موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

نصره الله على جميع أعداء الإسلام - من أهل السّنّة وحنفيّ المذهب وابتداع مثل هذا الامر في زمانه نهاية الجراءة بل هو منازعته في الحقيقة وخروج من طاعة أولي الامر. والعجب من سكوت المخاديم العظام الكائنين في ذلك المقام في هذه الواقعة ومساهلتهم مع صدور جميع المذكورات؛ قال الله تبارك وتعالى في ذمّ أهل الكتاب لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبّانِيُّونَ والْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ (١) وقال تعالى أيضا كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٢) واختيار التّغافل في مثل هذه الواقعة موجب لجسارة المبتدعين وتوهين للدّين ومن مثل هذه المساهلات تدعو الجماعة المهدويّة ملأ أهل الحقّ هناك إلى باطلهم ويختطفون أمثال الذّباب واحدا واثنين في مدّة قليلة من أيدي الثعالب وماذا أكتب أزيد من ذلك؟! وحيث كان استماع هذا الخبر الموحش باعثا على الإضطراب ومحرّكا لعرقي الفاروقيّ صرت مضطرّا إلى الإقدام على تحرير كلمات والمرجوّ مسامحتكم وعذركم. والسّلام عليكم وعلى سائر من اتّبع الهدى والتزم متابعة المصطفى عليه وعلى آله الصّلوات والتّسليمات والتّحيّات والبركات.

(١٦) المكتوب السّادس عشر إلى الشّيخ بديع الدين السّهار نفوريّ في جواب استفساراته وفي بيان عجائب أحوال البرزخ (٣) الصّغير وغرائبها وفضيلة الموت بالطّاعون

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى قد وصلت الصّحيفة الشّريفة وقد اندرج فيها أنّه: قد ظهرت في هذه الحدود حوادث قويّة. الأولى: الطّاعون. والثانية: القحط أعاذنا الله سبحانه وإيّاكم عن البليّات. وحرّرت أيضا أنّه مع وجود هذه الفتن يصرف اللّيل والنّهار في العبادة والمراقبة والباطن معمور لله سبحانه الحمد والمنّة على ذلك. وجواب الاسئلة المندرجة فيها: يقرأ في السّنن في أكثر الاوقات قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (٤) وقُلْ هُوَ الله أَحَدٌ (٥) والمعوّذتان.

والكفن المسنون للرّجال: ثلاثة أثواب والعمامة زائدة فنقتصر على المسنون ولا نكتب الجواب نامه لاحتمال التّلوّث بالقاذورات ولم يثبت بسند صحيح وعمل علماء ما وراء النّهر على ذلك

__________

(١) المائدة: ٦٢

(٢) المائدة: ٧٩

(٣) البرزخ: هو الحائل بين الشيئين ويعبر به عن عالم المثال يعني: الحاجز بين الأجساد الكثيفة وعالم الأرواح المجردة. انظر: الكاشاني: معجم اصطلاحات الصوفية: ٣.

(٤) الكافرون: ١

(٥) الإخلاص: ١