موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب الأجوبة العربية في شرح النصائح اليوسفية

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ويعرف هذا الكتاب أيضاً باسم: شرح روحية الشيخ على الكردى

 

 


مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ

وأما أمره للمريد بالدعاء لشيخه، فإنه من شكره له، فإنه والد ديني روحاني، والله قد أمرنا أن نشكر لله ولوالدينا، وما خص والدًا من والد، أعني: والد النسب من والد الدين، فإن الله تعالى قد جعل والد الدين أبًا، فقال لأمة محمد ﷺ وهو مبعوث لمن يعود في نسبه إلى إبراهيم، وإلى غير إبراهيم ممن لم يأت على طريق إبراهيم، فقال: ﴿مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ﴾ [الحج:78]، فجعله أبًا لنا في الدين، والشيخ أبو دين، فتعين علينا أن نشكر لهم، ولا أعظم في الشكر من الدعاء لهم، كما أمرنا الله تعالى بالصلاة على النبي ﷺ مع علمنا برتبته، وطلب منا ﷺ أن نسأل الله تعالى له، فلذلك أمرك هذا الشيخ بالدعاء لشيخك، فإن النبي ﷺ يقول في الصحيح نقلاً وكشفًا: «إن الرجل ينقطع عمله إذا مات إلا من ثلاث: علم يبثه في الناس، أو صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له»، فجعل الدعاء من عمله بعد موته، لأن ولده من عمله، وبهذا جاء الخبر الصحيح كشفاً أن رسول الله ﷺ قال: «أفضل ما أكله الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه»، والولد الديني أقرب في رتبة القربى من الولد النسبي الصلبي بلا شك، فإن ولد الصلب يرث أباه بدينه في أي دين كان، فما اعتبر الشرع إلا الدين، ولذلك قال: «ما ترك لنا عقيل من دار»، فلو وقع الورث بالصلب دون الدين لورثه علي كما ورثه عقيل، فالجامع بين النسبين أحق بالميراث من المنفرد بالنسب الواحد، ويعرف بإنفراده بالنسب الديني فلا يرث بعد هذا النسب.

وأما أمره لك بالتواضع مع أهلك وعباد الله الصالحين، فالتواضع لا يكون إل من ذي رفعة، يقول لك: لا تعامل أهلك بالعزة عليهم لكونهم ناظرين إليك معتقدين في نفوسهم أنهم دونك، وكل من أمرك بالتواضع فقد شهد لك بالرفعة عن المقام الذي تنزل إليه، وم أهلك؛ إلا الذين هم أهل طريقك المزاحمون لك في رتبتك، التي أهلهم الله لها، فإن تواضعك لهم لا يكون عن رفعة عليهم، ولكن تواضعك عين اعترافك أنك آخذ منهم ما هم عليه وهم لا يشعرون، فقد زدت عليهم بهذا القدر فترفعت عنهم، فتعين عليك أن تتواضع لهم حتى لا يظهر عندهم افتقارهم إليك، فيجهلون منك ما تعرفه أنت منك، فإن المتواضع إنما يطلب الستر عمن تواضع له، فإن رفعة مقامه من أحكامه التواضع ولو لم يكن من أحكامه ما كان رفيعًا، فإن علم ذلك منك مما علم من الرسول في تواضعه لأصحابه، ومن الملك في تواضعه للسوقة، فإن ذلك يزيد في حبهم إياك وشكرهم لك، وعليهم بعلو مقامك، وأصل هذا كله ما ثبت في الخبر الصحيح نقلاً وكشفًا: «أن الله تعالى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا على عزته وجلاله إلى عباده، فيقول: هل من تائب؟ هل من مستغفر؟ هل من داعٍٍ، فما نزل إلا من رِفعة، أين غناه عن العالمين من هذه الرتبة، ومن طلبه القرض من عباده، وأما الأهلية أيضًا في هذا الموطن فثابتة بالنقل أن «أهل القرآن أهل الله وخاصته»، وقال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ﴾ [النحل: 43]، يريد القرآن فإنه كلام الله تعالى، وكلامه ذاته، فهم أهل الله تعالى، فإذا كان الله تعالى ينزل إلى أهله، فأنت أولى بالنزول إليه من هذه الرفعة العارضة، فإن نسبتك إليهم أعظم وأبلغ من نسبة العالم إلى الله، فيما يظهر للمؤمنين أن ذلك معهم نسبة المثلية، وليست للعالم هذه النسبة مع الله مع هذا جعلهم الله تعالى أهله.

ثم قال: (وإذا رأيت بعض الأولياء قد أخفى حاله عن الناس، ويُظهر لهم خلاف حاله، فإياك أن تنبه أحدًا من الخلق عليه) أصل هذا الخبر الصحيح نقلاً وكشفً يوم القيامة إذا تجلى الحق لعباده في غير الصورة التي يعلمون، فينكرونه، والعارفون به مثل الأنبياء في ذلك الموطن لا ينبهون العالَم عليه، فإنهم علموا من الحق أن ذلك مراده في ذلك الموطن، فلم يخالفوه في ذلك، وقصده رضي الله عنه في ذلك الأدب، فإنه من الأدب معهم أن يجري معهم على ما يريدون، وأما التحقيق في ذلك@ وربما فات هذ الشيخ العلم به أو علمه، فقصر في العبارة عنه، فهو أن تعلم أن تلك الصورة التي ظهر فيها هذا الولي من أحواله أيضًا، فما ظهر بخلاف أحواله، وإنما ظهر بخلاف الحال التي يعتقد في الولي أنه حال له، ولا يُخفي ولي حاله عن الناس؛ إلابدخوله مداخلهم في عاداتهم مما لا تُهتَك فيه حرمة شرعية، فلا ترى العامة من هذ الولي إلا ما اعتاده من العامة، فلا يتميز لهم حال الولي المتوهم في نفوسهم، فيكون سترًا لهم على هذ الحال المتوهم، فما استتر أيضًا إلا بحاله، فإن استتر بأمر في الظاهر عندهم أنه منتهك فيه حرمة شرعية، فالغلط في نظرهم لا في نفس الأمر، وبعيد أن يقع مثل هذا من كبير في الطريق متمكن، ولا من صاحب حال لشغله، فإن صاحب الحال تحت حكم حاله، فل يقوم له خاطر في الستر ولا في الظهور، وإنما هو بحكم ما يصرفه فيه حاله، وإنما  يقع الستر من الأكابر بالمباحات والعادات، التي لا يقدح الشرع فيها خاصة، وإن اتفق أن يظهر عند الناظر أن ذلك فيه انتهاك حرمة مشروعة، فما هو مقصود لذلك الولي وإنه جارٍ على عادته في ذلك مع الله تعالى، وأن شغله في ذلك الوقت مع الله بحكم م اعتاده منه لا مع الخلق، فيتخيل الأجنبي أن ذلك الولي قصد الستر بما جرى منه، مم ظاهره منكر وباطنه معروف، وليس كذلك، فما أتى هذا الولي؛ إلا لأمر صحيح محمود في الشرع لو أنصف هذا الناظر، كرجل شرب كأس خمر في نظر عين الحاضر، لعلمه بخمرية ذلك الكأس، وهو شرب ما يجوز له شربه، ولا يعلم ذلك الحاضر حتى يتناوله إياه منه إن اعتنى به، إذا لم يخطر له ستر حاله، فشربه الأجنبي شرابًا حلالاً، فالأجنبي الذي ل يعلم ذلك محمود عنده في إنكاره، موفٍ لمقامه، والولي محمود في فعله إذا لم يقصد الستر، فإن قصد الستر بمثل هذا فهو مذموم في الطريق، بل لا يقع مثل هذا من ولي في العموم، وقد يقع من ولي في الخصوص من أصحابه اختيارًا منه لصدق دعواه في التسليم له، هذا ما لا يمنعه.


 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!