ثم إذا فرغ من الصلاة يأتي باب الشيخ، ويقف بالبعد من الباب تأدبً بين يديه

ثم قال: (ثم إذا فرغ من الصلاة يأتي باب الشيخ، ويقف بالبعد من الباب تأدبً بين يديه) إنما أمره بالوقوف على البعد من باب الشيخ، لئلا ينفتح باب الشيخ، فربما يخرج الشيخ في حالة لا يطيقها المريد، فيجري عليه ما جرى على المريد، الذي رأى أبا يزيد على غفلة، فإذا كان بالبعد كان أثبت له، وإن كان نور الشيخ عند المريد صاحب الكشف، لا تحكم عليه المسافات ببعدها ولا قربها، فإن زمان لمع البرق، غير عين زمان انصباغ الهواء به، عين زمان ظهور الأسماء به، عين زمان نظر الناظر إليه، ليس بين ذلك زمان، بل الزمان واحد في ذلك الجميع كله، فمثل هذا هو ما علمت أن لمع البرق يتقدم على صبغ الهواء به، وصبغ الهواء به يتقدم على ظهور الأشياء به، وظهور الأسماء به يتقدم على إدراك البصر من الناظر إياه، ومعلوم أن الزمان واحد في ذلك كله لقِدم المراتب، كتقدم العلة على معلولها، مع مساوقته لها في الوجود، ولكن لابد أن يكون للبعد أثر لا يكون للقرب، وإنما أمره بهذا البعد على جهة الأدب، عسى الله أن يكشف للشيخ إتيانه، فيخرج الإذن من الشيخ مع بعض أصحابه، بأمره بالدخول عليه، فيكون قد ترك من طريقه قدر ما يقطعه إلى الشيخ، بطريق الوجوب لما أمره الشيخ، فيلقاه مؤديً واجبًا، فإن رؤية الله، ورؤية رسوله، ورؤية الشيخ، الذي هو من أُولي الأمر في حق هذا المريد، من طريق الوجوب أداء الفرائض، أتم من رؤيته من حيث النوافل والتطوعات، فلأجل هذا الطمع أمره بالوقوف على البعد أيضًا.