( وإن رأيت أن [تُجري]

واعلم أنه لا شيء أصعب في هذا الطريق، ولا أشد خسارة ولا حرمانًا من الاعتراض على الشيوخ، ورد القول عليهم، وإذا رأيتم الأجنبي فضلاً عن المريد يرد على الشيوخ بما تقرر في علمهم، فاعلموا أنه محروم لا يفلح أبدًا، ولا يجيء منه شيء ما دامت هذه الخلة فيه، ولا أقل من أن ينزلوا هذا الشيخ منزلة المجتهد إذا اجتهد في الحكم، و[حكم] من رد على المجتهد حكمه بالنظر إليه، فقد أساء الأدب [مع] الشارع، ورد م قرر الشارع حكمه في حق ذلك المجتهد، ومن رد شرعًا مقررًا، فقد عصى الله ورسوله فيم قرره، وإن كان هذا الفقيه لا يقول بذلك، ولا تعبده الله به، وحرام عليه فعله ل قبوله من ذلك المجتهد، وهذا يقع كثيرًا من جهلة المقلدة من الفقهاء من تقدم من الأئمة، فأضافوا إلى التقليد الوقوع في المجتهد، وتخبيطهم وليس لهم ذلك.

ثم قال  ( وإن رأيت أن [تُجري] أمر من أمور الدني بحضور الشيخ، ويعتقد في ذلك أنه ما هو على وجه المصلحة، فافهم من ذلك أن أمور الدنيا ما ينبغي أن يأتي بها الإنسان على وجه السداد والإحكام، بل دفع حال يوم بيوم، ثم عرض نفسك لفعل ذلك، فإن أذِن في صلاحه وإلا فقد فهمت الغرض. وبالجملة فكن بين يدي الشيخ كأنك بين يدي من إذا رأى منك ذلة قطع رأسك، بل هذا أبلغ، فإنك تخسر مع ذلك والعياذ بالله الدنيا والآخرة، فاحفظ نفسك، وتوسل إلى الشيخ في جميع ذلك، ثم بعد ذلك تسعى في تطييب قلب كل مريد للشيخ، وتحترمه وتهابه، غاية الهيبة والاحترام وتكرمه، فإن المريد إكرامه لأجل الشيخ، ولكرامة عين  تكرم مائة عين، وإن قدرت على المواساة، وإياك من التقصير في ذلك، أو كل من قدرت عليه خصوصًا المريدين، وليكن السخاء والإيثار سجيتك، وليكن الذل والمسكنة والانكسار [سيمتك]، أيها المريد دائماً. وكذلك الحزن، وكن شديدًا في كل ما ذكرته لك، قوي العزم في ذلك جميعه، ولتعلم أنه مهما كان قلب الشيخ معك ما يضرك أحد أصلاً، وإن زال قلب الشيخ عنك، والعياذ بالله من ذلك، صرت بين الناس كالمطرود من مكان إلى مكان، والعياذ بالله من ذلك، واعلم أنه إذا كان قلب شيخك معك، لو اجتمع أهل السماء والأرض أن يضروك لم يقدروا على ذلك، فإنه مهما كان قلب الشيخ معك كان الله معك).

أما قوله: (فيما يجري من أمور الدنيا بين يدي الشيخ. إلى قوله دفع حال يوم بيوم) فاعلم أولاً، أن هذا الشيخ قاصر في العبارة عما يجد، واعلم أن القوم قد ذكروا في الفتوح المصطلح، فتوح في العبارة، وما كل من يجد يقدر على التوصيل، وما كل من يقدر على التوصيل، يكون حسن العبارة عن ذلك فيما يمكن أن يوصل، وما لا يمكن أن يوصل، فذلك ممتنع لنفسه، كعلوم الأذواق، فقال لك هذا الشيخ في وصيته: فيما يجري من أمور الدنيا بحضور الشيخ في سكوت الشيخ على ذلك، ولا تعتقد فيه إن جرى مثل ذلك م فيه مصلحة، بل فيه مصلحة يعلمها الشيخ، ويجهلها غيره هذا لا يلزم قد يجري أمور من أمور الدنيا، ما فيها مصلحة عرفية ولا شرعية في حكم الظاهر، ولله فيها سر، فقد يكون في ذلك ابتلاء إلهي في حق الحاضر من الشيخ وغيره، فإنه القائل تعالى ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ﴾ [محمد: 31]، وما ذكر بأي شيء، وقد يكون في المجلس صاحب دعوى، فيبتلى بما جرى ليرى ما يقع منه في ذلك.