ما تقرب المقربون بأحب إلى من أداء ما افترضت عليهم

وقد شرع لله الحكمين، وأمر الزوجين، أن يدخلا تحت حكمهما، ومن ولى على نفسه شخصًا لزمه الدخول تحت أمره، إذا أمر بما فيه قربة، معلومة في الشرع المطهر إلى الله، أو بمباح للمأمور فعله، فيرجع أمر هذا الشيخ واجبًا، فيحصل للتلميذ أجر من أدى واجبًا، [ومنزلة] الذي له من الحق، فإن منزل أداء الواجبات من الحق، غير منزل النوافل، وبما في النوافل من الواجبات، تكون النوافل ذات أرواح علية عند الله، فإنه تقرب في نافلة بما فيها من الواجبات بأحب ما لله، فإنه يقول في الخبر الصحيح الإلهي «ما تقرب المقربون بأحب إلى من أداء ما افترضت عليهم»، فيدخل في هذا الخبر، الفرائض المطلقة، والفرائض التي يتضمنها النوافل، ونتيجة الفرائض المعلومة عندن بالذوق، ونتيجة النوافل المعلومة عندنا ذوقًا وسمعًا، فإن الشرع نص على نتيجة النوافل، ولم ينص على نتيجة الفرائض، إلا بقوله «أحب إلي» فجعل ذلك الحب فوق ما تنتجه النوافل من الحب الإلهي، وذكر في الحب الإلهي الذي تعطيه النوافل، أنه أعضاء عبده وقواه، عند قيام أحكامها بها هويته تعالى، ولم يذكر في حب الفريضة الذي هو أحب إليه من النافلة، ما ينتجه حب الفريضة فما يُعلم إل ذوقًا، وهو من الأسرار المكتمة، فإن الإنسان في أداء الفريضة عبد اضطرار، وفي النافلة عبد اختيار، [والعارف تعطيه معرفته أنه لا يتقيد في عبوديته باضطرار ول اختيار] بل هو عبد مطلق لله، لا يخطر في عبوديته اضطرار، ولا اختيار.

فإذا أمر الشيخ المريد بأمر، يشكر المريد الله تعالى على ذلك، لأن أمره إياه تعريف من الشيخ لهذا المريد، وبشرى أنه قبله مكلِفًا له بأمور، ثم إن الشيخ لا يخلو في أمره ذلك المريد، إما أن يشاهد نفسه آمرًا عليه بما حكمه المريد به على نفسه، فهو من تولية المريد، فينكسر عند هذا الخاطر في نفسه، فإنه غير مستقل في ولايته عليه، إذ ما وليه إلا بتوليته إياه، ما هي ولاية قهر.