موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب الأجوبة العربية في شرح النصائح اليوسفية

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ويعرف هذا الكتاب أيضاً باسم: شرح روحية الشيخ على الكردى

 

 


لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ

ولاشك أن الشيخ أعظم حرمة من والدته، فإنه لدينه ووارث سيدنا محمد ﷺ في إرشاده، ورسول الله ﷺ يقول: «لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»، وأما إن كان إتيانه إلى الشيخ من نفسه من غير استدعاء، فحينئذ يفعل هذا الذي ذكره الشيخ، من دخول المسجد والصلاة، فإن رسول الله ﷺ كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين، واعتبر هذا القدر هذا الشيخ في وصيته بالصلاة، إن كان في طريق المريد مسجد.

وأما وصيته بأن يسأل الله أن يعطف عليه قلب شيخه ، فإن أكثر أوقات الشيخ شغله بربه، يجده في شغل عنه، فإذا جاء إليه المريد، وقد سأل الله تعالى مثل هذا السؤال، ووجد الشيخ في شغل مع ربه في خلوته، ما يبعد أن يجيب الله دعاءه، فيقول الحق للشيخ في سره: هذا فلان قد وصل، فاقض مطلوبه فيما جاء فيه إليك، ولقد دخلت على أعظم شيخ لقيته، يقال له: صالح العدوي ، فسلمت عليه وهو في مرضه، فرد السلام بين شفتيه، حتى قلت: أنه ربما رد السلام أو لم يرد السلام، وشككت فيه، كما كان يشك أحد الثلاثة الذين ذكرهم الله في القرآن، لما أعرض عنه رسول الله ﷺ، فكان إذا دخل المسجد، وسلم على رسول الله ﷺ شك هذا الصاحب في رد رسول الله ﷺ لخفائه، فكدت أذوب في موضعي، خوفًا من مقت الله سبحانه وتعالى، وبقيت أرعد، والشيخ مُقطب الوجه غير ناظر إلىّ، ضارب ببصره إلى الأرض، فأعدت عليه السلام عالي الصوت، فرفع بصره إلىّ وتبسم في وجهي، ورد عليّ السلام، ورحب وانبسط، فقلت: يا سيدي قتلتني والله بإعراضك عني، فقال: كان عندي فلان قبل دخولك وهو ممقوت، فمنه كنت معرضًا، وقام وانصرف وما عندي خبر بإنصرافه، لشدة إعراضي عنه، وجئت أنت وما علمتُ بمجيئك، وتخيلت في سلامك الأول، أنك ذلك الشخص، وأما أنا يا ولدي فوالله إني لأحبك الحب الشديد، وفي تلك الليلة مات الشيخ، فنظرت في حال ذلك المريد، فلم يزل في إدبار في دينه، إلى أن خرج عن دينه بالكلية، وأباح المحرمات عقدًا. فلهذا كان سؤال هذا المريد أن يعطف [الله] عليه قلب هذا الشيخ، ولم يقل بوجهه، فإن النبي ﷺ أقبل بوجهه، وبش في وجه مَن قال فيه حين رآه قبل وصوله إليه:»بِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ»، فما بش في وجهه إلا اتقاء شره، كذا ذكر رسول الله ﷺ، فلهذا قيد هذ الشيخ سؤال هذا المريد، تعطف قلب الشيخ عليه، فإن القلب بيت الحق الذي وسعه، فإذ انعطف عليه قلب الشيخ، عطف عليه الحق بما هو معروف لذلك الشيخ، فإن قدر الحق في كل قلب، على قدر المعرفة به.

وقد علمتم حكاية أبي يزيد في ذلك في حق المريد، قال له بعض أصحابه: لما لا تمشي إلى بيت أبي يزيد فتراه؟ فقال المريد: رأيت الله وأغناني عن أبي يزيد، فقال له الرجل: لأن ترى أبا يزيد مرة خيرًا لك من أن ترى الله ألف مرة، يشير إلى ما ذكرناه من أن الحق في معرفة أبي يزيد، أتم [من] معرفة هذا المريد به، فأراد المريد وكان صادقًا أن يرى صدق هذا القائل.

واتُفق أن أبا يزيد مر فقال له الرجل: هذا أبو يزيد، فنظر إليه ذلك المريد، فمات من ساعته، فقيل لأبي يزيد عنه، فقال ما قلناه، كان الحق عنده على قدره، وقدرنا أعظم من قدره، فمعرفتنا بالله أعظم من معرفته به، فلما رآني كشف الله عن بصيرته، فرأى الحق على قدرنا لا على قدره، فلم يطق فمات، وكذلك جرى لموسى صلى الله عليه وسلم لما صُعِق حين تدكدك الجبل من عظمة التجلي، وكان اندكاكه عن الله، فإن الله ما تجلى للجبل إلا على قدر علم الجبل به، فكان يثبت، فلذلك قال ﴿جَعَلَهُ دَكاً﴾ [الأعراف: 143]، ولم يقل: فلما تجلى ربه للجبل اندك الجبل من نفسه، وإنما كان اندكاكه بالجعل، وهو كان حجاب موسى، فلما زال رأى موسى ما رأى الجبل، فصعق من نفسه لرؤيته، ولم يطق مع علمنا بأنه ذو معرفة بربه في قلبه، فلو تجلى له على قدر علمه به لما صعق، وكذلك مذهبنا ومذهب سهل وأهل الحقائق في الجمادات، أنها أعظم علمًا بالله، وأنها مفطورة على العلم بالله، بخلاف الإنسان من حيث مجموعه، الذي به سمي إنسانًا.

فإن قلت: ظاهر الآية تعطي أن موسى ما رأى ربه، لأن الشرط في رؤيته ما وقع، قلنا: إنما نفى الشرط ما خلصه من استئناف الرؤيا، فم استأنف الرؤيا، بل رآه في الحال لمن فهم الآية الواردة في ذلك، والصعق تبين م أشرنا إليه، فإن اندكاك الجبل لا يصعق موسى ولا غيره، وإنما كان حجابه الجبل، بنظره إليه عن أمر الله له بذلك، فأزاله الله رفعًا لحجابه، فرأى موسى ما رأى الجبل في الحال، كما رأى ذلك المريد ما يراه أبو يزيد من علمه بالله، وهذه المسألة التي نبه عليها هذا الشيخ في وصيته، [تتفرع] وتتشعب وتُنبيء عن معرفة تامة، في روحانية [وعشق]، فاقتصرنا على هذا القدر في التنبيه لمن عقل عنا م أردنا. 


 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!