موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(161) المكتوب الحادي والستون والمائة إلى الملا صالح البدخشي في بيان أن المقصود من طي منازل السلوك حصول الإيمان الحقيقي الموقوف على اطمئنان النفس

 

 


وأمّا مصنوعاته ومخلوقاته وعبيده فلا يمكن تعلّق المحبّة بهم، وكونهم محبوبين بدون حصول كمال محبّة المحبوب ولهذه الطّائفة العليّة حظّ وافر من مقام العبديّة الّتي هي نهاية مقامات الولاية وأيّ دليل أتمّ على صحّة حال هؤلاء الأصفياء من كون كشفهم موافقا للكتاب والسّنّة وظاهر الشّريعة بالتّمام بحيث لم يتطرّق إليه مقدار شعرة من مخالفة ظاهر الشّريعة اللهمّ اجعلنا من محبّيهم وتابعيهم بحرمة محمّد المصطفى صلّى الله عليه وآله وسلّم ويارك

(وكان) هذا الدّرويش راقم السّطور أوّلا معتقد لتوحيد الوجود وحصل له علم هذا التّوحيد من زمن الصّبا وبلغ مرتبة اليقين وإن لم يكن له حال ولمّا دخل في هذا الطّريق انكشف له أوّلا طريق التّوحيد يعني على وجه الحال وسار مدّة في مراتب هذا المقام وفاضت عليه علوم وافرة مناسبة لهذا المقام وصارت المشكلات والواردات الّتي ترد لارباب التّوحيد الوجوديّ كلّها منكشفة وأفيضت علوم حلّها أيضا وبعد مدّة غلبت على هذا الدّرويش نسبة أخرى وتوقّف في التّوحيد الوجوديّ يعني في مطابقته للواقع وعدمه عند غلبتها عليه ولكنّ هذا التّوقّف كان بحسن الظّنّ لا بالإنكار وبقي على ذلك التّوقّف مدّة ثمّ انجرّ الأمر أخيرا إلى الإنكار وألهم إليه أنّ هذا المقام مقام سفليّ ينبغي التّرقّي على مقام الظّلّيّة ولكنّه لم يكن في هذا الإنكار صاحب اختيار ولم يرض أن يفارق هذا المقام بسبب إقامة المشائخ العظام فيه ولمّا وصل إلى مقام الظّلّيّة ووجد نفسه وسائر العالم ظلا كما قال به الطّائفة الثّانية تمنّى عدم مفارقته ذلك لظنّه أنّ الكمال في وحدة الوجود ولهذا المقام يعني مقام الظّلّيّة مناسبة بذاك المقام في الجملة

(ثمّ) رقّوه من هذا المقام أيضا اتّفاقا من كمال العناية وغاية اللّطف به على أعلى منه وبلّغوه مقام العبديّة فظهر حينئذ كمال هذا المقام واتّضح علوّه فصار تائبا من المقامات التّحتانيّة ومستغفرا منها فإن لم يسلكوا بهذا الدّرويش بهذا الطّريق ولم يظهروا له فوقيّة بعض بعضا كان قد ظنّ ترقّيه على هذا المقام تنزّلا من ذلك المقام إليه فإنّه لم يكن عنده مقام أعلى من مقام التّوحيد الوجوديّ والله يحقّ الحقّ وهي يهدي السّبيل

(وينبغي) أن يعلم أنّ منشأ تفاوت العلوم والمعارف في المكاتيب والرّسائل الصّادرة من هذا الدّرويش بل من كلّ سالك هو حصول هذه المقامات المتفاوتة فإنّ لكلّ مقام علوما ومعارف خاصّة به ولكلّ حال قيلا وقالا فعلى هذا لا تدافع في العلوم ولا تناقض بينها بل ذلك مثل نسخ الأحكام الشّرعيّة فلا تكن من الممترين وصلّى الله تعالى على سيّدنا محمّد وآله وسلّم.

(١٦١) المكتوب الحادي والسّتّون والمائة إلى الملّا صالح البدخشيّ في بيان أنّ المقصود من طيّ منازل السّلوك حصول الإيمان الحقيقيّ الموقوف على اطمئنان النّفس



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!