موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(106) المكتوب السادس والمائة إلى محمد صادق الكشميري في بيان أن محبة هذه الطائفة المتفرعة على معرفتهم من أجل نعم الله جل شأنه ** | ** (107) المكتوب السابع والمائة إلى محمد صادق الكشميري أيضا في أجوبة أسئلته التي كتبها إليه وفيه فوائد ضرورية نافعة في التسلي

 

 


صيامه الّا الجوع والظّمأ " خبر صحيح فأطبّاء القلوب أيضا يأمرون أوّلا بإزالة المرض وذلك المرض عبارة عن تعلّق القلب بغير الحقّ سبحانه وتعالى بل هو تعلّق الإنسان بنفسه، فإنّ الإنسان كلّما يحبّه ويطلبه إنّما يحبّه ويطلبه لنفسه، فإن أحبّ أولاده يحبّهم لنفسه وكذلك الأموال والرّياسة والجاه، فمعبوده في الحقيقة هو نفسه.

فما دام الإنسان لم يتخلّص من هذا التّعلّق والإرتباط لا وجه لرجاء النّجاة ففكر إزالة هذا المرض لازم للعلماء أولي الألباب والحكماء ذوي الأبصار (ع) ويكفي من له فهم إشارة *

(١٠٦) المكتوب السّادس والمائة إلى محمّد صادق الكشميريّ في بيان أنّ محبّة هذه الطّائفة المتفرّعة على معرفتهم من أجل نعم الله جلّ شأنه

قد وصل المكتوب المرغوب المنبئ عن فرط المحبّة وكمال المودّة لله سبحانه المنّة على ذلك فإنّ محبّة هذه الطّائفة الّتي هي متفرّعة على معرفتهم من أجل نعم الله سبحانه، ويا سعادة من يتشرّف بها.

قال شيخ الإسلام الهرويّ قدّس سرّه: إلهي ما هذا الّذي جعلت أولياءك على وجه: من عرفهم وجدك وما لم يجدك لم يعرفهم، وبغض هذه الطّائفة سمّ قاتل والطّعن فيهم موجب للحرمان الأبديّ.

نجّانا الله سبحانه وإيّاكم من هذا الإبتلاء. وقال شيخ الإسلام أيضا: إلهي كلّ من أردت سقوطه فأسقطه علينا يعني أوقعه بغيبتنا وملامتنا (شعر)

ومن لم يعنه مهيمن وخواصّه ... الأمر في خطر ولو هو من ملك

وهذه الإنابة الّتي أنعم الله عليك بتجديدها، ينبغي لك أن تعتقدها نعمة عظيمة وأن تسأل الله سبحانه الإستقامة عليها. والسَّلامُ عَلى مَنِ اِتَّبَعَ الْهُدى (١) والتزم متابعة المصطفى عليه وعلى آله الصّلوات والتّسليمات.

(١٠٧) المكتوب السّابع والمائة إلى محمّد صادق الكشميريّ أيضا في أجوبة أسئلته الّتي كتبها إليه وفيه فوائد ضروريّة نافعة في التّسليم لهذه الطّائفة

أسعدنا الله سبحانه بسعادة الإيمان بهذه الطّائفة. قد وصل الكتاب الّذي أرسلته مشتملا على أسئلة، والسّؤال الّذي فيه رائحة التّعنّت والتّعصّب وإن كان لا يستحقّ الجواب ولكن نتصدّى على جوابه على

__________

(١) الآية: ٤٧ من سورة طه.

سبيل التّنزّل فإن لم ينفع شخصا لعلّه ينفع آخر. (السّؤال الأوّل) ما السّبب في كثرة ظهور الكرامات وخوارق العادات من الأولياء المتقدّمين وقلّة ظهورها من أكابر هذا الزّمان؟ فإن كان المقصود من هذا السّؤال نفي أكابر هذا الزّمان بواسطة قلّة ظهور الخوارق منهم، كما هو المفهوم من فحوى العبارة فالعياذ بالله سبحانه من تسويلات الشّيطان. فإنّ ظهور الخوارق ليس من أركان الولاية ولا من شرائطها بخلاف المعجزة من النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام فإنّها من شرائط مقام النّبوّة، ومع ذلك انّ ظهور الخوارق من أولياء الله تعالى شائع ذائع قلّما يتخلّف عنهم. ولكنّ كثرة ظهور الخوارق لا تدلّ على الأفضليّة، فإنّ التّفاضل هناك باعتبار درجات القرب الإلهيّ جلّ سلطانه، بل يمكن أن يكون ظهور الخوارق من الوليّ الأقرب أقلّ ومن الأبعد أكثر. ألا ترى أنّ الخوارق الّتي ظهرت من بعض أولياء هذه الأمّة لم يظهر عشر عشيره من الأصحاب الكرام رضوان الله عليهم أجمعين مع أنّ أفضل الأولياء لا يبلغ مرتبة أدنى الصّحابة.

فالنّظر إلى ظهور الخوارق من قصور النّظر ودليل على قصور الإستعداد التّقليديّ، والمستحقّ لقبول فيوض النّبوّة والولأية جماعة غلّب فيهم الإستعداد التّقليديّ على قوّتهم النّظريّة والصّدّيق الأكبر رضي الله عنه بواسطة قوّة استعداده التّقليديّ لم يحتج في تصديق النّبيّ عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام إلى قول “ لم ” أصلا وأبو جهل اللّعين بواسطة قصور هذا الاستعداد فيه لم يتشرّف بتصديق النّبوّة مع وجود ظهور آيات باهرة ومعجزات قاهرة وقال الله في شأن هؤلاء المنكرين المحرومين “ وإن يروا كلّ آية لا يؤمنوا بها حتّى إذا جاؤك يجادلونك يقول الّذين كفروا إن هذا الّا أساطير الأوّلين ” على أنّا نقول: إنّ ظهور الخوارق لم ينقل من أكثر المتقدّمين في طول عمرهم أزيد من خمسة أو ستّة خوارق حتّى أنّ الجنيد سيّد هذه الطّائفة لم يدر هل نقل عنه عشرة خوارق أو لا، ولقد أخبر الله سبحانه عن حال كليمه على نبيّنا وعليه الصّلاة والسّلام بقوله عزّ من قائل “ ولقد آتينا موسى تسع آيات بيّنات ” ومن أين يعلم عدم ظهور أمثال هذه الخوارق من مشائخ هذا الوقت بل لأولياء الله تعالى متقدّميهم ومتأخّريهم في كلّ ساعة ظهور خوارق يعرفها المدّعي أم لا، (شعر):

ما ضرّ شمس الضّحى في الافق طالعة ... أن لا يرى ضوءها من ليس ذا بصر

(والثّاني) أنّه هل يكون لالقاء الشّيطان دخل في كشف الطّالبين الصّادقين وشهودهم فإن كان فيماذا يعلم ويتّضح أنّه كشف شيطانيّ وإن لم يكن فما السّبب في وجود الغلط في بعض الامور الملهمة (والجواب) الله أعلم بالصّواب لا أحد محفوظ من القاء الشّيطان كيف وإذا كان ذلك متصوّرا في الأنبياء بل متحقّقا فبالطّريق الأولى أن يكون في الأولياء ومن هو الطّالب الصّادق بعد. (غاية) ما في الباب أنّ الأنبياء ينبّهون على هذا الإلقاء ويميّز الباطل من الحقّ قوله تعالى (فينسخ الله ما يلقى الشّيطان ثمّ يحكم الله آياته) تنبيه دالّ على هذا المعنى وليس هذا التّنبيه بلازم في الأولياء فإنّهم تابعون للنّبيّ فكلّما وجدوه

على خلاف ما جاء به النّبيّ يردّونه ويرون بطلانه وأمّا في صورة سكتت عنها الشّريعة ولم تحكم بإثباتها ونفيها فامتياز الحقّ عن الباطل فيها بطريق القطع مشكل فإنّ الإلهام ظنّيّ ولكن لا يتطرّق القصور إلى الولاية بسبب عدم ذلك الإمتياز أصلا فإنّ إتيان أحكام الشّريعة ومتابعة النّبيّ متكفّل بنجاة الدّارين والأمر المسكوت عنه زائد على الشّريعة ونحن لم نكلّف بالامور الزّائدة. وممّا ينبغي أن يعلم: أنّ الغلط في الكشف غير منحصر في إلقاء شيطانيّ فإنّه ربّما يتخيّل أحكام غير صادقة في القوّة المتخيّلة لا مدخل للشّيطان فيها أصلا ومن هذا القبيل رؤية النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في المنام والاخذ عنه بعض الأحكام ممّا الحق في الحقيقة خلاف تلك الأحكام والحال أنّ إلقاء الشّيطان غير متصوّر في تلك الصّورة فإنّ مختار العلماء أنّ الشّيطان لا يتمثّل بصورة خير البشر عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام على أيّ صورة يرى فليس في تلك الصّورة إلّا تصرّف المتخيّلة بإلقاء غير الواقعيّ واقعيّا (والثّالث) أنّ التّصرّف بطريق الكرامة والتّصرّف بطريق الإستدراج متساويان في بادي النّظر فكيف يعرف المبتدي أنّ هذا وليّ صاحب كرامة وذاك مدّع كذّاب صاحب استدراج (الجواب) والله أعلم بالصّواب أنّ الدّليل في هذه التّفرقة واضح للطّالب المبتدي وهو وجدانه الصّحيح فإنّه إن وجد قلبه مائلا ومنجذبا إلى الحقّ سبحانه وحاضرا معه تعالى في صحبته فليعلم أنّه وليّ صاحب كرامة وإن وجد خلاف ذلك فليتيقّن أنّه مدّع كذّاب صاحب استدراج فإن كان في ذلك خفاء فإنّما هو النّسبة إلى العوامّ كالأنعام دون الطّالبين والخفاء على العوامّ ساقط عن حيّز الإعتبار عند الخواصّ فإنّ منشأه مرض القلب وغشاوة البصر. وكم من شيء خفيت على العوامّ علمها أشدّ ضرورة من إدراك هذه التّفرقة (ولنختم) هذا المكتوب ببعض المعارف الّذي ينفعك في إزالة مثل هذه الشّكوك والشّبهات (اعلم) أنّ التّخلّق بأخلاق الله الّذي هو مأخوذ في الولاية يعني داخلا فيها هو أن يحصل للأولياء صفات مناسبة لصفات الواجب تعالى ولكن تكون المناسبة في الإسم والمشاركة في عموم الصّفات لا في خواصّ المعاني فإنّ ذلك محال ومستلزم لقلب الحقائق (قال) الخواجه محمّد پارسا قدّس سرّه في تحقيقاته في مقام بيان “ تخلّقوا بأخلاق الله ”: (والصّفة الاخرى) الملك ويعني الملك المتصرّف في الكلّ والسّالك، وإن كان متصرّفا في نفسه وقادرا على قهرها وكان تصرّفه نافذا في القلوب يكون موصوفا بهذه الصّفة (والصّفة الاخرى) السّميع فإن سمع السّالك الكلام الحقّ وقبله من كلّ أحد من غير استنكاف وفهم الأسرار الغيبيّة والحقائق اللّارّيبيّة بسمع روحه يكون موصوفا بهذه الصّفة (والصّفة الاخرى) البصير فإن كان بصر بصيرة سالك الطّريق بصيرا ورأى جميع عيوب نفسه بنور الفراسة وشاهد كمال غيره يعني اعتقد أنّ كلّ أحد أفضل منه وكان كون الحقّ سبحانه بصيرا منظورا في نظره بحيث يعمل كلّما يعمله على وجه يكون موجبا لقبول الحقّ سبحانه يكون موصوفا بهذه الصّفة (والصّفة الاخرى) المحيي فإن قام سالك الطّريق بإحياء السّنّة المتروكة يكون موصوفا بهذه الصّفة (والصّفة الاخرى) المميت فإن منع السّالك البدعات الّتي استعملوها مكان السّنّة



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!