موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(98) المكتوب الثامن والتسعون إلى عبد القادر ولد الشيخ زكريا في التحريض على الرفق وترك العنف بإيراد الأحاديث على مصدرها الصلاة والسلام

 

 


شرّف الله سبحانه أمثالنا المفلسين بحقيقة الإيمان بحرمة سيّد المرسلين عليه وعلى آله من الصّلوات أتمّها ومن التّسليمات أكملها. وكما أنّ المقصود من خلق الإنسان أداء العبادة المأمور بها، كذلك المقصود من أداء العبادة تحصيل اليقين الّذي هو حقيقة الإيمان، ويمكن أن يكون في قوله تعالى: «واعبد ربّك حتّى يأتيك اليقين “ رمز إلى هذا المعنى، فإنّ كلمة (حتّى) كما أنّها تكون للغاية تكون للعلّة أيضا، أي لاجل أن يأتيك وكان الإيمان المتقدّم على أداء العبادة صورة الإيمان لا حقيقته الّتي عبّر عنها باليقين قال الله عزّ شأنه: «يا أيّها الّذين آمنوا آمنوا ” أي الّذين آمنوا صورة آمنوا حقيقة بأداء وظائف العبادة المأمور بها.

والمقصود من الفناء والبقاء اللّذين الولاية عبارة عن حصول هاتين الدّولتين هو هذا اليقين فحسب، فإن أرادوا بالفناء في الله والبقاء بالله معنى آخر يوهم بالحالّيّة والمحلّيّة، فهو عين الإلحاد والزّندقة.

ويظهر في أثناء غلبة الحال وسكر الوقت شيئا ينبغي أن يجاوزها أخيرا وأن يستغفر منها، قال إبراهيم بن شيبان الّذي هو من مشائخ الطّبقات قدّس الله أرواحهم: علم الفناء والبقاء يدور على إخلاص الوحدانيّة وصحّة العبوديّة وما سوى ذلك فمغاليط وزندقة والحقّ أنّه صادق في هذا القول وقوله هذا ينبئ عن استقامته

فإنّ الفناء في الله عبارة عن الفناء في مرضيّات الحقّ سبحانه. وعلى هذا القياس السّير إلى الله والسّير في الله ونحوهما.

(وبقيّة المرام) أنّ الشّيخ ميان الله بخش رجل متّصف بالصّلاح والتّقوى والفضيلة، وقد ارتبط به جمع كثير، فإن احتاج إلى المعونة في مادّة من الموادّ فالمرجوّ رعاية التّوجّه الشّريف في حاله. والسّلام عليكم وعلى من اتّبع الهدى.

(٩٨) المكتوب الثّامن والتّسعون إلى عبد القادر ولد الشّيخ زكريّا في التّحريض على الرّفق وترك العنف بإيراد الأحاديث على مصدرها الصّلاة والسّلام

نسأل الله الإستقامة على مركز العدالة. ولنورد أحاديث نبويّة عليه من الصّلوات أفضلها ومن التّسليمات أكملها الواردة في باب التّذكير والوعظ والنّصيحة يسّر الله سبحانه العمل بمقتضاها. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنّ الله رفيق يحبّ الرّفق ويعطي على الرّفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه. رواه مسلم.

وفي رواية له قال لعائشة رضي الله عنها وعن أبويها: عليك بالرّفق وإيّاك والعنف والفحش فإنّ الرّفق لا يكون في شيء إلّا زانه ولا ينزع من شيء إلّا شانه. وقال عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام والتّحيّة

أيضا: من يحرم الرّفق يحرم الخير. وقال عليه الصّلاة والسّلام أيضا: إنّ من أحبّكم إليّ أحسنكم أخلاقا.

وقال عليه الصّلاة والسّلام أيضا: من أعطي حظّه من الرّفق أعطي حظّه من الدّنيا والآخرة. وقال عليه الصّلاة والسّلام: الحياء من الإيمان والإيمان في الجنّة، والبذاء من الجفاء والجفاء في النّار. إنّ الله يبغض الفحشاء البذيء ألا أخبركم بمن يحرّم على النّار وبمن يحرّم النّار عليه على كلّ هيّن ليّن قريب سهل المؤمنون هيّنون ليّنون كالجمل الأنف إن قيد انقاد وإن استنيخ على صخرة استناخ من كظم غيظا وهو يقدر أن ينفّذه دعاه الله على رءوس الخلائق يوم القيامة حتّى يخيّره في أيّ الحور شاء إنّ رجلا قال للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أوصني. قال: لا تغضب فردّد مرارا. قال: لا تغضب ألا أخبركم بأهل الجنّة كلّ ضعيف مستضعف لو أقسم على الله لأبرّه. ألا أخبركم بأهل النّار كلّ عتلّ جوّاظ مستكبر إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلّا فليضطجع إن الغضب ليفسد الإيمان كما يفسد الصّبر العسل من تواضع لله رفعه الله فهو في نفسه صغير وفي أعين النّاس عظيم ومن تكبّر وضعه الله فهو في أعين النّاس صغير وفي نفسه كبير حتّى لهو أهون عليهم من كلب وخنزير.

قال موسى بن عمران على نبيّنا وعليه الصّلاة والسّلام: يا ربّ من أعزّ عبادك؟ قال: من إذا قدر غفر وقال أيضا عليه الصّلاة والسّلام: من خزن لسانه ستر الله عورته ومن كفّ غضبه كفّ عنه الله عذابه يوم القيامة ومن اعتذر إلى الله قبل الله عذره.

وقال أيضا: من كانت له مظلمة لاخيه من عرضه أو شيء فيتحلّل منه قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ بقدر مظلمته وإن لم يكن حسنات أخذ من سيّئات صاحبه فحمل عليه وقال عليه الصّلاة والسّلام أيضا: أتدرون من المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال:

إنّ المفلس من أمّتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا وأخذ مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثمّ طرح في النّار.

وعن معاوية رضي الله عنه أنّه كتب إلى عائشة رضي الله عنها “ أن اكتبي إليّ كتابا توصيني فيه ولا تكثري. فكتبت: سلام عليك. أمّا بعد فإنّى سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: من التمس رضا الله بسخط النّاس كفاه مؤنة النّاس ومن التمس رضا النّاس بسخط الله وكّله الله إلى النّاس والسّلام عليك ” صدق رسول الله صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وسلّم وبارك رزقنا الله سبحانه وإيّاكم التّوفيق للعمل بما أخبر به المخبر الصّادق والسّلام. وهذه الأحاديث وإن كتبت بدون ترجمة ولكن تفهم معانيها بالرّجوع إلى الشّيخ جيو.

وينبغي السّعي والإجتهاد للعمل بمقتضاها بقاء الدّنيا قليل جدّا وعذاب الآخرة شديد في الغاية ودائم فعليكم استعمال العقل والفكر وأن لا يغترّ بطراوة الدّنيا الخالية عن الحلاوة، فإن كانت العزّة والأفضليّة



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!