موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب المبادئ والغايات فيما تحوي عليه حروف المعجم من المعاني والآيات

ينسب للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

وهو للشيخ فخر الدين عبد اللّه أبى الحسن على بن أحمد ابن الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن محمد التجيبى الحرّالى

[معنى حرف «لا»]

 

 


ولما كانت الحكمةُ العليّةُ المحيطةُ الدائرةُ منِ أنهى باطنٍ إلى أظهرِ ظاهرٍ، [ومنِ باطنِ أظهرِ ظاهرٍ] إلى أدنى ظاهرِ باطنٍ، قد نظمت هذه الحروفَ نظمًا، وأقامت بها الكونَ إقامةً ختم الحقُّ جملتَها، وما أحاطت به منِ الحروفِ المندمجةِ أثناءها مما نطقت بها العربُ وغيرُها منِ الأممِ، بل العجمُ منِ الحيوانِ، بل ما يقعُ منِ حفيفِ الأشجارِ، واصطكاكِ الأجرامِ، وما لحق بذلك مثل ما بين الألفِ والهمزةِ، وما بين الباءِ والفاءِ، وما بين القافِ والكافِ، وما بين الشينِ والجيمِ ونحوِها، وما يحيطُ بتفاصيلِ الحدودِ كلِّها التي تظهرُ حروفًا في الألسنةِ أجمعها مما يشيرُ إلى ما وراء الحكمةِ منِ الأمرِ الجامعِ لجملتهِا المحتجبِ بتفصيلهِ على أنّه حرفٌ واحدٌ جامعٌ ماحٍ ماحقٌ مختصٌ به النبّيُّ الجامعُ الماحي الذي يمحو اللهُ به الكفرَ، محمدٌ صلّى الله عليه وسلّم، فكان ما ينبئ عن مصيرِ الحروفِ كلِّها حرفًا واحدًا، وهو ما يعبّرُ عنه لامُ ألف محيطًا بما ظهرت إحاطتُه عند مشرعِ التفصيلِ في جوامعِ تفصيلِ الِحرِوفِ في «الٓمٓ» فاقتضى هذا الحرفُ أنّ الحِكمةَ كلَّها حرفٌ واحدٌ؛ لأنَّ سلْسلَةَ الحكمة في العروجِ مشتهرةٌ، وعَوْدُها من تكميلهِا الخاصِّ بتكملةِ الحكمةِ بمحمدٍ صلّى الله عليه وسلّم، ثُمَّ أعلى له الأمرَ بجمعِ هذه الإحاطةِ الفسيحةِ؛ آي لمْحٍ، ثُمّ مَحْوٍ، فصارت الحكمةُ في جنبِ ما أوتي منِ الخيرِ الأكملِ الأعمِّ خيرًا كثيرًا، كما قال تعِالى: ﴿ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [البقرة: 269]، وأُشيْرَ إليه قوله صلّى الله عليه وسلّم إلى الإعراضِ عن استقراء التفاصيلِ، وأعلى إلى الأمرِ الجمع إلى علوِّ الوحدة في نحو قولهِ تعالى: ﴿ قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا ﴾ [الكهف: 109] إلى قولهِ: ﴿ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ﴾ [الكهف: 110]، وقولِه: عن قولِه: ﴿ وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ﴾ [القمر: 50]، ولاختصاصِ هذا ِالحرف بالجمعِ والوحدة لتعدُّ ِ د التفصيلِ، قال فيه -عليه السلامُ-: «لام ألف حَرفٌ مَن كَذَّبَ بهِ فقد كَفَرَ بما أُنزِلَ على محمدٍ»، إشعارًا باختصاصِه بنزولهِ صلّى الله عليه وسلّم، وهو اسمٌ للمحوِ والمحقِ الذي هو آيةُ الكان العليِّ الذي لا شيء معه، الذي لا ينبئُ عنه نطقٌ، وتحقيقٌ آيتُه الصمتُ، ثُمّ لكلِّ ما يُرادُ إعلامُه وتوجهُه للنفي والنهي والرفعِ، وكلِّ ما لا ثبات له، ولا ينبئُ عنه اسمٌ إلّا أن يكونَ لاسمِ ذلك المسمّى اسمٌ لمحوِه ومحقِه، ومنِ تفصيلِ ما تضمَّنه جمعُ هذا الحرفِ ما يشيرُ إليه قولُه تعالى: ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ۚ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 88]، وقولُه سبحانه: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ۞ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ﴾ [الرحمن: 26-27]، على معنى تفسيرِ ذلك على حقيقة أنّه واقعٌ غيرُ منتظرٍ، وفي نحوٍ مِن معناه ما يشيرُ إليه قولُه تعالى: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ﴾ [الزمر: 30]؛ لأنّ ما تنظرُ إليه في العَيَانِ والإبصارِ إنّما هو آيةٌ على ما هو الواقعُ دائمًا في بصائرِ القلوبِ، وإذ قد أتينا على ما شاء اللهُ العليمُ الحكيمُ منِ تفسيرِ معاني الحروفِ، ومواقعِ مسمياتهِا منِ وسعِ الوجودِ أعلِى وأدنى خالقًا وخَلْقًا إدراكِ عقلٍ وحسٍّ ومثالِ إيمانٍ وعِلمٍ، فليُستن بسنةِّ الله سبحانه في إيرادِ كتابهِ العزيزِ حيثُ بنى فيه ما بسط منِ المعاني في السورِ الطوالِ، وفي المثاني، وأوجز في سورِ المفصّلِ ليَقْرُبَ من الُهَا في الحفظِ ويَتَيَسَّر استعمالها في الأعمالِ، ويقرع سمعَ العامّةِ منها على قصِرِها بتكرارِ قراءةِ الآيةِ لها في الصلاةِ ونحوِها يتسعُ له دراسةُ الخاصّةِ منهم في مطولاتِ السورِ منِ الأحكامِ والأمثالِ والقصصِ والمواعظِ، وغير ذلك مما اشتمل عليه إحاطةُ الكتابِ العزيزِ قصدًا ظاهرًا ولحناً باطناً، فنثنيّ القولَ في معاني الحروفِ بختامٍ يوجزه إيجازًا وينسّقه نسقًا بحيث يناله الحفظُ في وقتٍ واحدٍ، ويتسعُ فيه النفعُ في غِابرِ العمرِ جاريًا على وسطٍ من المعنى مجتمعًا عليه بناشئةِ الفهمِ بنورِ الله طرفا الأعلى والأدنى، فمتى تحفّظت هذه المعاني الموجزةَ فوجدتَ كلمةً تأتلفُ منِ بعضِها علمتَ أنّ حظًا منِ مجموعِ معاني حروفهِا موجودٌ فيها بحسبِ حالِ أهلِ اللسانِ التي تلك اللفظةُ منِ كَلمِهم، ونقولُ ولا حول ولا قوة إلا بالله العليِّ العظيمِ:

الألف: غيبٌ وإحاطةٌ.

الهمزة: بدءُ غيبته، وحدُّ إحاطته.

الباء: تسبّبٌ ظاهرٌ مترتبٌ.

التاء: مرجعٌ إلى ذلك التسبّبِ غيبًا.

الثاء: ثمرةٌ ما بين التسبيبين.

الجيم: جمعٌ وإجمالٌ.

الحاء: تكاملُ صورةٍ بيسرٍ.

الخاء: خروجُ خباءٍ بعسرٍ.

الدال: دوامُ استقلالٍ بمنةٍّ.

الذال: دقةٌ ولينٌ. الراء: تطويرٌ وتصييرٌ.

الزاي: زمُّ أمرٍ كاملٍ بجهدٍ.

السين: توفيةُ ظهورِ جوامعِ تفصيلٍ في حُسنِ لطفٍ.

الشين: ظهورُ تمامِ تفصيلهِ في حُسنٍ ظاهرٍ.

الصاد: مطابقةٌ بحسنى.

الضاد: مطابقةٌ بسوءاتٍ.

الطاء: تخلُّصُ تمامٍ.

الظاء: غشيانٌ بغلبةٍ.

العين: كليةُ آيةٍ ينالها إدراكٌ.

الغين: غيبُ آيةٍ هاديةٍ.

الفاء: بدءُ خلوصٍ مهيأٍ لتغيّرٍ بمزيدٍ أو نقصٍ.

القاف: ظهورٌ بمنةٍّ.

الكاف: ظهورٌ عن ظهورٍ متكاملٍ ذي استقلالٍ.

اللام: وسعُ وصلةٍ في لطفٍ.

الميم: تمامٌ أظْهَرَ منالَ حسنٍ.

النون: مظهرٌ مبينٌ.

الهاء: إحاطةُ غيبِ كلِّ ظاهرٍ.

الواو: رفعةٌ وعلوٌ.

اللام ألف: إذهابُ كلِّ موضوعٍ.

الياء: سندُ كليةِ كلِّ كائنٍ ظاهرٍ وقوامُه منِ غيبِ أدنى الدنوِّ.

هذه المعاني إذا استجلاها ذو تقوى واستمدادٍ منِ ظاهرِ علمِ لسانٍ أشْرَفَ في تحقيقِ ذلك اللسانِ على تمامِ معاني كَلمِهِ، وفرقان [قوام أصلها]، بحيث يبلغُ في فهمِ ذلك اللسانِ، وأحكام بلاغتهِ إلى الغايةِ القصوى بعونِ الله تعالى وتأييدِه، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

* * *


hXPh3Gy1sKg

 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!