موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(37) المكتوب السابع والثلاثون إلى الفقير الحقير عبد الحي الذي هو جامع هذه المكتوبات الشريفة في بيان فضائل الكلمة الطيبة: «لا إله الا الله» وما يناسب ذلك

 

 


(شعر) إلهي بحق بني فاطمه ... كه بر قول إيمان كنى خاتمه

اكر دعوتم رد كنى ور قبول ... من ودست ودامان آل رسول

صلّى الله عليه وسلّم وعلى جميع إخوانه من الانبياء والمرسلين والملائكة الكرام المقرّبين وعلى سائر عباد الله الصّالحين أجمعين.

(٣٧) المكتوب السّابع والثلاثون إلى الفقير الحقير عبد الحيّ الذي هو جامع هذه المكتوبات الشّريفة في بيان فضائل الكلمة الطّيّبة: «لا إله الّا الله» وما يناسب ذلك

بسم الله الرّحمن الرّحيم “ لا إله الّا الله ” لا شيء أنفع من هذه الكلمة الطّيّبة في تسكين غضب الرّبّ جلّ سلطانه وعلا برهانه فإذا كانت هذه الكلمة سببا لتسكين غضب دخول النّار تكون سببا لتسكين غضبات أخر بالطّريق الاولى فإنّها دون ذلك كيف لا تكون سببا للتّسكين فإنّ العبد قد أعرض عن السّوى نافيا له بتكرار هذه الكلمة الطّيّبة وجعل قبلة توجّهه المعبود على الحقّ؟!

وكان منشأ الغضب هو التّوجّهات الشّتّى الّتي كان العبد مبتلى بها وليس “ فليس ” وشاهد هذا المعنى في عالم المجاز هو أنّ شخصا إذا تأذّى عن مملوكه وغضب عليه فحينئذ لو أعرض المملوك بحسن التّدبير الذي فيه عمّا سوى مالكه وتوجّه إلى مالكه بكلّيته تظهر الشّفقة والمرحمة في المالك في حقّ المملوك بالضّرورة يرتفع عنه الغضب والأذى وأجد هذه الكلمة الطّيّبة مفتاح خزينة تسع وتسعين رحمة أعني ما جعلت ذخيرة لاجل الآخرة. وأعلم أنّه لا شيء أشفع من هذه الكلمة الطّيّبة في دفع ظلمات الكفر وكدورات الشّرك ومن صدّق بمضمون هذه الكلمة وحصّل ذرّة من الإيمان ومع ذلك كان مبتلى برسوم الكفر ورذائل الشّرك نرجو أن يخرج من العذاب بشفاعة هذه الكلمة الطّيّبة وأن ينجو من الخلود في النّار كما أنّ شفاعة محمّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنفع في دفع عقوبات سائر كبائر هذه الامّة وأدخل فيه. وإنّما قلت: «كبائر هذه الامّة " فإنّ ارتكاب الكبائر في سائر الامم السّابقة أقلّ منه في هذه الامّة بل امتزاج رسوم الكفر ورذائل الشّرك أيضا أقلّ فيهم والاحوج إلى الشّفاعة هو هذه الامّة

وفي الامم كان جمع مصرّا على الكفر وكان جمع آخر مؤمنا خالصا ممتثلا للأوامر قد هلكت هذه الامّة الكثيرة الذّنوب لو لا أن يكون شفيعهم مثل الكلمة الطّيّبة وشافعهم مثل خاتم الرّسل عليه وعليهم الصّلات والتّحيّات أمّة مذنبة وربّ غفور والذي تناله هذه الامّة من عفوه وغفرانه سبحانه لا يعلم نيل جميع الامم الماضية هذا القدر وكأنّ التّسعة والتّسعين من الرّحمة ادّخرت لهذه الامّة المستغرقة في الذّنوب [ع] أحقّ النّاس بالكرم العصاة * ولمّا كان الحقّ سبحانه وتعالى يحبّ العفو والمغفرة ولا شيء من المادّة لاجل العفو والمغفرة مساويا لهذه الامّة لا جرم صارت هذه الامّة خير الامم والكلمة الطّيّبة الّتي هي شفيعتهم أفضل الذّكر ونال نبيّهم الذي هو شفيعهم سيّد الانبياء خطاب فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ الله سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وكانَ الله غَفُورًا رَحِيمًا (١) نعم هكذا يكون أرحم الرّاحمين وهكذا يفعل أكرم الاكرمين [ع] لا عسر في أمر مع الكرام * وكانَ ذلِكَ عَلَى الله يَسِيرًا (٢) رَبَّنَا اِغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وثَبِّتْ أَقْدامَنا واُنْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٣) واسمع أيضا من فضائل هذه الكلمة الطّيّبة: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - وبارك وكرّم “ من قال لا إله إلّا الله دخل الجنّة» (٤). ويتعجّب القاصرون كيف يتيسّر دخول الجنّة بأن يقول ” لا إله الّا الله “ مرّة واحدة وهذا لكونهم غير واقفين على بركات هذه الكلمة الطّيّبة وقد صار مكشوفا للفقير أنّه لو غفر ذنوب جميع العالم بتكلّم هذه الكلمة الطّيّبة مرّة واحدة وأدخلوا الجنّة لساغ. وكان مشهودا أيضا أنّه لو قسمت بركات هذه الكلمة المقدّسة بين تمام العالم لكفت الجميع إلى أبد الآباد ولاروت الكلّ فكيف إذا اجتمعت بهذه الكلمة الطّيّبة المقدّسة ” محمّد رسول الله " وانتظم التّبليغ بالتّوحيد واقترنت الرّسالة بالولاية؟! ومجموعة هاتين الكلمتين جامعة لجميع كمالات الولاية والنّبوّة وهادي سبيل كلا هاتين السّعادتين من طهّر الولاية من ظلمات الضّلال وأوصل النّبوّة إلى الدرجة العليا اللهمّ لا تحرمنا من بركات هذه الكلمة العليّة وثبّتنا عليها وأمتنا على تصديقها واحشرنا مع المصدّقين لها وأدخلنا الجنّة بحرمتها وحرمة مبلّغيها عليهم الصّلاة والتّحيّات والتّسليمات والبركات وأيضا: إذا عجز النّظر والقدم وانخفض جناح الهمّة وترخّى ووقعت المعاملة على الغيب

__________

(١) الفرقان: ٧٠

(٢) الأحزاب: ١٩

(٣) البقرة: ٢٨٦

(٤) سنن الترمذي: ك: الإيمان. ب: فيمن يموت وهو يشهد أن لا إله إلا الله ح ٢٧٧٥ وقال حديث حسن صحيح غريب وقال ابن رجب الحنبلي في شرح علل الترمذي: إنما كان هذا في أول الاسلام قبل نزول الفرائض والأمر والنهي. ووجه هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن أهل التوحيد سيدخلون الجنة وان عذبوا في النار بذنوبهم فان لا يخلدون في النار. سنن النسائي: ك: الأذان. ب: ثواب ذلك سنن أبي داوود: ك: الأدب ز ب: ما يقول عند النوم ح ٥٠٧٠. وأخرجها لبزار عن أبي سعيد وصححه السيوطي في الجامع الصغير ح ٨٨٩٦. وقال الحافظ العراقي: أخرجه الطبراني من حديث زيد بن ارقم بإسناد ضعيف. (تخريج أحاديث الإحياء. ك: الأذكار والدعوات. الباب الأول في فضيلة الذكر.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!