موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب الأجوبة العربية في شرح النصائح اليوسفية

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ويعرف هذا الكتاب أيضاً باسم: شرح روحية الشيخ على الكردى

 

 


واعلم أنه بهمة شيخك، وشيخ شيخك، وإخوة شيخك، وغلمان شيخك

فافهم ما ذكرناه لك لكي تسعد، فإن هذه الحالة جهلها أكثر أهل الطريق، فكيف عامة الفقهاء؟ فإذا عرفوا ما قلناه لم يقدروا على إنكاره، وإنما يحجبهم عن ذلك ما يرونه منه من حركاته الطبيعية، في أكل وشرب ونكاح وشبه ذلك، فيقولون كما أنه ينكح ويأكل ويشرب، فليصلِ، وتحجبهم الصورة الإنسانية الظاهرة، وما يعلمون أنه حيوان في صورة إنسان، وأن نفسه الناطقة انقلبت إلى البرزخ انتقال الموتى، وإن كان لها التفات إلى هذا الهيكل، فمن أجل بلوغ الأجل المسمى، الذي للروح الحيواني في كل حيوان يموت، فإن الموت إنما هو للحيوان لا للإنسان، إلا من كونه حيوانًا فافهم، فتعتقد في مجانين أهل الله، ولا تقتدي بهم، بخلاف عقلائهم.

ثم قال بعد دعاء دعا به لنفسه وللمسلمين: (واعلم أنه بهمة شيخك، وشيخ شيخك، وإخوة شيخك، وغلمان شيخك) يقول: واعلم أن إشهاد الحق إياك سيدنا محمدًا ﷺ في هذا المقام من أكبر الاعتناء الإلهي بك، إنما كان بهمة من ذُكر، إن كان من ذكره له همة متعلقة بالله في حق [السالك]، واعلم أن الله سبحانه وتعالى إذ أشهد من شاء من عباده نفسه تعالى، فإن ذلك لا يدل على علو مقامه ولا حاله، ولابد أن الحق في عقد كل ذي عقد صغير وكبير، وهو المتبوع في الاعتقادات بحسب ما تعلقت به تلك الاعتقادات، فلا يعرف العالي من الأعلى من ذلك، ولا المعصوم من غير المعصوم من ذلك، فإن الله تعالى عند لسان كل قائل - يعني بما يقول - فلذلك هو عند اعتقاد كل معتقد، وأثنى الاعتقادات وأعلاها، كل اعتقاد في الله تعالى سبحانه وتعالى، أخذه  صاحبه من كتاب إلهي منزل، أو من أخبار رسول الله ﷺ أو رسول من الرسل، ودل ذلك ما دلت عليه العقول، وبينهما ما صورته الأوهام من بين العقول والأخبار. وما ثَم إلا هذه المراتب الثلاثة: إما إله دل علي ما ينسب إليه عقل سليم، وإما شرع ثابت مقرر، وإما وهم مصور في دليل نظري أو خبري، وليس ثَم غير هذا. النفس مصرفة تحت سلطان الوهم، أكبر من تصرفها لسلطان العقل، فإن الوهم أقوى وأقرب نسبة إليه من العقل، فإن ميدان الوهم واسع، فجولانه في الأمور أطلق من جولان العقول، وجُل الأخبار الإلهية جريها مع [الأفهام] أعظم من جريها مع العقول؛ لأنه تعم بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى الصغير والكبير، والعالم والمقلد، والوهم له التصرف في الجميع الخاص والعام، والعقل ما له تصرف؛ إلا في خصوص قوم، مع كون الوهم لا يفارق قط موطن حكم العقل. ولاشك أن أخذ العلم بالله من خبره تعالى، أحق به من العلم به من حيث النظر العقلي بكثير، فإنه تعالى في نفسه أعلم، والعقل ل يدرك ما يدرك من ذلك؛ إلا بضرب مثال وهمي، وقياس غائب على شاهد فإن الأمر غيب، ول تقيس عليه مشهود له، وطرد العقل مم شهده غائبًا وشاهدًا من الحكمة، ولولا أن الأمر أوسع من ذلك، فإن التوسع الإلهي يقبل كل قول قيل فيه، لكان بعض النظار يخيب، وبعضهم يصيب، والكل مصيب فيما ذهب إليه، بدليل أن الله تعالى ما يتجلى له فيعرفه عبده إل في اعتقاده، وفيما عقد عليه مع نفسه، عقد عقل، أو وهم، أو وقوف عند خبر إلهي، ولكن لابد من وهم يصور ما جاء به هذا الخبر، حتى ينضبط له، ولولا ذلك ما كان عقدًا، فإن ما لا ينضبط لا ينعقد، فإذ أشهد الله من شاء من عباده ما شاء من العلم به، بحضور رسول من رسله، أو بحضور سيدن محمد ﷺ وهو التامة الأتم، وهم طائفة لا يتصور سلطان الأوهام على صورهم، بخلاف رؤية الإله في مثل هذه المشاهدة، يعلم المريد بحضور ذلك السيد المصطفى، أنه محفوظ الكشف والشهود لعدم إنكار حضور السيد له في الواقعة، وترك النُكر لذلك، فيكون على بصيرة فيما رآه، وأنه رآه بالأفق الأعلى، لا بالأفق العالي، فإن قوله تعالى: ﴿بِالأُفُقِ الأَعْلَى﴾ [النجم: 7]، هي رؤية الشهود، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [النجم: 13]، أي: رؤية قبل ذلك، وهي الرؤية الوهمية، فإن كان ذا نظر عقلي فهي الرؤية النظرية الفكرية، وشهود ما أدركه النظر الفكري أعلى من حال النظر في ذلك، فلذلك جعله أعلى، فدل حضور النبي ﷺ في الوقائع على مرتبة صاحب الواقعة، وعصمته وعلوه فيما رآه، فإنه من مرآة الحاضر يبصره لا من مرآته، مثل مسألة الشاب الذي أغنته رؤية الله سبحانه وتعالى عن رؤية أبي يزيد في زعمه، فلما حضر أبو يزيد - رحمه الله - هذا الشاب، لم يطق حمل عظيم ما رآه، فمات من حينه، فأين هذا الادراك بحضور أبي يزيد من ذلك الإدراك، الذي انفرد به؟ وأين أبو يزيد من سيدنا محمد ﷺ؟. ولقد روينا عن أبي موسى الديبلي عن أبي يزيد البسطامي: أنه سأل الله تعالى رؤية مقام رسول الله ﷺ من ربه؟ فقيل له: إنك لا تطيق، أي: نورك الذي ترى به يضعف عن إدراك ما تطلبه من ذلك، مع كون الحق في هذه الحال بصره، فكيف به لو لم يكن بصره، فألح في السؤال، قال أبو يزيد: فَفُتح لي من ذلك قدر خرم إبرة، فلم أطق الثبوت عند ذلك، وأُحْرِقت، هذا قوله عن نفسه: فلولا مشاهدته في الصور المعتادة؛ لما ثبت أحد عن رؤية شيء من ذلك، فإنا ل نشك في قوة رسول الله ﷺ وثباته، وعلو رتبته ومقامه، في معرفة ربه سبحانه وتعالى، ومع هذا قيل له في حق ما أعطيه أصحاب الكهف: ﴿لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً﴾ يعني خوفًا على نفسك أن تذهب ﴿وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً﴾[الكهف: 18]، أي: في قلبك، فإنهم جماعة ولكل واحد منهم حال مع الله تعالى في إيمانه به، ما هو للآخر، فلو اطلعت عليهم بالجملة؛ لرأيت اختلاطًا في الأمر، واختلافًا في النظرة الواحدة، فكنت تخاف على نفسك من الحيرة فيما رأيته في النظرة الواحدة، فكنت تولي فرارًا، وتملأ قلبك رعبًا من هول الأمر، لأنك ترى ما ل تقدر على دفعه؛ لعلمك بأن الله جعل ذلك كله حقًا، ولا ينضبط لك منه شيء دون شيء، فتحار وتُملأ رعبًا من الخوف. شعر:

تفرقت الضبـاب على خـداش
 

 

فمـا يـدري خـداش ما يصيد

وليس في قوة هذا الصائد أخذ الكل، ولا يدري ما هو الأولى من ذلك فيقصد إليه ويترك ما سواه، فإنه يرى العين واحدة في صور كثيرة، كما يرى الإنسانية واحدة في أشخاص كثيرة، بأحكام مختلفة يريد ضبطها فلا تنضبط، فإن الأمر فيما لا يتناهى ل ينضبط، إذ لو انضبط لتناهى، فلو أن صاحب الواقعة يرى الحق في واقعة بحضور جميع الرسل؛ لكان حاله حال النبي ﷺ لو اطلع على أصحاب الكهف، فلذلك لم يشهد الله تعالى صاحب الواقعة ما أشهده من العلم به؛ إلا بحضور الرسول وحده ﷺ فإن الله تعالى قد جعل لكل رسول فيه شرعة ومنهاجًا، أي: ما رأى إلا ما أعطته حقيقة نشأته الروحية، الصادرة عن مزاج طبيعته، وكما لا يتكرر مزاج، لا يتعدد بين اثنين معراج، ولكل معراج غاية، فلا تتوحد بين اثنين غاية، بل لكل مزاج معراج، ولكل معراج غاية، بل للإنسان الواحد معارج كثيرة، وغايات كثيرة بعدد معارجه، بل لا يكون له في كل مزاجه إلا معراج واحد، لأن مزاجه لا يدوم زمانين، وإن كان ذلك في عين جوهر واحد، فلا خفاء باختلاف الصور على ذلك الجوهر الواحد، ولا معنى لاختلاف الصور؛ إلا وجود المزاج، فهذا المزاج غير هذا، فلما نظرنا الجوهر القابل الذي لا وجود له، إلا بالصورة كذلك تجوزنا بقولنا: بل للمزاج الواحد معارج كثيرة، وليس هو في نفسه إلا على ما قلناه، فالخلق جديد مع الأنفاس كثير بالصور، والحق ليس بجديد، بل هو مستمر ثابت، واحد العين والقبول، فاعلم ذلك.


 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!