موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ولَمَّا كان ظهرت بركةُ تنزُّلِ التاءِ له الذي هو الدالُ قائمًا في حرفِ الهاءِ، وجب أن يكونَ لتنزُّلِ الدالِ الذي هو الحاءُ الحاصلُ به الكمالُ بالروحِ والّلطفِ، وتمّت فيه الصورةُ بالحياةِ، وكان لا بُدّ مع كمالِ الصورِ وقعُ التنزُّلِ العليِّ من غواشِ واعتلاقِ أوهامٍ وجب أن يكونَ للحاءِ ما يجتمعُ بركتُه، ويظهرُ تخلُّصه منِ تلك الغواشي والاعتلاقات، وهو ما يعبّرُعنه حرفُ الطاءِ، وهو اسمٌ للتقدُّسِ العليِّ عمّا يتعلّقُ به الأوهامُ منِ موقعِ ظهورِ الحياةِ عُليا ودُنيا، الذي منه اسمُه الطيّبُ والطاهرُ، ثُمّ لكلِّ متخلّصٍ منِ تشبيثٍ علُقَ به لتمامِ صورتهِ في نحوِ ما يشيرُ إليه قولُه -عليه السلامُ-: ؟؟؟؟ اسمُ المؤمنِ طائرٌ يعلقُ في شجرِ الجنّةِ»، ولتخلُّصِ عالَمِ الهواءِ منِ ثقلِ عالَمِ الأرضِ والماءِ والترابِ، [واسمُ عالمهِ باسمِ الطيرِ]، وكان موصولاً بما يعبِّرُ عن بدءِ الحكمةِ الذي هو الباءُ منبئًا عمّا به التخلُّصُ منِ الأدواءِ، وهو الطبُّ الذي منه اسمُه تعالى الطبيبُ، ولما في الهاءِ منِ معنى الغيبِ والقيامِ المحيطِ الذي لا يصلحُ ظهورُه للأفهامِ لمَّا نيطت بالطاءِ انعجم معناها في قولهِ: طه ؛ لأنّ الهاءَ غيبٌ محيطٌ باطنٌ، والطاءُ تقدُّسٌ على طاهرٍ مُنتَهٍ إلى باطنٍ يكونُ به إحاطتُها في طرفين، فلذلك إذا ظهرت معهما الوصلةُ الحاصلةُ التي هي اللامُ كان منِ ذلك نَبأٌ عن [جمعِ غايتهِا] ممّا أنبأ عنه معنى الطلِّ، وهو الماءُ الواصلُ منِ الغيبِ الأعلى إلى الغيبِ الأدنى.

* * *