وإذا صح عزمك مع حبيبك رفع المشاركة، أذهب الله عن قلبك م سواه

وأما قوله: (وإذا صح عزمك مع حبيبك رفع المشاركة، أذهب الله عن قلبك م سواه).

قالت الطائفة - بلا خلاف - أصحاب الذوق: أن العبد إذ صدق في ترك شهوة من أجل الله، ذهب الله بها من قلبه.

وما أحسن هذا التحرير منهم رضي الله عنهم فإن تلك الشهوة أو ذلك الشيء، لابد أن يكون فيه وجه للحق، فإذا صدق المريد أو صح عزمه في ترك شيء من أجل الله تعالى، فم كان ذلك منه؛ إلا لحجابه عن ذلك الوجه الإلهي الذي لذلك الشيء، إذ لو رآه ما صدق في تركه، بل كان يلزمه من أجل ذلك الوجه الإلهي، فإنه إذا صدق في تركه من أجل الله تعالى، ففاته خير ذلك الوجه الإلهي الذي خص به ذلك الشيء، فذهب الله بذلك الشيء من قلبه، كذا قال المحققون، فأضاف الذهاب إلى الله مع ذلك الشيء، يريد ذهاب ذلك الوجه الحق بذهاب الشيء، فقالوا: إنه ذهب الله، وقال هذا الشيخ: (أذهب الله ما سواه عن قلبه)، وكثير بين العبادتين، وكل عبادة معنى في الوجوه الإلهي، الذي في كل من لا ينفك عنه، لأنه حافظه وعنه صدر، ومن المحال ألا تكون عين الله تصحب كل شيء، مم يقال فيه: أنه سوى الحق وهو قوله تعالى: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ ﴾ يريد كل ما سواه ﴿أَيْنَ مَا كُنتُمْ﴾ [الحديد: 4]، وقوله: ﴿وَلاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا﴾ [البقرة: 255]، وقوله: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَ كَسَبَتْ﴾ [الرعد: 33]، وكل ما سوى الله نفس، وذات عين وحقيقة، حتى ما كسبته، فما كسبت إلا نفسها، فيتخيل من لا علم له بالطريق، أن الله تعالى لما ذهب بتلك الشهوة من قلب ذلك الصادق في تركها من أجل الله، أن ذلك ثناء ومدح وعناية بهذ الصادق، كلا والله، بل ذاك هو الخسران المبين، وإنما ذلك ثمرة الصدق في الترك.