موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

الباب الخامس: في قول أهل الاصطفاء في رابطة المصطفى صلى الله عليه وسلم

 

 


(الباب الخامس) في قول أهل الاصطفاء في رابطة المصطفى صلى الله عليه وسلم

اعلم ايها الاخ في الله الهمك الله رشدك وجعلك عبده لا عبدك أن رابطة الشيخ الكامل توصلك إلى رابطة رسول الله صلى الله عليه وسلم وثمرتها الفناء في النبي صلى الله عليه وسلم وذلك من اجل النعم واوفر القسم وما يلقاه إلا ذو حظ عظيم والفناء في النبي عليه السلام موجب للولوج في حضرة القدس والهيمان في مفاوز الانس والتعرض لنفحات الله تعالى مأمور به ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض روى البخاري في صحيحه عن أنس رضي الله عنه أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين والنفس تدخل في عموم قوله والناس اجمعين وقد وقع التنصيص بذكر النفس في الحديث عبد الله بن هشام وهوان عمر رضي قال للنبي صلى الله عليه وسلم لأنت أحب إلى يا رسول الله من كل شيء إلا من نفسي فقال صلى الله عليه وسلم لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك فقال له عمر رضي الله عنه فأنك الآن أحب إلي من نفسي فقال صلى الله عليه وسلم الآن يا عمرو يكفيك قوله تعالى النبي أولى بالمؤمنين من انفسهم فمن هو أولى بك من نفسك فكيف لا ينبغي أن يكون أحب إليك منها قال سهل رضي الله عنه من لم ير ولاية رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله وير نفسه في ملكه ع م لا يذوق حلاوة سنته وعن أبى هريرة رض عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أشد الناس لي حبا ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله وفي الشفاء سئل على رض كيف كان حبكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظمأن وعن زيد بن اسلم رض خرج عمر رض ليلة يحرس فرأى مصباحا في بيت وإذا عجوز تنقش صوفا وتقول

على محمد صلاة الأبرار ... صلى عليه الطيبون الأخيار

قد كنت قواما بكاء بالاسحار ... يا ليت شعري والمنايا أطوارا

هل تجمعني وجيب الدار

فجلس عمر يبكي وفي الحكاية طول وروى أن عبد الله بن عمر رض خدرت رجله فقيل له اذكر أحب الناس إليك يزل عنك فصائح وا محمداه فانتشرت قال واعلم من أحب شيأ آثره وآثر موافقته والالم يكن صادقا في حبه وكان مدعيا فالصادق في حب النبي ع م من تظهر علامات ذلك عليه قال أنس بن مالك رضي الله عنه قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بني أن قدرت أن تمسى وتصبح ليس في قلبك غش لأحد فأفعل ثم قال يا بني ذلك سنتي فمن أحب سنتي فقد أحبني فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة ومن علامات حب رسول الله صلى الله عليه وسلم كثرة ذكره وتعظيمه وتوقيره عند ذكره واظهار الخشوع والانكماش مع سماع اسمه كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعده لا يذكرونه إلا خشعوا واقشعرت جلودهم وبكوا وكذلك كثير من التابعين قال بعضهم المحبة دوام الذكر للمحبوب وقال آخر إيثار المحبوب على جميع المصحوب وقال آخر الميل الدائم بالقلب الهائم وقال آخر موافقة الحبيب في المشد والمغيب وقال آخران تهب كللك لمن أحببت وحقيقة الحب الميل إلى ما يوافق الإنسان وتكون موافقته له إما بإدراكه كحب الصور الجميلة والأصوات الحسنة والأكعم والأشربة اللذيذة وأشباهها مما كل طبع سليم مائل إليها لموافقتها له أو استلذاذ بإدراكه بحاسة عقله وقلبه معاني شريفة باطنة كمحبة الصالحين والعلماء وأهل المعروف والمأثور عنهم السير الجميلة والأفعال الحسنة

فإن طبع الإنسان مائل إلى الشغف بأمثال هؤلاء حتى يبلغ التعصب بقوم لقوم والتشيع من أمة إلى آخرى إلى ما يؤدي إلى الجلاء عن الأوطان وهتك الحرام واحترام النفوس وهو صلى الله عليه وسلم جامع للمعاني الموجبة للمحبة كلها انتهى وقال الشهاب بن حجر في شرح الهزيمة عند قولة الناظم فاملاء السمع من محاسن يمليها عليك الإنشاد والإنشاء فإنها تحدث للسامع سكرا واريحة طربا وتحرك النفس إلى جهة محبوبها فيحصل بتلك الحركة والشوق تخيل المحبوب واحضاره في الذهن وقرب صورته من القلب واستيلاؤها على الفكر فيحصل للروح ما هو أعجب من سكر الشراب والذمن عناق الشواب. شعر:

سلوى عن محبتك المحال ... ولو يا منيتي عز الوصال

وأين شبيه حسنك في البريا ... فتنسي إذ يككون به اتصال

على إن ليس وصلك لي بكاف ... فكيف ومانعي منه الدلال

فما بيني وبين سناك بون ... فعيني في لحاظك لا تزال

ولو ان الغبار أزيل عنها ... احتلني محلًا لا ينال

فوا عجباه من سكناك داري ... وحق الحق مسكنك الجبال

ووا الماه من هذا التنائي ... ومع هذا لبهجتك انفصال

أتبعدني لشؤم قبيح جرمي ... حبيبي أي ذنب لا يقال

وأي شفيع حق تقبلوه ... وأي تنصل لكم يقال

وحقك إنما عذري اعترافي ... بأن عظيم ذنبي لا يزال

وعلمي أن ماء مولى عفو ... وظني أن نائله أنال

ألا يا ليت شعري أي وقت ... أرى إني لأخمصك النعال

حبيبي كيف عنك أطيق صبرًا ... وأنت الخالص المحض الجمال

وهل إلا جمالك شام طرف ... بغير إضافة لولا الخيال

ظهرت فبان وجهك في المرايا ... بلا حصر وذاك هو الضلال

فما هو أنت إلا أنت لكن ... لأجل الوهم قيل بدأ الهلال

فتلك ذكا وبدر التم سارًا ... وقد حلاهما منك النوال

ولي من صورة المحبوب زدب ... فحظي منك يا أملي حلال

فجد لي يا حبيب وعد وجودي ... واعدمني شهودي يا كمال

وكن لي شاهد المشهود صفوا ... بلا كدر فلا يبدو الجلال

لأنت منحتني مجدًا بوجدي ... فمن قيس الغرام بي اشتعال

أردت الحب من قدم فشوقي ... له في كل أعضائي مجال

فلا أنفك من حرق ووجد ... فأحمالي مع البلوي ثقال

فصل على دهرك يا جمالي ... لتحسن من مراحمك الخصال

واطلع شمس حسنك في سمائي ... أغر فما معي إلا السؤال

فأنت ذخيرتي ولأنت كنزي ... وعزي كل ما وقع النزال

وأنت معولي في كل أمر ... لديه لا يفيد الاحتيال

وفي اليوم العظيم لأنت غوثي ... وحزري عند ما يقع النكال

فلا والله أرغب عنك حتى ... ولو حشيت باجفاني الرمال

وصلى الله ما طرفت عيون ... وما تجنى غصون أو تمال

على خير الخلائق ذي المرايا ... محمد الجملة الجمال

قال في حسن التوسل في زيارة خير الرسل صلى الله عليه وسلم ومن فوائد الصلاة على النبي عم محبة المصطفى للمصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بل زيادة المحبة المذكورة اللازمة لها ازدياد الشوق مع استحضار المحاسن النبوية في القلب والجنان بحيث يمثل خياله به ولا يكاد يفتر من ذكر القلب واللسان *

لو شق عن قلبي يرى وسطه ... ذكرك والتوحيد في سطر

وقال الشيخ أحمد بن عبد الحي الحلبي في آداب الصلاة على النبي ع م تنبيه اعلم أنه يتأكد على المصلي على النبي عم أن يتصور وقت الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم صورته النبوية الكريمة في مرآة قلبه كأنه بين يديه سائلا من الله الصلاة والسلام عليه لأنه إذا واظب المصلى على ذلك تدوم عليه غيابات أنواره الكريمة المحمدية شعر.

بأبي أيها النبي الكريم ... والرسول المطهر المعصوم

والحبيب الأسمى الزكي المرجى ... والمراد المقرب الصهميم

والخليل الذي نجا قاب قوسين ... و [ص: ٥٤٥] حيث الخطاب والتكليم



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!