موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(223) المكتوب الثالث والعشرون والمائتان إلى الخواجه جمال الدين حسين الكولابي في التحريض على إظهار الأحوال لشيخه ** | ** (224) المكتوب الرابع والعشرون والمائتان إلى المير محمد نعمان البدخشي في بيان رعاية الآداب ودفع التوهم والأمر بالإحتياط في تعليم الطريقة

 

 


(الجواب) أنّ استحالة اجتماع المتنافيين مشروطة باتّحاد المحلّ وفيما نحن فيه المحلّ متعدّد فإنّ الذّاهب إلى فوق لطائف عالم الأمر من الإنسان الكامل والنّازل إلى تحت لطائف عالم الخلق منه فإنّه كلّما يذهب عالم الأمر إلى فوق يكون مناسبته لعالم الخلق أقلّ وأنقص وتقلّل تلك المناسبة وتنقّصها يكون سببا لتنزّل عالم الخلق وكلّما يتنزّل عالم الخلق ويتسفّل يجعل السّالك فاقد الحلاوة ويزيده رؤية العيوب والنّقائص ولهذا يتمنّى المنتهون الإلتذاذ الّذي كان ميسّرا لهم في الإبتداء ثمّ زال عنهم في الإنتهاء وعرض مكانه فقدان الإلتذاذ وعدم الحلاوة ولهذا أيضا يرى العارف أنّ كفّار الإفرنج أفضل منه لأنّ في الكافر نورانيّة بسبب امتزاج عالم الأمر فيه بعالم الخلق وهذا الإمتزاج مفقود في العارف بل بقي فيه عالم الخلق الّذي يقع لفظ أنا من العارف عليه وحده وهو مملوء من ظلمة وكدورة من الرّأس إلى القدم ولطائف عالم الأمر منه وإن نزلت إلى تحت بطريق الرّجوع لكن لا يكون لها اختلاط وامتزاج بعالم الخلق كما كان ذلك بينهما في الإبتداء ووصل المكتوب المرسل صحبة أخي الخواجه محمّد طاهر وحصول الرّبطة الّتي هي مبنيّة على المناسبة التّامّة في زمان الغيبة ينبغي أن تعدّها من نعم عظيمة وليكتف بقرب القلوب إلى أن ترتفع الموانع ومع وجود هذا القرب ينبغي أن لا يخرج تمنّي قرب الأبدان من القلب فإنّ تمام النّعمة مربوط بهذا القرب ألا ترى أنّ أويسا القرنيّ مع وجود قرب القلوب فيه لم يبلغ مرتبة أدنى الجماعة الّتي حصلت لهم قرب الأبدان لعدم حصول ذلك له ولهذا لا يساوي إنفاق جبل ذهب منه إنفاق مدّ شعير منهم فلا تعدل بالصّحبة شيئا كائنا ما كان والسّلام.

(٢٢٣) المكتوب الثّالث والعشرون والمائتان إلى الخواجه جمال الدّين حسين الكولابيّ في التّحريض على إظهار الأحوال لشيخه

لم يخبر الأخ الخواجه جمال الدّين حسين منذ مدّة عن كيفيّات أحواله ألم يسمع أن مشائخ الكبرويّة إذا لم يعرض المريد على شيخه أحواله إلى ثلاثة أيّام يؤدّبونه مضى ما مضى فلا يفعل ثانيا كذلك بل ليكتب كلّما يظهر وليغتنم قدوم الأخ الأعزّ وليجتهد في الخدمة واستمالة خاطره وليعتقد أنّ صحبته شيء عزيز (ع) دللتك يا هذا على كنز مقصد.

(٢٢٤) المكتوب الرّابع والعشرون والمائتان إلى المير محمّد نعمان البدخشيّ في بيان رعاية الآداب ودفع التّوهّم والأمر بالإحتياط في تعليم الطّريقة والتّحمّل على شدائد الفقر وبعض النّصائح والتّنبيهات المكتوبة إلى يار محمّد القديم في ظهر هذا المكتوب

وصل مكتوب الأخ الأرشد المير محمّد نعمان واتّضح مضمون المقدّمات الّتي رتّبها وفحوى التّشكيكات الّتي أظهرها يقول بعض النّاس في حقّكم إنّه أعقل أهل زمانه وما معنى إيراد أمثال هذه الكلمات بينك وبين من لا بدّ منه ولا مهرب عنه ولا تقدر على مقاطعته ولا يمكنك طلب مفارقته وأيّ مناسبة في ذلك ومع ذلك لا يخيّل لك وصول غبار من أمثال هذه الكلمات إلى خاطر هذا الجانب حتّى يؤدّي إلى الإيذاء والتّأذّي فضلا عن أن ينجرّ الأمر إلى التّبرّي فإنّ محاسنكم منصوبة لدى الأنظار وزلّاتكم ساقطة عن حيّز الإعتبار فلا تشوّش خاطرك أصلا ولا تتصوّر حصول الأذيّة إلى هذا الجانب قطعا فإنّ الأذيّة غير واقعة بوجه من الوجوه وكيف تتصوّر الأذيّة مع انتفاء موجب الأذيّة والامور الّتي تظهر بالسّهو والنّسيان بمقتضى البشريّة ليست بلائقة للمؤاخذة بها فأزح توهّم التّأذّي عن لوح الخاطر وكن مشغولا بتعليم الطّريقة وإفادة الطّلبة من الأكابر والأصاغر.

والأمر بالإستخارة انّما هو لتأكيد هذا الأمر لا لنفيه فإنّ العدوّ اللّعين والنّفس الّتي الشّرّ لها قرين لمّا كان في كمين هذا المسكين دائما لا بدّ من الإحتياط والتّأكيد لئلّا تنقلب علينا الأحوال وكيلا تظهر السّيّئات لعيوننا في صور الحسنات بالتّمويهات والتّسويلات لأجل الإضلال قيل إنّ الشّيطان اللّعين إذا جاء من طريق الطّاعة وصورة النّصيحة فدفعه متعسّر فينبغي لنا إذا أن نلتجئ ونتضرّع إلى الحقّ سبحانه دائما وأن نطلب منه تعالى بالإنكسار والبكاء أن لا يراد من هذه الجهة خذلاننا واستدراجنا وطريق الإستقامة هو الدّلالة على السّعادة الأبديّة (ثمّ اعلم) أنّ الفقر والفاقة جمال هذه الطّائفة العليّة وفي اختياره اقتداء بسيّد الكونين عليه الصّلاة والسّلام وقد تكفّل الحقّ سبحانه من كمال كرمه برزق عباده وجعلنا وإيّاكم فارغين من هذا التّردّد كلّما تكون النّفوس أكثر يكون وصول الأرزاق أوفر فينبغي التّوجّه إلى مرضيّات الحقّ تعالى وتقدّس وإحالة غمّ المتعلّقات على كرمه سبحانه والباقي عند التّلاقي وقد أخبر بعض الأصحاب الواردين من هناك أنّ توهّم حصول التّأذّي متمكّن في خاطر المير إلى الآن فبناء على ذلك كتبنا بالمبالغة والتّأكيد في رفع توهّم الأذيّة وأيضا كنّا حرّرنا إلى الملّا يار محمّد القديم كتابا مشتملا على النّصائح والمواعظ والظّاهر أنّ مضمونه لم يلائم طبيعته حيث لم يرسل جوابه بل لم يسمح بإرسال الدّعاء وماذا أصنع إن لم يلائم طبيعته فإن لم أبيّن مظانّ غلط جماعة منسوبة إلى هذا الحقير وموادّ خطأهم ولم أميّز الحقّ من الباطل فكيف أخرج من العهدة وبأيّ وجه أذهب إلى الآخرة،

(شعر): وما هو من شرط البلاغ أقوله ... فخذ منه نصحا خالصا أو ملالة

(اعلم) أنّ مقام المشيخة والإرشاد ودعوة الخلق إلى الحقّ وطريق الرّشاد مقام عال جدّا ولعلّكم سمعتم الشّيخ في قومه كالنّبيّ في أمّته فأيّ مناسبة بهذه المنزلة العليّة لكلّ قاصر وعاجز،

(شعر):

هل كلّ من خلت رجلا رجل ميدان ... أو كلّ من صار ذا ملك سليمان



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!