موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(11) المكتوب الحادي عشر إلى المخدوم زاده معدن الحقائق والمعارف اللامتناهية ومظهر الفيوضات الإلهية مجد الدين الخواجه محمد معصوم في بيان بعض خصائص ظهور ما فوق العرش ومعنى قوله تعالى الله نور السماوات والأرض التأويلي وبعض خواص كمالات ال

 

 


لجّة بحر الظّلّيّة إلى السّاحل وهذا الكلام وإن كان اليوم مستبعدا في نظر أكثر الخلق ولكنّ الغد قريب من اليوم فلا يستعجلوا أَتى أَمْرُ الله فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ (١) والسّلام على من اتّبع الهدى (٢) والتزم متابعة المصطفى عليه وعلى آله الصّلوات والتّسليمات وعلى جميع الانبياء والمرسلين وعلى الملائكة المقرّبين وعلى سائر عباد الله الصّالحين وعلى المؤمنين والمؤمنات أجمعين.

(١١) المكتوب الحادي عشر إلى المخدوم زاده معدن الحقائق والمعارف اللامتناهية ومظهر الفيوضات الإلهيّة مجد الدين الخواجه محمّد معصوم في بيان بعض خصائص ظهور ما فوق العرش ومعنى قوله تعالى الله نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ (٣) التأويليّ وبعض خواصّ كمالات الإنسان وفضائل الجزء الارضيّ منه وما يناسب ذلك

نحمده ونصلّي على عبده وعلى آله الكرام (اعلم) أنّ العالم الكبير مع وجود الوسعة والتّفصيل فيه لمّا لم يكن فيه الهيئة الوحدانيّة ليست فيه قابليّة ظهور البسيط الحقيقيّ المجرّد عن النّسب والاعتبارات المعرّى عن تفاصيل الشّئون والصّفات وأشرف أجزاء العالم الكبير عرش الرّحمن الذي هو محلّ ظهور أنوار حضرة الذّات المستجمعة لجميع الصّفات وما وراء العرش المجيد من العالم الكبير لا تخلو الظّهورات فيه عن شائبة الظّلّيّة كائنا ما كان ولهذا خصّص ربّ العالمين سرّ الإستواء ممّا بين أجزاء العالم الكبير بالعرش المجيد لكونه أفضل أجزاء ذلك العالم فإنّ ظهور ظلّ من الظّلال ليس هو ظهوره تعالى في الحقيقة حتّى يعبّر عنه بعبارة الإستواء وأيضا إنّ الظّهور الذي فيه دائميّ من غير تخلّل الإستتار وإن كان نور السّموات والارض هو الحقّ سبحانه وتعالى ولكنّ ذلك النّور مقرون بحجب الظّلال لا ظهور له تعالى فيها من غير توسّط الظّلّيّة وجميع تلك الظّهورات مقتبسة من أنوار الظّهور العرشيّ ظهرت محتجبة بحجاب ظلّ من الظّلال كماء البحر المحيط يحمل بتوسّط الظّروف إلى الجوانب والاطراف وكمشعل عظيم تشعل منه المشاعل الصّغار ويستضاء بها الآفاق والاكناف وكأنّ في قوله تعالى الله

__________

(٣) الأنس. وفي الأودية: صفاء العقل لتنوره بنور القدس. وفي الأحوال: صفاء الحال بقوة الحب والسلو عما سوى المحبوب وفي الولآيات: صفاء الوقت بالسرور بوصل المعشوق. وفي النهايات: صفاء العشق والذوق بأحدية الجمع والفرق. انظر: الكاشاني: المعجم: ٣٥٧، ٣٥٨.

(١) النحل: ١

(٢) طه: ٤٧.

(٣) النور: ٣٥

نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ (١) الآية إيماء إلى هذه المعارف فإنّ التّمثيل في هذه الآية الكريمة إنّما اختير لئلّا ينفهم ظهور ذلك النّور من غير توسّط ولئلّا يشتبه الاصل بالظّلّ وليعلم أنّ نور الظّلّ موقد مقتبس ومأخوذ من الاصل يَهْدِي الله لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ (٢) الآية الكريمة محمولة على مراد الله تعالى ونحن أوّلنا بتأويل كشف لنا فنقول بعون الله تعالى وحسن توفيقه سبحانه الله نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ (٣) النّور هو الذي تشرق به الاشياء وتستضيء والسّموات والارض إنّما أشرقت به تعالى فإنّه سبحانه أخرجها من ظلمات العدم وجعلها متّصفة بالوجود وتوابعه ونوّرّها ينبغي أن يتصوّر السّموات والارض الّتي أشرقت بذلك النّور مثل المشكاة وأن يعلم ذلك النّور بمثابة المصباح الذي هو مودع في تلك المشكاة ودخول كاف التّمثيل على المشكاة لاشتمالها على المصباح وينبغي أن يلاحظ الزّجاجة حجب الاسماء والصّفات فإنّ ذلك النّور متلبّس بالاسماء والصّفات وليس بمعرّى عن الشّئون والاعتبارات وزجاجة الصّفات كأنّها كوكب درّيّ من حسن الوجوب وجمال القدم وذلك المصباح المودع في تلك المشكاة موقد من شجرة مباركة زيتونة وهي كناية عن الظهور الجامع العرشيّ الذي الإستواء رمز من ذلك الظّهور فإنّ الظّهورات الّتي تتعلّق بالسّموات والارض بمثابة الاجزاء لذلك الظّهور الجامع وحيث كان ذلك الظّهور الجامع لا مكانيّا ولا جهتيّا جاز أن يقال إنّه لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ولَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ (٤) صفة مادحة لتلك الشّجرة المباركة الّتي هي ممثّل بها وبيان لصفاء زيتها وتلألؤه. نُورٌ عَلى نُورٍ (٥) يعني أنّ حجاب الزّجاجة لصفائه وإشراقه ازداد في ذلك النّور وزاد في حسنه وجماله لانّه اجتمعت كمالات الصّفات مع كمال الذّات واقترن حسن الصّفات بجمال الذّات مع وجود تضاعف النّور وكمال الظّهور. يَهْدِي الله لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ (٦) بلى مَنْ لَمْ يَجْعَلِ الله لَهُ نُورًا فَما لَهُ مِنْ نُورٍ (٧) وهذا الظّهور الجامع الذي انتسب إلى العرش منتهى المشاهدات والمعاينات (٨)

__________

(١) النور: ٣٥

(٢) النور: ٣٥

(٣) النور: ٣٥

(٤) النور: ٣٥

(٥) النور: ٣٥

(٦) النور: ٣٥

(٧) النور: ٤٠

(٨) المعاينة: في اللغة: تعني المواجهة يقال: لقيتهة معاينة أي مواجهة (لسان العرب / عين) أما عند الصوفية فهي: عيان الحق ذاته بلا شبهة. وصورتها في البدايات: إعتقاد معاينة الحق فيى الآخرة بالبصر كما في الخبر من قوله عليه الصلاة والسلام: «سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته " وفي الأبواب: رؤيته في صورة نورية خيالية. وفي المعاملات: إعتقاد كونه مرئيا بنور البصيرة. وفي الأخلاق: العلم بكونه وجودا خاصا ممتازا عن جميع الموجودات بكونه غير عارض لماهية بل وجوده عن حقيقته غير معقول من حيث خصوصيته. وفي الأصول: معاينة شواهد الوصول في السلوك. وفي الأودية: معاينة وجه الحق بنور

والمكاشفات ونهاية التّجلّيات والظّهورات سواء كانت تجلّيات ذاتيّة أو صفاتيّة وبعد ذلك تتقرّر المعاملة على الجهل كما سيأتي نبذة من بيان ذلك إن شاء الله تعالى وهذا الظّهور الجامع وإن كان مقرونا بالصّفات ولكنّ الصّفات ليست في هذا الموطن حجابا للذّات وحجابيّة الصّفات للذّات مخصوصة بالظّهورات الظّلّيّة الّتي في مرتبة العلم وظهور الاصل في مقام العين فالصّفات حجاب للذّات في العلم لا في العين ألا ترى أنّ زيدا إذا تعقلته في مرتبة العلم يكون ظهوره في العلم بالصّفات كالطّويل أو القصير أو العالم أو الجاهل أو الصّغير أو الكبير أو الشّاعر أو الكاتب وكلّ تلك الصّفات الّتي تعقلها حجاب لذاته وجميع تلك التّقييدات الكلّيّة لا تكون مفيدة لتشخّصه فإذا خرج زيد من العلم إلى العين وصار مشهودا مع وجود الصّفات وانتقلت المعاملة من الظّلّيّة وتقرّرت على الاصالة فإنّ الصّور العلميّة لزيد ظلّ زيد الموجود في الخارج وهو أصله فحينئذ لا تكون الصّفات حجابا لذاته ويكون المحسوس شخصا مستجمعا لجميع الصّفات وكذلك مفارقة الصّفات لحضرة الذّات تعالت وتقدّست إنّما هي في مراتب الظّلال والتّصوّرات المثاليّة وأمّا إذا تيسّر الوصول إلى الاصل لا توجد الصّفات منفكة عن الذّات ولا يكون شهود الذّات منفكّا عن شهود الصّفات وتجلّي الصّفات الذي ميّزوه عن تجلّي الذّات وأثبتوا تجلّي الافعال على حدة كلّ ذلك في مقامات الظّلال وبعد الوصول إلى الاصل ليس إلّا تجلّ واحد متضمّن للتّجلّيات الثلاثة مثلا زيد الذي يكون مشهودا لا يكون شهود ذاته منفكا عن شهود صفاته بل المشاهد له يجده حين شهوده عالما فاضلا فكما أنّ علمه وفضله ليسا بحجاب لرؤيته كذلك ليسا بمنفكّين عنه أيضا نعم: إذا كان زيد متعقّلا ومدركا بالصّورة الظّلّيّة تكون صفاته منفكّة عن ذاته وحجابا له كما مرّ ألا ترى أنّ المرئيّ في الآخرة هو الذّات المستجمعة للصّفات لا الذّات المعرّاة عن الاسماء والصّفات فإنّ ذلك مجرّد الإعتبار لانّه لا تجرّد للذّات عن الصّفات أصلا وليست الصّفات منفكّة عن الذّات قطعا والتّجرّد إنّما يقال باعتبار أنّ العارف الكامل إذا استولى عليه التّعلّق بالذّات تعالت وتقدّست تسقط عن نظره ملاحظة الاسماء والصّفات ولا يبقى مشهوده غير أحديّة الذّات أصلا فتجرّد الذّات عن الصّفات إنّما كان باعتبار نظر العارف لا باعتبار الخارج ونفس الامر كما سيجيء تحقيقه إن شاء الله تعالى وأيضا إنّ هذا الظّهور الجامع منتهى المثاليّة والكمال الذي يحصل بعد ذلك لا يمكن كونه متصوّرا في مرآة المثال فإنّ التّصوّر في المثال إنّما يكون لامر له مشابهة مناسبة بما في الخارج وإن كانت تلك المشابهة في الإسم فقط وأمّا الامر الذي لا مشابهة له بشيء في الخارج بوجه من الوجوه فتصويره في المثال محال

__________

(٨) البصيرة. مطلقا ومقيدا في كل شيء وهي معاينة بشواهد العلم. وفي الأحوال: معاينة عين الروح عيانا محضا غير مستمر فيهيج الحب والشوق. وفي الولايات: معاينة وجه الحق بعين الحق في حضرة الواحدية عند الغتصاف بصفات الحق وفي النهايات: معاينة الحق ذاته بذاته على الإستمرار اللازم للتمكين في عين الجمع عند محق الرسم في عين الأزلية بالكلية. انظر: الكاشاني ك المعجم ك ٣٤٨ ٣٤٩.

والكمالات الفوقانيّة من هذا القبيل لانّها لا شيء يشابهها بوجه من الوجوه حتّى يمكن تصويرها في المثال ومن ههنا كان الجهل من لوازم ذلك الموطن في جميع الاوقات وصار عدم الإدراك فيه علامة الإدراك وفي هذه النّشأة وإن لم يحصل من ذلك المقام شيء غير الجهل وعدم الوجدان ولكنّ المرجوّ أن يحصل في الآخرة قوّة وقلب لا يتلاشى في تشعشع النّور ويكون خبيرا عن حقيقة المعاملة. (شعر)

ألا أعطني قلبا ترى من جسارة ال‍ ... أسود وإن الفيتني قبل ثعلبا

(ولا يوقعنّك) بيان ظهور ما فوق العرش في توهّم أنّ الحقّ سبحانه وتعالى مستقرّ فوق العرش وثابت له تعالى المكان والجهة تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا وعمّا لا يليق بجناب قدسه تعالى فإنّ ظهور صورة زيد في المرآة لا يستلزم استقرار زيد في المرآة وإن وقع القاصرون في التّوهّم ولله المثل الاعلى ألا ترى أنّ المؤمنين يرون الحقّ تعالى في الآخرة في الجنّة مع أنّ الجنّة وغيرها سيّان بالنّسبة إليه تعالى والكلّ مخلوقه تعالى والتّجلّي الواقع في جبل الطّور ليس فيه شائبة الحاليّة والمحلّيّة غاية ما في الباب أنّ بعض المحالّ فيه قابليّة الظّهور وبعض آخر ليست فيه تلك القابليّة ألا ترى أنّ المرآة فيها قابليّة لظهور الصّور وليست تلك القابليّة لنعال الدوابّ مع أنّ كلّا منهما من الحديد فالتّفاوت إنّما هو في المظهر لا في الظّاهر وجميع المظاهر قابلة أو غير قابلة سواسية بالنّسبة إلى الظّاهر وكذلك الالفاظ الّتي توهم الكلّيّة والجزئيّة ويفهم منها الحاليّة والمحلّيّة مصروفة عن الظّاهر ليست بلائقة بجناب قدسه تعالى وإنّما يرتكب إيراد هذه الالفاظ من ضيق العبارة [شعر]:

اين قاعده ياددار كانجا كه خداست ... نه جزؤ ونه كل ونه ظروف ونه مظروف

ترجمة

تعالى الله عن جزء وكلّ ... ومظروف وظرف أو حلول

ولمّا كان قلب الإنسان عرش العالم الصّغير ومشابها بعرش العالم الكبير وكان التّجلّي هناك بدون شائبة الظّلّيّة كانت لمعة من ذلك التّجلّي بدون تلك الشّائبة نصيب ذلك القلب وإن كان للسّموات والارض نصيب من ذلك التّجلّي ولكنّه في حجاب ظلّ من الظّلال بخلاف القلب فإنّه مبرّأ عن شائبة الظّلّيّة مثل العرش وإن كان الظّهور متفاوتا باعتبار الصّغر والكبر. [ع]: ويبدو على قدر المرايا جماله * فالتّجلّي بدون شائبة الظّلّيّة بعد العرش المجيد نصيب قلب كمّل الإنسان وحاصل غيرهم الظّلّيّة.

ينبغي: أن يعلم أنّ الظّهور العرشيّ وإن كان مبرّأ عن شائبة الظّلّيّة ولكنّ الصّفات ممتزجة هناك بالذّات تعالت وتقدّست والشئون والاعتبارات ثابتة في الذّات والشّئون والصّفات وإن لم تكن حجابا للذّات في تلك المرتبة ولكنّها مشاركة في المشاهدة والادراك ومساهمة في المحبّة والعلاقة وأسارى

محبّة الاحديّة المجرّدة تعالت وتقدّست لا يرضون بشركة أمر وبحكم أَلا لله الدِّينُ الْخالِصُ (١) يطلبون الدين الخالص. وعدم شركة الصّفات على تفاوت الدرجات نصيب الهيئة الوحدانيّة الإنسانيّة ونصيب هيئة وحدانيّة قلب الإنسان ونصيب الجزء الارضيّ للإنسان وفوق كلّ ذلك هيئة وحدانيّة للانسان كائنة بمثابة جزئه الارضيّ وآخذة حكمه وبالجملة أنّ العمدة في هذه المعاملة هي الجزء الارضيّ وبقيّة الامور يعني الاجزاء كالمحسّنات الزّائدة وفي الإنسان شيئان ليس شيء منهما في العرش ولا نصيب منهما للعالم الكبير فيه جزء أرضيّ ليس هو في العرش وفيه هيئة وحدانيّة ليست هي في العالم الكبير والشّعور المتعلّق بالهيئة الوحدانيّة فهو نور على نور ومخصوص بالعالم الاصغر فالانسان أعجوبة حصّل لياقة الخلافة وتحمّل ثقل الامانة (واستمع) ما يتلى عليك من الخصائص الغريبة الإنسانيّة أنّ معاملة الإنسان تبلغ مرتبة تحصل له قابليّة مرآتيّة الاحديّة المجرّدة ويصير مظهر الذّات الاحد من غير اقتران الصّفات والشّئونات والحال أنّ حضرة الذّات تعالت وتقدّست مستجمعة لجميع الصّفات والشّئونات في جميع الاوقات لا انفكاك بينهما أصلا في وقت من الاوقات (وبيانه) أنّ الإنسان الكامل إذا تخلّص من أسر ما سوى الذّات الاحديّة تعالت وتقدّست يحصل له التّعلّق بالذّات الاحد ولا يكون شيء من الصّفات والشّئون ملحوظا ومنظورا ومقصودا أو مطلوبا له وبحكم: «المرء مع من أحبّ " يحصل له نوع من الاتّصال المجهول الكيفيّة بحضرة الاحديّة المجرّدة وذلك التّعلّق الذي كان له بالذّات الاحد يثبت له نسبة القرب المجهولة الكيفيّة بالذّات المنزّهة عن الكيف فيكون الإنسان الكامل في ذلك الوقت مرآة للذّات الاحد بحيث لا يكون شيء من الصّفات والشّئونات مشهودا ومرئيّا فيه بل تكون الاحديّة المجرّدة تعالت وتقدّست ظاهرة ومتجلّية فيه سبحان الله العظيم إنّ الذّات الّتي لم يكن من شأنها الإنفكاك عن الصّفات أصلا كانت ظاهرة ومتجلّية في مرآة مثل هذا الإنسان الكامل بحيثيّة التّجرّد وصار الحسن الذّاتيّ متميّزا عن الحسن الصّفاتيّ ولم تتيسّر هذه المرآتيّة لاحد غير الإنسان الكامل بلا اقتران الصّفات والشّئونات والعرش المجيد إنّما كان مظهر الحضرة الذّات المستجمعة لجميع الصّفات في العالم الكبير والانسان الكامل صار مظهرا للذّات الاحد المجرّدة عن الإعتبارات في العالم الصّغير وهذه المرآتيّة من أعجوبات الإنسان والله سبحانه المعطي لا مانع لما أعطاه ولا معطي لما منعه والسّلام على من اتّبع الهدى (٢) والتزم متابعة المصطفى عليه وعلى آله وأصحابه الصّلوات والتّسليمات العلى

__________

(١) الزمر: ٣

(٢) طه: ٤٧



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!