موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ولكونِ الفاءِ كمالًا في بدءِ الأمرِ كان له رتبةٌ في الانتهاءِ والظهورِ، فزادت هناك عُجمتُه وظهرت، فكان ما يعبِّرُ عن ذلك الكمالِ نهايةً وظهورًا هو حرفُ القافِ، وهو اسمٌ لأكملِ ظهورٍ محيطٍ ظاهرٍ في نفسِه مُظْهِرٍ لما دونهِ، فهو مُنبئ عن الظهورِ العليِّ المحيطِ المظهرِ الذي منه اسمُه القادرُ، فيما يظهرُ للأعيانِ، واسمُه القاهرُ فيما يظهرُ للأنفسِ، ثُمَّ لكلِّ ظاهرٍ في نفسِه مُظهِرٌ نحو القافِ المحيطِ بالدنيا، والقلمِ المحيطِ بالنبإ المظهرِ له، وكان عمادًا في اسمِ القرآنِ المحيطِ بما أحاطا به، وبما أحاط بكلِّ محيطٍ والتقى فيه [طرفا محيطي الظاهر] منِ حرفِ القافِ، والباطن منِ حرفِ النونِ مع ما تضمَّنه حرفُ التطوّرِ، وهو حرفُ الراءِ منتهيًا إلى حدِّ الهمزةِ، وإطلاقِ الألفِ، وأنبأ معتمدًا على حرفِ الألفةِ العليّةِ الذي هو الفاءُ مع قوامٍ منِ حرفِ الواوِ الذي هو ذاتُ العلوِّ -كما سبق- [عن الفوق، وانتهى] به ظهورُ كلِّ ظاهرٍ حتى انعجم، فوقع فيه الإلحادُ كثيرًا لشدّةِ ظهورِه.