لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ﴾[الحجرات: 2]، وذلك أن الرسول ﷺ مجلى الحق، فهو الحق يكلم عباده في هذا المجلى، وكلام الحق كله قرآن، وقد أمرن بالإنصات عند القراءة والاستماع، فإن طلب من الجواب في ذلك، أجبنا بألطف عبارة وأحسنها، كما فعلت الجن حين أسمعها رسول الله ﷺ سورة الرحمن، فكلما قال: ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ[الرحمن: 13] قالوا في الجواب: ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب، فما خاطبوا إلا الحق في الجواب، وحذفوا الرسول ﷺ من الوسط، فم سمعوه؛ إلا من الحق، فما أجابوا بهذا الجواب إلا للحق، ولذلك جاءوا بحرف الخطاب في قولهم: من آلائك، وأثنى عليهم رسول الله ﷺ حيث أجابوا بذلك، وجعل ذلك من حسن الاستماع، وفضلهم على الصحابة من الإنس إذ كانوا دونهم في الاستماع.

ومعلوم أن رسول لله ﷺ كان التالي، وإنما سُمي قارئ القرآن تاليًا؛ لأنه تالي الحق في ذلك، إذ الكلام الذي يتلوه هذا التالي هو لله، وهذا تالٍ له، فإنه ما سمعه السامع إلا منه ولا ينسبه التالي، أعني ما جاء به من الكلام لنفسه، ولا سمعه السامع؛ إلا من الله تعالى بسمعه، ومن ألفاظ الرسول بإذنه، الذي هو محل السمع في وقت حجاب السامع عن الله، أنه سمعه وبصره، فإذا كان من أهل هذا المقام الآخر يكون السامع والمستمع واحد العين في صورتين مختلفتين، بحالتين مختلفتين، خارجتين عن هذ الباب الذي أشار إليه هذا الشيخ - رحمه الله - في وصيته، والله أعلم.

ثم قال: (وإن كان في الجمع من يُشار إليه، ورأيت الجماعة تخدمه وتتأدب معه بين يديه، فاعلم أنه سيدك محمد ﷺ) هذا قد نبهك على حالة لباس الأرواح الهياكل، كم حدثني أوحد الدين بن حامد بن أبي الفخر الكرماني رضي الله عنه قال: خدمت شيخًا في رجوعي من الحج، فأصابه إسهال - يعني إطلاق البطن - فشق عليّ م يقاسيه، فسألته أن يتركني أكلم صاحب بـ (يمارستان) لبعض السبيل، فمنعني من ذلك، فلما رأى أن منعه إياي من ذلك [شق] عليّ، قال لي ليلة: رُح إلى بـيمارستان السبيل، وجئني بدواء ففرحت، وجئت إلى سبيل دانٍ بـيمارستان صاحب سنجار، وشمعة توقد بين يديه في خيمة له، وجماعته واقفون على رأسه في خدمته، وكان خادمًا، فعندما أبصرني بين الجماعة قربني، وأقبل عليّ، وسألني عن حاجتي، ولم يكن قبل ذلك يعرفنى، ولا بيني وبينه اجتماع، فقضى حاجتى وأعطاني الدواء، وخرجت من عنده فارحًا نحو الشيخ، فخرج في خدمتي، وأنا أقول له: ل تفعل خوفًا من الشيخ، وهو يأبى إلا المشي في خدمتي إلى بعض الطريق، فحلفت عليه، فرجع، وجئت إلى الشيخ وذكرت له الخبر، وجميع ما جرى لي، فقال: صدقت، وأخذ الدواء وما استعمله، ثم قال: يا ولدي مالي حاجة بهذا الدواء، وإنما أمرتك بذلك لما رأيت من توجع قلبك عليّ، فرحمتك، فلما وجهت خفت عليك أن يطردوك وينكسر قلبك، فانسلخت من هيكلي ولبست هيكل صاحب السبيل ذلك الخادم، فكنت أنا الذي أقبلت عليك، وقضيت حاجتك لا هو، جبرً لقلبك، وأنت إن كنت تشك في ذلك، فتعرف صدقي في رجوعك إليه دون أن أتلبس أنا بصورته، وتنظر، قال: فتعرضت له في اليوم الثاني فطردني، وما أقبل عليّ، وفعل بي نقيض م رأيت منه البارحة، فرجعت إلى الشيخ وأخبرته الخبر.

ولا شك أن الورثة إنما هم هياكل لروحانية النبي ﷺ، فهو رسول أبدًا حيًا وميتًا، فمن يطع الشيخ؛ فقد أطاع رسول الله ﷺ، فإنه روح هيكله، ومن أطاع الرسول فقد أطاع الله، فإنه مجلاه، وحينئذ الرسول ﷺ موضع ظهور الحق، ثم يفنى عن الرسول ﷺ بقوله تعالى: ﴿مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء: 80]، فيكون نظرك في الرسول فيغيب الرسول، فكما يبقى في مغيب الرسول بالنص، كذلك يبقى الحق في مغيب الشيخ عن بصيرتك، ويبقى الحق إذ هو المتكلم من الرسول، فإنما قال لك: (فاعلم أنه سيدك محمد) لكونك في سلوكك على شريعته، وسنته وطريقه، والمكلف من هذه الأمة لا يخلو في حركته وسكونه، وجميع أحواله، أن يكون على حال المشرع فيه، حكم بأحد أحكامه، فحكم الشرع قاضٍ فيه لا يفارقه، فلهذا قال لك: إنه سيدك محمد ﷺ إذ لا يشار إلى الشيخ؛ إلا لتحقق اتباعه، وإذا رأينا من يدعي في هذه الأمة مقام الدعاء إلى الله على بصيرة، ويخلّ بأدب من آداب الشريعة، ولو ظهر عليه من خرق العوائد ما يُبهر العقول، ويقول: إن ذلك أدب يخصه، ولا يلتفت إليه، فليس بشيخ ولا محق، فإنه ل يُؤمَن على أسرار الله تعالى؛ إلا من يحفظ عليه آداب الشريعة، ولكن شرطه أن يبقى معه عقل التكليف، فإن طرأ ما يخرجه عن عقل التكليف، فيسلم إليه حاله ولا يقتدي به، وهو سعيد، وهو في الوقت الذي سلب عنه عقل التكليف، بمنزلة الشيخ عندما يموت فيم يقبض روحه على ما كان عليه، كذلك يؤخذ عن هذا الموله عقله على ما كان عليه، فيبقى سعادته سعادة الميت، ولا يُدبر لنفسه الناطقة في هيكله لفقد آلامها، فيبقى مثل سائر الحيوانات تدبره روحه الحيواني، ولا يعترض، فإن الله ما كلفه، كما أنه لم يكلف الموتي وإن كانوا سعداء.


 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!