موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(36) المكتوب السادس والثلاثون إلى الخواجه محمد التقي في بيان بحث الإمامة وحقيقة مذهب أهل السنة والجماعة ومخالفيهم وأن أهل السنة متوسطون بين الإفراط والتفريط اللذين اختصارهما الروافض والخوارج ومدح أهل بيت الرسول صلى الله عليه وعلى آله و

 

 


المخدوم أنبأ كلّ منهما عن علوّ الفطرة: أحدهما: عن بيان عين اليقين بطور خاصّ كما مرّ. وثانيهما:

عن بيان تأويل المتشابهات القرآنيّة الّتي علمها نصيب العلماء الرّاسخين. وجواب السّؤال الثاني أدقّ من جواب السّؤال الاوّل وأخفى منه وأليق بالاستتار ومناف للظّهور والاظهار وعلم تأويل المتشابهات كناية عن المعاملة الّتي هي مخصوصة بالرّسل - عليهم الصّلوات والتّسليمات - ويمنح أقلّ قليل من الامم نبذا يسيرا من هذا العلم بالتّبعيّة والوراثة ولا يرفع البرقع عن جمالها لهم في هذه النّشأة أيضا ولكنّ المرجوّ أن يشرّف بهذه الدولة في النّشأة الآخرة جمّ غفير من الامم أيضا بطريق التّبعيّة والقدر الممكن كتابته أنّه يصحّ أن يشرّف البعض الآخر وراء ذلك الاقلّ بهذه الدولة في هذه النّشأة أيضا ولكن لا يعطى له العلم بحقيقة المعاملة ولا ينكشف له التّأويل (وبالجملة) يجوز أن يحصل تأويل المتشابهات لذلك البعض ولكنّه لا يدرى ما حاصله فإنّ المتشابهات كناية عن المعاملات ويصحّ أن تكون المعاملة حاصلة ولا يحصل العلم بتلك المعاملة وشاهدت هذا المعنى في فرد من المنتسبين إليّ وماذا يحصل للآخرين وسؤالكم أوقع في الرّجاء من هذه المعاملة رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا واِغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) والسّلام.

(٣٦) المكتوب السّادس والثلاثون إلى الخواجه محمّد التّقيّ في بيان بحث الإمامة وحقيقة مذهب أهل السّنّة والجماعة ومخالفيهم وأنّ أهل السّنّة متوسّطون بين الإفراط والتّفريط اللّذين اختصارهما الرّوافض والخوارج ومدح أهل بيت الرّسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم وما يناسب ذلك

بسم الله الرّحمن الرّحيم بعد الحمد والصّلوات وتبليغ الدعوات أنهي أنّ محبّة الفقراء والارتباط بهم والالفة معهم والرّغبة في استماع كلمات هذه الطّائفة العليّة والميل إلى أوضاع هذه الطّبقة السّنيّة وأطوارهم من أجلّ نعم الله جلّ سلطانه وأعظم عناياته تعالى قال المخبر الصّادق عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام “ المرء مع من أحبّ ” فمحبّهم معهم وفي حرم حريم القرب طفيليّهم (أيّها الموفّق) إنّ ولدي الخواجه شرف الدين حسين قد أخبر أنّ هذه الاوصاف الحميدة مجتمعة فيه مع وجود تعلّقات شتّى وهذه المعاني المستحسنة المقبولة ملتئمة فيه مع وجود اشتغالات لا طائل فيها - لله سبحانه الحمد والمنّة على ذلك - فإنّ صلاحكم موجب لصلاح جمّ غفير وفلا حكم مستلزم لفلاح جمع كثير وأظهر

__________

(١) التحريم: ٨

المشار إليه بأنّه محبّ لكلامك وراغب في استماع علومك فإن كتبت إلى جنابه كلمات لكان أفضل وأحسن. فأردت أن أكتب كلمات إجابة للملتمس وحيث كان في هذه الايّام ذكر بحث الإمامة أكثر وكلّ شخص ينسج الكلام في هذا الباب بالظّنّ والتّخمين أردت أن أكتب في هذا المبحث سطورا بالضّرورة وأن أبيّن حقيقة مذهب أهل السّنّة والجماعة ومذهب المخالفين. (أيّها الطّالب للنّجاة) إنّ من علامات أهل السّنّة والجماعة تفضيل الشّيخين ومحبّة الختنين واجتماع تفضيل الشّيخين مع محبّة الختنين من خصائص أهل السّنّة والجماعة تفضيل الشّيخين ثابت بإجماع الصّحابة والتّابعين كما نقله أكابر الائمّة أحدهم الإمام الشّافعيّ رحمه الله وقال الشّيخ أبو الحسن الاشعريّ: «تفضيل أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - على سائر الامّة قطعيّ “ وقد ثبت عن عليّ - كرّم الله وجهه - بالتّواتر في زمن خلافته وكرسيّ مملكته وبيّن الجمّ الغفير من شيعته أنّ أبا بكر وعمر أفضل هذه الامّة كما ذكره الذّهبيّ وروى عنه الإمام البخاريّ أنّه قال: «أفضل النّاس بعد الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - أبو بكر ثمّ عمر ثمّ رجل آخر. فقال ابنه محمّد بن الحنفيّة: ثمّ أنت فقال: ما أنا الّا رجل من المسلمين» (وبالجملة) انّ تفضيل الشّيخين قد بلغ من كثرة الرّواة الثقات حدّ الضّرورة والتّواتر فإنكاره إمّا من الجهل وإمّا من التّعصّب ولمّا لم يجد عبد الرّزّاق - الذي هو من أكابر الشّيعة - مجالا للإنكار قال بتفضيل الشّيخين من غير اختيار وقال ” حيث فضّل عليّ الشّيخين على نفسه أفضّلها أنا أيضا عليه لتفضيله ولو لا أنّه فضّلهما على نفسه لما فضّلتهما عليه وبال عليّ أن أدّعي محبّة عليّ ثمّ أخالفه “ ولمّا كثر في زمان خلافة الختنين ظهور الفتن والاختلال في أمور النّاس وحصلت من هذه الجهة كدورة غير محصورة في قلوب النّاس واستولت العداوة والبغضاء فيما بين المسلمين عدّت محبّة الختنين أيضا بالضّرورة من جملة شرائط كون شخص من أهل السّنّة والجماعة لئلّا يسيء الجاهل الظّنّ من هذه الحيثيّة بأصحاب خير البشر - عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام - فكانت محبّة عليّ كرّم الله وجهه شرطا للتّسنّن ومن ليست فيه هذه المحبّة صار خارجا عن أهل السّنّة ويسمّي خارجيّا والذي اختار طرف الإفراط في محبّة عليّ ووقع منه الزّيادة على القدر اللّائق وأظهر الغلوّ في تلك المحبّة وأطال اللّسان بسبّ أصحاب خير البشر عليه وعليهم الصّلاة والسّلام وترك طريق الصّحابة والتّابعين والسّلف الصّالحين رضوان الله عليهم أجمعين ورفضه سمّي رافضيّا فأهل السّنّة متوسّطون بين الإفراط في محبّة عليّ كرّم الله وجهه وبين التّفريط فيها اللّذين اختارهما الرّوافض والخوارج. ولا شكّ أنّ الحقّ في الوسط والافراط والتّفريط كلاهما مذمومان كما روى الإمام أحمد بن حنبل عن عليّ أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ” فيك مثل من عيسى؛ عاداه اليهود حتّى بهتوا أمّه وأحبّه النّصارى حتّى أنزلوه منزلة ليس هو فيها “ يعني: قالوا إنّه ابن الله فقال عليّ: «هلك فيّ اثنان المفرط في محبّتي حتّى يثبت لي ما ليس فيّ والثاني: من يعادينى ويفتري عليّ بالعداوة ” فشبّه حال الخوارج بحال اليهود وحال الرّوافض بحال النّصارى

وكلاهما وقعا من الحقّ الوسط في الطرفين. وما أجهل من لا يعدّ أهل السّنّة والجماعة من محبّي عليّ ويزعم محبّته مختصّة بالرّفضة وليست محبّة عليّ من الرّفض وإنّما الرّفض: التّبرّي من الخلفاء الثلاثة والتّبرّي من الاصحاب الكرام مذموم وصاحبه عليه ملوم؛ قال الإمام الشّافعيّ رضي الله عنه.

(شعر) لو كان رفضا حبّ آل محمّد ... فليشهد الثقلان أنّى رافض

يعني: أنّ حبّ آل محمّد ليس برفض كما يزعمونه فإن قالوا لهذا الحبّ رفضا فليس برفض مذموم فإنّ ذمّ الرّفض إنّما جاء من جهة التّبرّي عن الآخرين ورفضهم لا من جهة محبّتهم يعني آل محمّد فيكون محبّوا أهل بيت رسول الله - عليه وعليهم الصّلوات والتّسليمات - من أهل السّنّة والجماعة وهم شيعة أهل البيت في الحقيقة والشّيعة الذين يدّعون محبّة أهل البيت ويعدّون أنفسهم من شيعتهم فإن لم يقتصروا محبّتهم على أهل البيت ولم يتبرّوا من الآخرين وعظّموا جميع أصحاب النّبىّ - عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام - ووقّروهم حقّ تعظيمهم وتوقيرهم وحملوا مشاجراتهم على محامل حسنة فهم داخلون في أهل السّنّة والجماعة وخارجون عن الخوارج والرّوافض فإنّ عدم محبّة أهل البيت خروج والتّبرّي عن الاصحاب رفض ومحبّة أهل البيت مع تعظيم جميع الاصحاب وتوقيرهم تسنّن. (وبالجملة) انّ مبنى التّسنّن على حبّ مصاحبيه عليه وعليهم الصّلاة والسّلام والعاقل المنصف لا يختار بغض الاصحاب الكرام على حبّهم أصلا بل يحبّ جميعهم بحبّ النّبىّ عليه وعليهم الصّلوات والتّحيّات؛ قال - عليه الصّلاة والسّلام «من أحبّهم فبحبّى أحبّهم ومن أبغضهم فببغضى أبغضهم» (١). (ولنرجع إلى أصل الكلام ونقول) كيف يظنّ عدم محبّة أهل البيت في حقّ أهل السّنّة والجماعة والحال أنّ محبّتهم عندهم جزء الإيمان وسلامة الخاتمة مربوطة عندهم برسوخ تلك المحبّة. وكان والد هذا الفقير الماجد يرغب في أكثر الاوقات في محبّة أهل البيت وكان عالما بالعلم الظّاهرىّ والباطنىّ وكان يقول “ انّ لمحبّتهم مدخلا عظيما في سلامة الخاتمة ينبغي أن يراعيها كمال رعايتها ” وكان هذا الفقير حاضرا في مرض موته ولمّا انتهت معاملته إلى آخرها وبقي الشّعور بهذا العالم قليلا ذكّرته بكلامه في ذلك الوقت واستفسرته عن تلك المحبّة فقال في تلك الحالة: «إنّى غريق في محبّة أهل البيت فأودّي شكر الحقّ - عزّ وجلّ - في ذلك الوقت». ومحبّة أهل البيت رأس مال أهل السّنّة والمخالفون غافلون عن هذا المعنى

__________

(١) حسن: سنن الترمذي: ك: أبواب المناقب عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ب: ما جاء في فضل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم ح ٣٩٥٤ وقال: حسن غريب. أحمد في المسند: أول مسند المدنيين: مسند عبد الله بن مغفل. المعجم الكبير للطبراني: مسند البصريين ك حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب ١٢/ ٤٥٦ الحاكم في المستدرك.: ك: معرفة الصحابة ٤/ ٧٣، وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير النعمان بن مرة وهو ثقة. (مجمع الزوائد ح ١٦٥١٨.) وفي ح ١٦٥٢٠ قال: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح غير أحمد بن حاتم وهو ثقة. * وقال السيوطي: إسناده حسن. الجامع الصغير ح ١٤٤٢.

وجاهلون بمحبّتهم المتوسّطة اختاروا لانفسهم جانب الإفراط وظنّوا وراء الإفراط تفريطا وحكموا بالخروج وزعموه مذهب الخوارج ولم يعلموا أنّ بين الإفراط والتّفريط حدّا وسطا هو مركز الحقّ وموطن الصّدق الذي صار نصيبا لاهل السّنّة والجماعة شكر الله سعيهم. (والعجب) أنّ أهل السّنّة هم الذين قتلوا الخوارج واستأصلوا أعداء أهل البيت ولم يكن من الرّفضة في ذلك الوقت اسم ولا رسم فإن كان له حكم العدم وكأنّهم تصوّروا محبّي أهل البيت بزعمهم الفاسد رفضة وتخيّلوا أهل السّنّة بتلك العلاقة روافض يا لها من معاملة عجيبة!! حيث يعدّون أهل السّنّة أحيانا من الخوارج لعدم إفراط المحبّة ويزعمونهم أحيانا روافض لما يحسّون فيهم من نفس المحبّة ولهذا تراهم يزعمون من جهالتهم الأولياء العظام من أهل السّنّة الذين يذكرون محبّة أهل البيت ويظهرون حبّ آل محمّد - صلّى الله عليه وسلّم -: روافض ويظنّون كثيرا من كبار علماء أهل السّنّة الذين يمنعون من إفراط تلك المحبّة ويحرّضون على تعظيم الخلفاء الثلاثة وتوقيرهم خوارج فآه الف آه من جراءتهم الغير المناسبة أعاذنا الله سبحانه من إفراط تلك المحبّة وتفريطها ومن إفراط المحبّة اشترطوا في تحقّق محبّة عليّ التّبرّي من الخلفاء الثلاثة وغيرهم ينبغي الإنصاف ما معنى المحبّة الّتي يشترط في حصولها التّبرّي من نوّاب النّبىّ - صلّى الله عليه وسلّم - وقائمي مقامه وسبّ أصحاب خير البشر وطعنهم رضوان الله عليهم أجمعين. وذنب أهل السّنّة إنّما هو ضمّهم إلى محبّة أهل البيت توقير جميع أصحابه - صلّى الله عليه وسلّم - وتعظيمهم وجمعهم إيّاهما معا بحيث لا يذكرون أحدا منهم بسوء مع وجود المنازعات والمخالفات فيما بينهم وينزّهونهم عن الاهواء النّفسانيّة والتّعصّبات البشريّة من جهة تعظيم صحبة النّبيّ وتكريم مصاحبيه عليه وعليهم الصّلاة والسّلام ومع ذلك يقولون للمحقّ محقّا وللمبطل مبطلا ولكن مع تنزيه بطلانه من الهوى (١) والهوس وإحالته على الرّأي والاجتهاد. وإنّما يرضى الرّوافض عن أهل السّنّة والجماعة إذا هم تبرّوا عن سائر الاصحاب الكرام مثلهم وأساؤا ظنّهم بهؤلاء الاكابر كما أنّ رضاء الخوارج عنهم مربوط بعداوة أهل البيت ومنوط ببغض آل محمّد عليه وعليهم الصّلوات والبركات رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهّابُ (٢) وكان أصحاب رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - عند أكابر أهل السّنّة والجماعة - شكر الله سعيهم - في وقت منازعة بعضهم بعضا ثلاث فرق: فرقة عرفوا حقّيّة جانب عليّ بالدّليل والاجتهاد. وجماعة أخرى وجدوا أيضا بالدّليل والاجتهاد حقّيّة جانب آخر.

وطائفة ثالثة كانوا متوقّفين لم يرجّحوا جانبا واحدا بالدّليل فلزمت الطّائفة الأولى نصرة جانب عليّ بمقتضى اجتهادهم. ولزمت الطّائفة الثانية نصرة جانب مخالفيه على مؤدّى اجتهادهم. ولزم الطّائفة الثالثة

__________

(١) الهوى: هو ميل النفس إلى مقتضيات الطبع والإعراض عن الجهة العلوية بالتوجه إلى الجهة السفلية. انظر: الكاشاني: معجم اصطلاحات الصوفية: ٧٢.

(٢) آل عمران: ٨

التّوقّف وكان ترجيح إحديهما على الاخرى خطأ في حقّهم. فعمل كلّ فرقة من هذه الفرق الثلاث بمقتضى اجتهادهم وأدّوا ما هو الواجب واللّازم على ذمّتهم فكيف يكون للملامة مجال فيهم؟! وكيف يكون الطّعن مناسبا لهم؟! وقال الإمام الشّافعيّ ونقل عن عمر بن عبد العزيز أيضا رضي الله عنهما:

“ تلك دماء طهّر الله عنها أيدينا فلنطهّر عنها السنتنا». ويفهم من هذه العبارة أنّه لا ينبغي تحريك الشّفتين أيضا بحقّيّة إحديهما وتخطئة الاخرى وأن لا يذكر كلّهم بغير الخير. وكذلك ورد في الحديث النّبويّ حيث قال النبىّ - عليه الصّلاة والسّلام - ” إذا ذكر أصحابي فأمسكوا» (١). يعني: إذا ذكر أصحابي ومنازعاتهم فامتنعوا عن ذلك ولا تختاروا أحدهم على الآخر. ولكنّ جمهور أهل السّنّة ذاهبون لما ظهر لهم بدليل إلى أنّ الحقّ في جانب عليّ كرّم الله وجهه ومخالفوه سالكون طريق الخطأ ولكن لمّا كان هذا الخطأ خطأ اجتهاديّا بعد عن الملائمة والطّعن وتنزّه عن التّحقير وتبرّأ من التّشنيع ونقل عن عليّ رضي الله عنه أنّه قال “ إخواننا بغوا علينا لا هم كفّار ولا فسّاق فإنّ لهم تأويلا يمنع عنهم الكفر والفسق ” فأهل السّنّة والرّافضة كلاهما يخطئون محاربي عليّ وكلاهما يقولون بحقّيّة جانبه ولكن لا يجوّز أهل السّنّة الزّيادة على إطلاق لفظ الخطإ النّاشئ عن التأويل في حقّ محاربيه ويحفظون اللّسان من طعنهم وتشنيعهم ويراعون حقّ صحبة خير البشر عليه وعليهم الصّلاة والسّلام قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - “ الله الله في أصحابي لا تتّخذوهم غرضا بعدي ” وكرّر لفظ الجلالة للتّأكيد وقال أيضا " أصحابي كالنّجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم» (٢) وورد أحاديث أخرى كثيرة في باب تعظيم الاصحاب وتوقيرهم أجمعين؛ فينبغي إعزازهم وتكريمهم جميعا وحمل زلّاتهم على محامل حسنة وهذا هو مذهب أهل السّنّة في هذه المسألة. والرّوافض يغالون في هذا الباب حتّى يكفّرون محاربى عليّ ويلوّثون السنتهم بأنواع الطّعن وأقسام الشّتم فإن كان المقصود ظهور حقّيّة جانب عليّ وإظهار خطإ محاربيه فما اختاره أهل السّنّة كاف فيه وعلى حدّ الإعتدال والطّعن في أكابر الدين بعيد عن الديانة والتّديّن كما اختاره الرّافضة وزعموا شتم أصحاب رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - دينهم وإيمانهم ما أقبحه من دين!! حيث إنّ جزءه الاعظم سبّ نوّاب النّبىّ وشتم خلفائه عليه وعليهم الصّلاة والسّلام. واختار كلّ واحدة من طوائف المبتدعة بدعة وامتاز بها عن أهل السّنّة والجماعة ولكنّ فرقة الخوارج والرّوافض من بين

__________

(١) حسن: الطبراني: أخرجه الطبراني في المعجم الكبير من حديث عبد الله بن مسعود الهذلي. وحسنه السيوطي في الجامع الصغير ح ٦١٥. وقال الحافظ العراقي: رواه الطبراني من حديث ابن مسعود بإسناد حسن. (تخريج أحاديث الإحياء. ك: العلم.) وقال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه يزيد بن ربيعة وهو ضعيف. (مجمع الزوائد: ك: القدر ب: النهي عن الكلام في القدر ح ١١٨٥٠) وفي ح ١١٨٥١ قال: رواه الطبراني وفيه مسهر بن عبد الملك وثقه ابن حبان وغيره وفيه خلاف، وبقية رجاله رجال الصحيح.

(٢) قال العجلوني: رواه البيهقيو أسنده الديلمي عن ابن عباس بلفظ أصحابي بمنزلة النجوم في السماء بأيهم اقتديتم اهتديتم. وأورده القاري في شرح مسند أبي حنيفة بدون نسبة.

جميع هؤلاء الطّوائف بعيدة عن الحقّ والصّواب جدّا فإذا كان سبّ أكابر الدين ولعنهم جزءا أعظم من إيمانهم كيف يكون لهم نصيب من الحقّ؟!

وافترقت الرّوافض على اثنتى عشرة فرقة كلّهم يكفّرون أصحاب النّبىّ - صلّى الله عليه وسلّم - ويعتقدون سبّ الخلفاء الرّاشدين عبادة وهذه الجماعة يتحاشون عن إطلاق لفظ الرّفض على أنفسهم ويزعمون الرّوافض غيرهم لما ورد في الاحاديث وعيد شديد في حقّ الرّفضة فيا ليتهم اجتنبوا عن معنى “ الرفضة ” أيضا ولم يتبرّؤا عن أصحاب النّبىّ عليه وعليهم الصّلاة والسّلام. وهنود بلاد الهند يعني مجوسهم أيضا يقولون لانفسهم هنودا ويتحاشون عن الكفر ولا يعتقدون أنفسهم كفّارا ويزعمون أنّ الكفّار هم سكّان دار الحرب وغلطوا في هذا الفهم بل كلا الصّنفين كفّار متحقّقون بحقيقة الكفر وكأنّهم زعموا أنّ أهل بيت النّبىّ - عليه وعليهم الصّلاة والسّلام - مثلهم وتخيّلوهم أيضا أعداء أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وهذه الطّائفة يظنّون أكابر أهل البيت بحكم التّقاة الّتي يزعمونها منافقين ومخادعين ويزعمون أنّ عليّا كرّم الله وجهه صحب الخلفاء الرّاشدين ثلاثين سنة بحكم التّقاة صحبة نفاق وعظّمهم ووقّرهم من غير حقّ واستحقاق ما أحسن هذه المعاملة وما أجملها!! فإن كانت محبّة أهل بيت رسول الله بواسطة محبّة رسول الله صلّى الله عليه وعليهم وسلّم ينبغي أن يكونوا أيضا أعداء لاعداء رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - وأن يسبّوهم ويلعنوهم أكثر من سبّ أعداء أهل البيت ولعنهم ولم يسمع من أحد من هذه الطّائفة أنّه سبّ أبا جهل ولعنه مع أنّه أشدّ أعداء رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - وآذاه - صلّى الله عليه وسلّم - بأنواع الاذيّة والجفاء ولم يحرّك أحد منهم لسانه بذكر مساويه وأبو بكر الصّدّيق الذي هو أحبّ الرّجال إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يزعمونه بزعمهم الفاسد عدوّا لاهل البيت ويطيلون السنتهم بسبّه وطعنه وينسبون إليه أمورا غير مناسبة به فأيّ تديّن هذا وأيّ ديانة لا قدّر الله سبحانه كون أبي بكر وعمر وسائر الصّحابة الكرام أعداء أهل بيت رسول الله عليه وعليهم الصّلاة والسّلام ومبغضين ومعادين لآل محمّد صلّى الله عليه وسلّم. وليت هؤلاء العارين عن لباس الإنصاف يسبّون أعداء أهل البيت من غير تعيين أسامي أكابر الصّحابة رضوان الله عليهم أجمعين ومن غير إظهار سوء ظنّ بأكابر الدين فترتفع حينئذ مخالفتهم في هذا الباب لاهل السّنّة؛ فإنّ أهل السّنّة أيضا يعادون أعداء أهل البيت ويقولون بطعنهم وتشنيعهم. ومن حسن أهل السّنّة أنّهم لا يقولون لشخص معيّن مبتلى متلبّس بأنواع الكفر جهنّميّا ولا يجوّزون إطلاق اللّعن عليه لاحتمال إسلامه وتوبته في آخر أمره وإنّما يجوّزون إطلاق اللّعن على الكافرين مطلقا دون تعيين شخص متّهم ما لم يعلم سوء خاتمته بدليل قطعيّ والرّوافض يلعنون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما بلا تحاش ويسبّون أكابر الصّحابة ويطعنون فيهم من غير اكتراث هداهم الله إلى سواء الصّراط. وفي هذا المبحث اختلاف عظيم بين أهل السّنّة وبين مخالفيهم في مقامين: المقام الاوّل: هو أن أهل السّنّة قائلون بحقّيّة خلافة الخلفاء

الاربع ويقولون لكلّ واحد من هؤلاء الاربع خليفة حقّا لانّه قد ورد في الحديث الصّحيح بطريق الإخبار عن المغيّبات: «الخلافة بعدي ثلاثون سنة " وهذه المدّة تمّت بخلافة علىّ فبمقتضى هذا الحديث يكون كلّ من الأربعة خليفة ويكون ترتيب الخلافة على الحقّ والمخالفون ينكرون حقّيّة خلافة الخلفاء الثلاثة وينسبون خلافتهم إلى التّعصّب والتّغلّب لا يعتقدون أحدا غير علىّ إماما على الحقّ ويحملون البيعة الواقعة من علىّ للخلفاء الثلاثة على التّقاة ويظنّون الصّحبة الواقعة فيما بين الأصحاب الكرام صحبة نفاق ويتصوّرون المداراة الكائنة فيهم مخادعة فإنّ موافقى علىّ قد صحبوا في زعم هؤلاء الفرقة مع مخالفيه بحكم التّقاة صحبة نفاق واظهروا بلسانهم خلاف ما في قلوبهم ومخالفوا علىّ لمّا كانوا في زعم هؤلاء الطّائفة أعداءه وأعداء موافقيه وأحبابه كانوا أحبابا لهم على سبيل النّفاق وأظهروا المعاداة في صورة الموالاة فيكون جميع أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على زعمهم الفاسد منافقين ومخادعين ومظهرين بظواهرهم خلاف ما في بواطنهم فيكون شرار هذه الامّة عند هؤلاء الفرقة هم الاصحاب الكرام ويكون شرّ الصّحبات وأخبثها صحبة خير البشر عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام حيث نشأت منها أمثال هذه الاخلاق الذّميمة ويكون شرّ القرون قرن الاصحاب لكونه مملوّا من النّفاق والعداوة والبغضاء والحقد وقد قال الله في كلامه المجيد في حقّهم رُحَماءُ بَيْنَهُمْ (١) أعاذنا الله سبحانه من اعتقاداتهم السّوء فإذا جعلوا سابقى هذه الامّة متّصفين بهذه الاخلاق الذّميمة فكيف توجد الخيريّة في اللّاحقين وكأنّ هذه الطّائفة لم يروا الآيات القرآنيّة والاحاديث النّبويّة الواردة في فضل صحبة خير البشر عليه الصّلاة والسّلام وفضيلة أصحابه الكرام وخيرة هذه الامّة أو رأوها ولكنّهم لم يؤمنوا بها ولم يصدّقوها وإنّما وصل القرآن والاحاديث إلينا بتبليغ الاصحاب الكرام فإذا كان الاصحاب مطعونا فيهم يكون الدين الواصل إلينا بواسطتهم ومن طرقهم أيضا مطعونا فيه بالضّرورة نعوذ بالله من ذلك ولعلّ مقصود هذه الطّائفة ابطال الدين وإنكار شريعته عليه الصّلاة والسّلام. ففى ظاهر الصّورة يظهرون محبّة أهل بيت رسول الله وفي الحقيقة يبطلون شريعته عليه الصّلاة والسّلام وليتهم يتركون عليّا وموافقيه مسلّما فيهم ولم يجعلوهم متّسمين بسمة التّقاة الّتي هي من سمة أهل المكر والنّفاق وأيّ خير يكون في جماعة من موافقى علىّ أو مخالفيه حيث صحب بعضهم بعضا ثلاثين سنة بالنّفاق وعاشروا بالمكر والخداع وكيف يستحقّون الإعتماد عليهم. وهؤلاء يطعنون في أبي هريرة (٢) رضي الله عنه ولا يعلمون أنّ في طعنه طعنا في نصف

__________

(١) الفتح: ٢٩

(٢) أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي: على الراجح من اسمه حافظ الصحابة على الإطلاق ووعاء السنة اختلف في اسمه واسم أبيه على نحو ثلاثين قولا أرجحها عند الأكثر عبد الرحمن بن صخر مات سنة ٥٩ هـ وقيل: قبلها بسنة أو سنتين قال الحاكم أبو أحمد بعد أن حكى الاختلاف في اسمه ببعض ما تقدم كان من أحفظ أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وألزمهم له صحبة على شبع بطنه فكانت يده مع يده يدور معه حيث دار إلى أن مات ولذلك كثر حديثه وأخرج البخاري في صحيحه: ٥/ ٣٤ فتح عن الأعرج عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «يقولون: إن أبا هريرة يكثر الحديث والله الموعد ويقولون: ما

الاحكام الشّرعيّة وذلك أنّ العلماء المحقّقين قالوا ورد في الاحكام ثلاثة آلاف حديث يعني ثبت ثلاثة آلاف حكم من الاحكام الشّرعيّة بالسّنّة وثبت ألف وخمسمائة منها برواية أبي هريرة فيكون الطّعن فيه طعنا في نصف الاحكام الشّرعيّة وقال الإمام البخاريّ أن رواة أبي هريرة أزيد من ثمانمائة من الاصحاب الكرام والتّابعين العظام واحد منهم ابن عبّاس (١) رضي الله عنهما وروى عنه ابن عمر (٢) أيضا وكذلك جابر بن عبد الله (٣) وأنس بن مالك من رواته والحديث الذي ينقلون عن علىّ - كرّم الله وجهه - في الطّعن في أبي هريرة رضي الله عنه فهو حديث مفترى كما حقّقه العلماء وحديث دعائه صلّى الله عليه وسلّم لابي هريرة رضي الله عنه بالفهم معروف بين العلماء قال أبو هريرة رضي الله عنه حضرت مجالسا لرسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فقال: «من يبسط منكم رداءه حتّى أفيض فيه مقالتي فيضمّها إليه ثمّ لا ينساها؟! " فبسطت بردة كانت علىّ فأفاض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مقالته فضممتها إلى صدرى فما نسيت بعد ذلك شيئا». فاعتقاد شخص عظيم من أكابر الدين عدوّا لعلىّ بمجرّد الزّعم وتجويز السّبّ والطّعن واللّعن في حقّه بعيد عن الإنصاف وهذه كلّها من آفات إفراط المحبّة حتّى كادوا يخرجون رؤسهم من ربقة الإيمان فلئن جوّزت التّقاة فرضا في حقّ علىّ كرّم الله وجهه فماذا يقولون في أقواله الّتي نقلت عنه بالتّواتر في أفضليّة الشّيخين وكذلك في كلماته القدسيّة الّتي صدرت عنه في عين خلافته وكرسيّ مملكته في حقّيّة خلافة الخلفاء الثلاثة فإنّ التّقاة إنّما تكون بستر حقّيّة خلافته وعدم إظهار بطلان خلافة الخلفاء الثلاثة وأمّا إظهار حقّيّة خلافة الخلفاء الثلاثة وبيان أفضليّة الشّيخين فأمر على حدة

__________

(٢) للمهاجرين والأنصار لا يحدثون مثل أحاديثه؟ وإن أخوتي من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق وإن إخوتي من الأنصار كان يشغلهم عمل أموالهم وكنت امرء مسكينا ألزم رسول الله - صلى ت عليه وسلم - على ملء بطني فأحضر حين يغيبون وأعي حين ينسون وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما: «لن يبسط أحد منكم ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه ثم يجمعه إلى صدره فينسى من مقالتي شيئا أبدا " فبسطت نمرة ليس عليّ ثوب غيرها حتى قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - مقالتهم جمعتها إلى صدري فوالذي بعثه بالحق ما نسيت من مقالته تلك إلى يومي هذا والله لو لا آيتان في كتاب الله ما حدثتكم شيئا أبدا: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ إلى قوله: الرَّحِيمُ انظر: الإصابة: ٧/ ٤٢٢ التهذيب: ٦/ ٤٧٩ الكاشف المذهبي: ٣/ ٣٨٥.

(١) عبد الله بن عباس: الصحابي الجليل عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي (أبو العباس) عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد بمكة وو نشأ بها في بدأ عصر النبوة فلازم النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه الكثير من الأحاديث له في الصحيحين ونغيرهما ١٦٦٠ حديثا. قال فيه عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه نعم ترجمان القرآن بن عباس.

(٢) عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي: أبو عبد الرحمن الصحابي الجليل نشأ في الإسلام وهاجر إلى المدينة مع أبيه ووو شهد فتح مكة ولما قتل عثمان - رضي الله عنه - عرض عليه نفر من أهل مكة أن يبايعوه بالخلافة فأبى روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ٢٦٣٠ حديث توفي سنة ٧٣ هـ

(٣) جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري السلمي: الصحابي الجليل كان من المكثرين في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى عنه جماعة من الصحابة وكان له في أواخر أيامه حلقة في المسجد النبوي يؤخذ عنه العلم. توفي - رضي الله عنه - سنة ٧٨ هـ. الأعلام ٢/ ١٠٤.

وراء تلك التّقاة لا محمل له غير الصّدق والصّواب لا يتصوّر رفعها بالتّقاة وأيضا قد وردت الاحاديث الصّحيحة في فضائل الخلفاء الثلاثة وغيرهم وبلغت حدّ الشّهرة بل حدّ التّواتر في المعنى وبشّرت جماعة منهم بالجنّة فماذا يقولون في هذه الاحاديث فإنّ التّقاة لا تجوز في حقّ النّبىّ عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام فإنّ التّبليغ لازم للأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام وأيضا قد نزلت في هذا الباب آيات قرآنيّة ولا يتصوّر فيها التّقاه رزقهم الله سبحانه الإنصاف. ومعلوم عند أرباب العقول أنّ التّقاة من صفات الجبان فنسبتها إلى أسد الله غير مناسبة وإن جوّزت التّقاة بحكم البشريّة ساعة أو ساعتين ويوما أو يومين فله مساغ ومجال وأمّا إثباتها لاسد الله مدّة ثلاثين سنة والقول بإصراره على التّقاة في تلك المدّة فمستكره جدّا وقد قال العلماء: الإصرار على الصّغيرة كبيرة فما يكون حكم الإصرار على صفة من صفات أرباب الشّقاق والنّفاق يا ليتهم يفهمون قباحة هذا الامر. وهم إنّما هربوا من تقديم الشّيخين لكونه مستلزما لاهانة علىّ وتنقيصه يعني في زعمهم الفاسد واختاروا إثبات التّقاة له ولم يفهموا شناعة هذه الصّفة فلو فهموا شناعتها لما جوّزوها له أصلا ولاختاروا أهون الامرين (بل أقول) لا إهانة لعليّ في تقديم الشّيخين فإنّ حقّيّة خلافته باقية على حالها ودرجة ولايته ورتبة هدايته ومنزلة إرشاده أيضا باقية على ما هي عليها وفي إثبات التّقاة يلزم التّنقيص والتّوهين لكونها من خصائص أرباب النّفاق ولوازم أصحاب المكر والخداع. والمقام الثاني: هو أنّ أهل السّنّة والجماعة شكر الله سعيهم يحملون مشاجرات أصحاب خير البشر عليه وعليهم الصّلوات والتّسليمات ومنازعاتهم على محامل حسنة ويعتقدونها بعيدة عن الهوى والتّعصّب فإنّ نفوسهم صارت مزكّاة في صحبة خير البشر عليه وعليهم الصّلاة والسّلام وساحة صدورهم طاهرة نظيفة من العداوة والغلّ والحقد غاية ما في الباب أنّه لمّا كان لكلّ واحد منهم رأيا واجتهادا وكان العمل لكلّ مجتهد على وفق اجتهاده واجبا لزمت المشاجرة والمخالفة في بعض الامور بسبب مخالفة الآراء بالضّرورة وكان أتباع كلّ منهم رأى نفسه صوابا فكانت مخالفتهم مثل موافقتهم لاجل الحقّ لا للهوى والهوس واتّباع النّفس الامّارة. والرّوافض يكفّرون مخالفي عليّ ومحاربيه ويجوّزون في حقّهم أنواع الطّعن والتّشنيع فإذا صدرت مخالفة الاصحاب الكرام للنّبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - في بعض الامور الإجتهاديّة وحكمهم بخلاف حكمه - عليه الصّلاة والسّلام - ولم تكن مخالفتهم هذه مذمومة ولم يكونوا ملومين عليها ولم يجئ منعهم عنها مع وجود نزول الوحى في ذلك الوقت فكيف تكون مخالفتهم لعلىّ في الامور الإجتهاديّة كفرا ولم يكون المخالفون مطعونا فيهم وملومين كيف؛ فإنّ المخالفين جمّ غفير من أهل الإسلام ومن أجلّة الاصحاب الكرام وبعض منهم مبشّر بالجنّة وليس تكفيرهم وتشنيعهم أمرا يسيرا كبرت كلمة تخرج من أفواههم فإنّهم كادوا يكونون هم الذين بلغوا قريبا من نصف الدين والشّريعة فإذا كانوا مطعونا فيهم يزول الإعتماد عن شطر الدين كيف يكون هؤلاء الاكابر مطعونا فيهم فإنّه لم يردّ أحد رواية أحد منهم أصلا لا علىّ ولا غيره. وأيضا إنّ صحيح البخاريّ أصحّ الكتب بعد

كتاب الله تعالى ويعترف به الشّيعة أيضا وسمع هذا الفقير أحمد التّبتىّ الذي كان من أكابر الشّيعة يقول إنّ كتاب البخاريّ أصحّ الكتب بعد كتاب الله وفيه روايات من موافقى علىّ وروايات من مخالفيه ولم يجعل الرّجحان وعدمه مبنيّا على الموافقة والمخالفة فكما أنّه يروى عن عليّ يروي عن معاوية (١) فلو كان في معاوية وفي روايته شائبة الطعن لما أدرج روايته في كتابه أصلا وكذلك لم يفرّق بهذا الوجه في رواية الحديث أحد من نقّاد الاحاديث من السّلف ولم يجعل مخالفة على منشأ للطّعن.

وممّا ينبغي أن يعلم أنّه لا يلزم أن يكون علىّ رضي الله عنه محقّا في جميع الامور الخلافيّة ولا يقطع به وأن يكون مخالفوه على الخطاء وإن كان الحقّ في أمر المحاربة في جانبه؛ فإنّ علماء الصّدر الاوّل من التّابعين والأئمّة المجتهدين اختاروا مذهب غيره في كثير من الاحكام الخلافيّة ولم يحكموا بمذهبه فإن كان الحقّ متعيّنا في جانبه لما كانوا يحكمون بخلافه وكان القاضى شريح (٢) من التّابعين وصاحب اجتهاد ولم يحكم بمذهب عليّ ولم يقبل شهادة ابنه الحسن (٣) عليهما الرّضوان - له بواسطة نسبة البنوّة وعمل المجتهدون بقول شريح وأخذوا به ولم يجوّزوا شهادة الإبن للأب واختيار الاقوال الّتي تخالف رأى علىّ كرّم الله وجهه كثير في مسائل أخرى أيضا لا يخفى على المتتبّع المنصف وتفصيله يستدعى تطويلا فلا يكون في مخالفة علىّ كرّم الله وجهه مجال للاعتراض ولا يكون مخالفوه مطعونا فيهم وملومين. وكانت عائشة (٤) الصّدّيقة رضي الله تعالى عنها حبيبة حبيب ربّ العالمين ومقبولته ومنظورة إليه صلّى الله عليه وسلم إلى شفير اللّحد وكان - صلّى الله عليه وسلم - مقيما في

__________

(١) معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي: الصحابي الجليل مؤسس الدولة الأموية في الشام وأحد دهاة العرب المتميزين الكبار كان فصيحا حليما وقورا ولد بمكة وأسلم يوم فتحها سنة ٨ هـ وتعلم الكتابة والحساب فجعله النبي صلى الله عليه وسلم في كتابه.

(٢) القاضي شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي أبو أمية: من أشهر القضاة الفقهاء في صدر الإسلام أصله من اليمن وولي قضاء الكوفة في زمن عمر وعثمان وعلي ومعاوية. -. رضي الله عنهم - واستعفى في أيام الحجاج فأعفاه سنة ٧٧ هـ وكان ثقة في الحديث مأمونا في القضاء له باع في الأدب والشعر وعاش طويلا ومات بالكوفة سنة ٧٨ هـ ٦٩٧ م. شذرات الذهب ١/ ٨٥ الطبقات الكبرى لابن سعد ٦/ ٩٠ وفيات الأعيان ١/ ٢٢٤ الأعلام للزركلي ٣/ ١٦١.

(٣) الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي: أبو محمد خامس الخلفاء الراشدين وآخرهم أمه فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أكبر أولادها وأولهم كان عاقلا حليما محبا للخير فصيحا من أحسن الناس منطقا وبديهة حج عشرين حجة ماشيا بايعه أهل العراق بالخلافة بعد مقتل أبيه سنة ٤٠ هـ

(٤) أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق: أحب أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى نفسه الصديقة بنت الصديق أمها أم رومان بنت عامر خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة وبنى عليها في شوال سنة ثنتين من الهجرة كناها النبي - صلى الله عليه وسلم - بعبد الله بن الزبير كانت فقيهة عالمة فصيحة فاضلة كثيرة الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - روى عنها جماعة من الصحابة والتابعين ماتت بالمدينة سنة سبع وخمسين ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من رمضان ودفنت بالبقيع وصلى عليها أبو هريرة. انظر: ابن حجر: الإصابة: ٨/ ٣٢٨ - ٣٢٩.

حجرتها في مرض موته وقبض روحه الشّريفة في حجرها وبين سحرها ونحرها ودفن في حجرتها المطهّرة ومع ذلك الشّرف كلّه كانت رضي الله عنها عالمة ومجتهدة وأحال النّبىّ صلّى الله عليه وسلّم بيان شطر الدين عليها ورجع الاصحاب الكرام في مشكلات الاحكام إليها ووجدوا حلّ المغلقات منها فالطّعن في مثل هذه الصّدّيقة المجتهدة بواسطة مخالفة علىّ ونسبة الاشياء الغير اللّائقة إليها غير مناسبة جدّا وبعيدة عن الإيمان بالنّبىّ صلّى الله عليه وسلّم فإن كان عليّ كرّم الله وجهه ختنه وابن عمّه فالصّدّيقة زوجته المطهّرة وحبيبته المقبولة عليه وعلى جميع أهل بيته الصّلاة والسّلام. وكان دأب الفقير قبل هذا بسنين إذا طبخ طعام كنت أجعل حصّة منه مخصوصة بروحانيّات أهل العباء نبيّنا - صلّى الله عليه وسلّم - وعليّ وفاطمة (١) والامامين يعني السّبطين (٢) رضوان الله عليهم أجمعين فرأيت النّبىّ صلّى الله عليه وسلّم في المنام فسلّمت عليه وهو صلّى الله عليه وسلّم لا يكون متوجّها إلى الفقير بل يتوجّه إلى جانب آخر وقال في تلك الاثناء للفقير: أنا آكل الطّعام في بيت عائشة فكلّ من يرسل الطّعام إلى فليرسله إلى بيت عائشة فتيقّن الفقير في ذلك الوقت أنّ سبب عدم توجّهه الشّريف هو عدم تشريك الفقير الصّدّيقة في الطّعام فبعد ذلك كنت أجعل الصّدّيقة بل سائر الازواج المطهّرات اللّاتى كلّهنّ من أهل البيت شركاء في الطّعام وكنت أتوسّل بجميع أهل البيت فالجفاء والايذاء اللّذان يصيبان النّبىّ عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام من جهة الصّدّيقة أزيد من الجفاء والايذاء اللّذين يصيبانه صلّى الله عليه وسلّم من جهة عليّ وهذا المعنى غير مخفىّ على العقلاء أصحاب الإنصاف (نعم) إنّ هذا على تقدير كون محبّة عليّ وتعظيمه بواسطة محبّة الرّسول وتعظيمه عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام وبواسطة قرابته صلّى الله عليه وسلّم. وأمّا من اختار محبّة عليّ استقلالا ولم يجعل لحبّ النّبىّ فيها مدخلا فهو خرج عن المبحث وغير قابل للمخاطبة غرضه إبطال الدين وهدم الشّريعة يريد أن يتّخذ سبيلا بدون توسّط النّبىّ عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام ويرغب عن محمّد في علىّ وهو محض الكفر وعين الزّندقة وعلىّ كرّم الله وجهه برئ منه ومتأذّ من صنيعه فإنّ حبّ أصحابه وأختانه - صلّى الله عليه وسلّم - بواسطة حبّه عليه الصّلاة والسّلام وتعظيمهم وتكريمهم بواسطة تعظيمه وتكريمه - صلّى الله عليه وسلّم - قال عليه الصّلاة والسّلام «من أحبّهم فبحبّى أحبّهم “ وكذلك من كان مبغضا إيّاهم فإنّما يكون ذلك ببغضه - صلّى الله عليه وسلّم - كما قال عليه الصّلاة والسّلام «ومن أبغضهم فببغضى أبغضهم ” يعني أنّ المحبّة الّتي تتعلّق بأصحابي عين

__________

(١) السيدة فاطمة الزهراء بنت سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم زأمها السيدة خديجة بنت خويلد من نابهات قريش وإحدى الفصيحات العاقلات تزوجها علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في الثامنة عشر من عمرها وولدت الحسن والحسين وأم كاثوم وزينب - رضي الله عنهم جميعا - عاشت بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ستة أشهر. مناقبها كثيرة - رضي الله عنها وللسيوطي كتاب في ذلك سماه " الثغور الباسمة في مناقب السيدة فاطمة». توفيت - رضي الله عنه - سنة ١ اهـ. انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد ٨/ ٢٠٠ تهذيب التهذيب ١٢/ ٤٤٣ الأعلام للزركلي ٥/ ١٢٢.

(٢) سيدنا الإمام الحسن وسيدنا الإمام الحسينسبطا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - رضي الله عنهما -.

المحبّة الّتي تتعلّق بى وكذلك بغضهم هو عين البغض الذي يتعلّق بى. وطلحة (١) وزبير (٢) رضي الله عنهما من كبار الاصحاب ومن العشرة المبشّرة بالجنّة فالطّعن فيهما وتشنيعهما غير مناسب ولعنهما وطردهما عائدان إلى اللّاعن والطّارد وهما اللّذان جعلهما الفاروق من السّتّة الّتي ترك الخلافة شورى بينهم لما لم يجد دليلا واضحا لترجيح بعضهم على بعض فتركا نصيب الخلافة عن أنفسهما باختيارهما وقال كلّ منهما تركت حظّى وطلحة هو الذي قتل اباه بواسطة صدور سوء أدب عنه في حقّه - صلّى الله عليه وسلّم - وجاءه برأسه وورد ثناؤه على فعله هذا في القرآن المجيد والزّبير هو الذي أخبر المخبر الصّادق عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام بكون قاتله في جهنّم حيث قال صلّى الله عليه وسلّم " قاتل الزّبير في جهنّم» (٣) ولعن الزّبير ليس بادون من قتله فلاعنه وقاتله متساويان فالحذر ثمّ الحذر ثمّ الحذر من الطّعن في أكابر الدين وذمّ كبراء الإسلام الذين بذلوا جهدهم في إعلاء كلمة الإسلام ونصرة سيّد الأنام وأنفقوا أموالهم لتأييد الدين باللّيل والنّهار وفي السّرّ والجهار وتركوا لحبّ الرّسول عشائرهم وقبائلهم وأولادهم وأزواجهم وأوطانهم ومساكنهم وعيونهم وزروعهم وأشجارهم وأنهارهم وآثروا نفس الرّسول عليه وعليهم الصّلاة والسّلام على أنفسهم واختاروا محبّته على محبّتهم ومحبّة أموالهم وذرّيّاتهم وهم الذين نالوا شرف الصّحبة وفازوا في صحبته ببركات النّبوّة وشاهدوا الوحى يعنى نزوله وتشرّفوا بحضور الملك ورأوا الخوارق والمعجزات حتّى صار غيبهم شهادة وعلمهم عينا وأعطوا من اليقين ما لا يعطى أحد من بعدهم حتّى لا يبلغ إنفاق غيرهم مثل أحد ذهبا إنفاقهم مدّ شعير ولا نصيفه وهم الذين أثنى الله تعالى عليهم في القرآن المجيد ورضى عنهم وهم رضوا عنه ذلك مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ ومَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ

__________

(١) هو الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي القرشي المدني أبو محمد أحد العشرة المبشرين بالجنة وأحد الستة أصحاب الشورى وأحد الثمانية السابقين إلى الإسلام كان من دهاة قريش ومن علمائهم ويقال له “ طلحة الجود ” و“ طلحة الخير ” و“ طلحة الفياض ” وكل ذلك لقبه به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيلا مناسبات مختلفة ودعاه مرة “ الصبيح الفصيح المليح ” شهد أحدا وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعه على الموت؛ وأصيب في ذلك اليوم بأربعة وععشرين جرحا وسلم فشهد الخندق والمشاهد بعدها ولم يكن يدع أحدا من بني تميم عائلا إلا كفاه مؤونته ومؤونة عياله قتل يوم الجمل وهو بجانب عائشة رضى الله عنها - ودفن بالبصرة - رضي الله عنه. الطبقات لابن سعد ٣/ ١٥٢. صفة الصفوة ١/ ١٣٠. الأعلام ٣/ ٢٢٩.

(٢) الزبير بن العوام بن خويلد الاسدي القرشي: أبو عبد الله الصحابي الجليل أحد العشرة المبشرين بالجنة وأول من سل سيفه في الإسلام وهو ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم أسلم وله ١٢ سنة وشهد بدرا وأحدا وغيرهما وقالوا: «كان صدر الزبير بن العوام أمثال العيون من الطعن والرمي " وجعله عمر - رضي الله عنه - فيمن يصلح للخلافة من بعده. كان طويلا جدا إذا ركب تخط رجلاه الارض خفيف اللحية أسمر اللون كثير الشعر. استشهد يوم الجمل - رضي الله عنه. صفة الصفوة ١/ ١٣٢ حلية الأولياء ١/ ٨٩ الأعلام ٣/ ٤٣.

(٣) إسناده صحيح: أحمد في المسند: مسند علي بن أبي طالب. موقوفا عليه. * وقال الحافظ ابن ححر: رواه أحمد وغيره من طريق زر بن حبيش عن علي بإسناد صحيح

كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفّارَ (١) سمّي الله الغائظ بهم كفّارا فليحذر عن غيظهم كما يحذر عن الكفر والله الموفّق. والجماعة الذين صحّحوا مثل هذه النّسبة برسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - وصاروا مقبولين لديه ومنظورين إليه - صلّى الله عليه وسلّم - إذا خالف بعضهم بعضا في بعض الامور وتشاجروا وعملوا بما أدّى اليه رأيهم واجتهادهم لا يكون مجال للطّعن فيهم ولا للإعتراض على صنيعهم بل الحقّ والصّواب في ذلك الموطن هو عين الإختلاف وعدم تقليد رأى غيره ألا ترى أنّ تقليد الإمام أبي يوسف أبا حنيفة رضي الله عنهما بعد وصوله إلى درجة الإجتهاد خطأ والصّواب إنّما هو تقليد رأى نفسه حتّى إنّ الإمام الشّافعيّ رضي الله عنه لا يقدّم قول صحابىّ أىّ صحابىّ كان سواء كان صدّيقا أو عليّا على رأيه بل يرى الصّواب في العمل برأيه وإن كان مخالفا لقول صحابىّ فإذا كان لمجتهد من الامّة غير صحابىّ مجال في مخالفة آراء الاصحاب كيف يكون الاصحاب مطعونا فيهم إذا خالف بعضهم بعضا. (مع أنّا) نقول انّ الاصحاب الكرام قد خالفوا في الامور الإجتهاديّة رأى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - ولم يرد الذّمّ على خلافهم ذلك مع وجود نزول الوحى ولم يرد المنع عن اختلافهم ذلك كما مرّ فإن كان اختلافهم ذلك غير مرضىّ وغير مقبول عند الحقّ جلّ شأنه لكان يرد المنع عنه وينزل الوعيد على المخالفين ألا ترى كيف جاء المنع من رفع الصّوت حين رفع جماعة أصواتهم فوق صوت النّبىّ عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام وترتّب عليه الوعيد قال الله تبارك وتعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ (٢) الآية ووقع في أسارى بدر اختلاف عظيم حيث حكم عمر الفاروق وسعد بن معاذ بقتل الأسارى وحكم الآخرون بالتّخليص والفدية وكان الرّأي المقبول عنده صلّى الله عليه وسلّم الحكم بالتّخليص والفدية وسائر مواضع الإختلافات كثيرة.

ومن هذا القبيل اختلافهم في إتيان القرطاس حين طلب النّبىّ صلّى الله عليه وسلّم في مرض موته قرطاسا ليكتب لهم شيأ فاراد جمع اتيان القرطاس ومنعه الآخرون وكان الفاروق من الذين لم يرضوا بإتيان القرطاس وقال حسبنا كتاب الله فأكبّ الطّاعنون من هذه الجهة على الفاروق وأطالوا لسان الطّعن والتّشنيع عليه وليس هذا في الحقيقة محلّا للطّعن فإنّ الفاروق قد علم أنّ زمان الوحى صار منقطعا والاحكام السّماوية قد تمّت ولم يبق مجال لاثبات الاحكام غير الرّأي والاجتهاد وكلّ ما يكتب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يكون من الامور الإجتهاديّة الّتي فيها شركة للآخرين بقوله تعالى فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ (٣) فرأى الصّواب في أن لا يصدّع النّبىّ - صلّى الله عليه وسلّم - عند غلبة وجعه وأن يكتفى

__________

(١) الفتح: ٢٩

(٢) الحجرات: ٢

(٣) الحشر: ٢

برأى غيره واجتهاده حسبنا كتاب الله يعني: القرآن المجيد مأخذ القياس (١) والاجتهاد (٢) وكاف للمستنبطين فيستنبط منه الاحكام وتخصيص الكتاب بالذّكر يمكن أن يكون أنّه علم بالقرائن أنّ تلك الاحكام الّتي هو صلّى الله عليه وسلّم في صدد كتابتها مأخذها الكتاب لا السّنّة حتّى يذكر السّنّة فكان منع الفاروق من جهة الشّفقة والمرحمة لئلّا يصدّع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بشيء في شدّة الوجع وكان أمره صلّى الله عليه وسلّم بإتيان القرطاس للاستحسان لا للوجوب ليكون غيره مستريحين من مشقّة استنباطه فلو كان أمر “ ائتونى ” للوجوب لبالغ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيه ولما كان يعرض عنه لمجرّد الإختلاف (فإن قيل) قد قال الفاروق في ذلك الوقت “ أهجر استفهموه! ” فما يكون المراد منه؟ (أجب) لعلّ الفاروق فهم في ذلك الوقت أنّ هذا الكلام إنّما صدر عنه صلّى الله عليه وسلّم بواسطة الوجع من غير قصد اختيار كما يتوهّم من لفظ “ اكتب ” فإنّه صلّى الله عليه وسلّم كان أمّيّا لم يكتب شيئا أصلا وأيضا انّه قال " لن تضلّوا بعدي» (٣).

فإذا كان الدين كاملا وصارت النّعمة تماما وحصل رضا المولى به كيف تتصوّر الضّلالة بعد ذلك وماذا يقدر يكتب في ساعة واحدة حتّى تندفع به الضّلالة ألم يكف الذين كتب في مدّة ثلاث وعشرين سنة ولم تندفع به الضّلالة ويكتب في ساعة واحدة شيء مع وجود شدّة المرض تندفع به الضّلالة فعلم الفاروق من هنا أنّ هذا الكلام جرى على لسانه الشّريف من غير قصد منه بناء على البشريّة فقال “ حقّقوا هذا المعنى بالاستفسار منه ثانيا ” فارتفع الكلمات في أثناء الإختلاف فقال النّبىّ - صلّى الله عليه وسلّم -: «قوموا ولا تختلفوا فإنّه لا يستحسن النّزاع عند نبىّ “ ولم يقل ثانيا من هذه المقولة شيئا ولم يذكر دواتا ولا قرطاسا (ينبغي) أن يعلم أنّ الإختلاف الواقع من الاصحاب الكرام في بعض الامور الإجتهاديّة بالنّسبة إلى النّبىّ عليه وعليهم الصّلاة والسّلام لو كان عياذا بالله سبحانه فيه شائبة الهوى والتّعصّب لانجرّ ذلك إلى اللّحوق بزمرة أهل الإرتداد واخراج الرّأس من ربقة الإسلام فإنّ سوء الادب وسوء المعاشرة معه صلّى الله عليه وسلّم كفر أعاذنا الله سبحانه منه بل كان هذا الإختلاف بناء على أمر ” فاعتبروا " فانّ من كان فيه رتبة الإجتهاد فتقليده اجتهاد غيره ورأيه في الامور الإجتهاديّة خطأ ومنهيّ عنه نعم لا مجال في

__________

(١) القياس: قول مؤلف من قضايا إذا سلمت لزم عنها لذاتها قول آخر كقولنا العالم متغير وكل متغير حادث؛ فإنه قول مركب من قضيتين إذا سلمتا لزم عنهما لذاتهما: العالم حادث. انظر: الجرجاني: التعريفات: ٢٣٢.

(٢) الاجتهاد: في اللغة: بذل الوسع وفي الإصطلاح: استفراغ الفقيه الوسع ليحصل له ظن بحكم شرعي وبذل المجهود في طلب المقصود من جهة الاستدلال. انظر: الجرجاني: التعريفات: ٢٣.

(٣) غريب حسن: الترمذي بنحوه عن جابر بن عبد الله: سنن الترمذي: ك: أبواب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ب: مناقب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم. ح ٣٨٧٤.، وقال: حديث غريب حسن. وأحمد في المسند مسند أبي سعيد الخدري. الطبراني في المعجم الكبير: حديث الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم جميعا.

الاحكام المنزّلة الّتي لا مدخل فيها للرّأى والاجتهاد لغير التّقليد والإيمان والانقياد واجب فيها غاية ما في الباب أنّ أصحاب القرن الاوّل كانوا برآء من التّكلّفات ومستغنين عن تحسين العبارات وإنّما كان اهتمامهم في إصلاح الباطن وكان ظاهرهم مطروحا عن نظرهم وغير ملحوظ أصلا وكانت مراعاة الآداب في ذلك القرن باعتبار الحقيقة والمعنى لا باعتبار الظّاهر والصّورة فقط وكان حالهم امتثال أمر الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - ومعاملتهم الإجتناب عمّا ليس بمرضيّ عنده صلّى الله عليه وسلّم جعلوا آباءهم وأمّهاتهم وأولادهم وأزواجهم فداء له عليه الصّلاة والسّلام ومن كمال اعتقادهم وإخلاصهم لم يتركوا بزاق النّبىّ صلّى الله عليه وسلّم ليقع في الارض بل كانوا يأخذونه ويمسحونه أبدانهم ووجوههم مثل ماء الحياة وقصدهم شرب دمه صلّى الله عليه وسلّم بعد الفصد من كمال الإخلاص مشهور ومعروف فإن صدرت عن هؤلاء الاكابر عبارة موهمة لسوء الادب بالنّسبة إليه صلّى الله عليه وسلّم عند أهل هذه القرون الّتي هي ملآنة من الكذب والخداع ينبغي أن يحملها على محمل حسن وأن يذهب إلى حاصل العبارة وأن لا يلاحظ الالفاظ من أىّ قسم كانت وهذا هو طريق السّلامة والله سبحانه الموفّق (فإن قيل) إذا كان في الامور الإجتهاديّة مجال الخطأ كيف يكون الوثوق بجميع الاحكام الشّرعيّة المنقولة عنه عليه الصّلاة والسّلام (أجيب) أنّ الاحكام الإجتهاديّة صارت في المآل وثانى الحال أحكاما منزّلة سماويّة فإنّ تقرير الانبياء على الخطأ غير جائز فينزل في الاحكام الإجتهاديّة بعد ثبوت اجتهاد المستنبطين واختلاف آراءهم حكم من عند الحقّ جلّ وعلا يفرّق الصّواب من الخطأ ويميّز المحقّ من المبطل فكانت الاحكام الإجتهاديّة في زمانه صلّى الله عليه وسلّم بعد نزول الوحى وتميّز الصّواب من الخطأ أيضا قطعيّ الثبوت لم يبق فيها احتمال الخطأ فجميع الاحكام الّتي ثبتت في زمنه صلّى الله عليه وسلّم قطعيّ محفوظ عن احتمال الخطأ لانّها ثبتت بوحى قطعيّ ابتداء وانتهاء وكان المقصود من الإجتهاد في استنباط هذه الاحكام هو أن يحصل للمجتهدين والمستنبطين أنواع العناية وارتفاع درجات الكرامة وينال المصيب والمخطئ ثوابا على تفاوت الدرجات ففى الاحكام الإجتهاديّة ارتفاع درجات المجتهدين وقطعيّة تلك الاحكام نعم إنّ الاحكام الإجتهاديّة بعد انقراض زمان النّبوّة ظنّيّات مفيدة للعمل لا مثبتة للاعتقاد حتّى يكون منكرها كافرا الّا أن ينعقد إجماع المجتهدين على حكم فيكون حينئذ مثبتا للاعتقاد أيضا ولنختم المكتوب بالخاتمة الحسنة في فضائل أهل بيت الرّسول عليه وعلى آله وأصحابه الصّلاة والسّلام روى ابن عبد البرّ أنّه قال عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام “ من أحبّ عليّا فقد أحبّنى ومن أبغض عليّا فقد أبغضنى ومن آذي عليّا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذي الله ” وأخرج التّرمذيّ (١) والحاكم (٢) وصحّحه عن بريدة (٣) قال قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله

__________

(١) محمد بن عيسى بن سورة بن موسى السلمي البوغي الترمذي أبو عيسى من أئمة علماء الحديث وحفاظه تتلمذ للبخاري وشاركه في بعض شيوخه ورحل إلى خراسان والعراق والحجاز وعمي في آخر عمره وكانة يضرب به المثل في الحفظ من أهم مصنفاته

أمرنى بحبّ أربعة وأخبرنى أنّه يحبّهم قيل: يا رسول الله سمّهم لنا قال: «عليّ منهم " يقول ذلك ثلاثا - وأبو ذرّ (٣) والمقداد (٤) وسلمان» (٥) أخرج الطّبرانىّ (٦) والحاكم عن ابن مسعود (٧) رضي الله عنه أنّه قال:

__________

=: الجامع الكبير المعروف ب‍ “ سنن الترمذي ” الشمائل النبوية " التاريخ العلل في الحديث. توفي سنة ٢٧٩ هـ رضي الله عنه -. انظر: ميزان الإعتدال للذهبي ٣/ ١١٧. تذكرة الحفاظ ٢/ ١٨٧ الأعلام للزركلي ٦/ ٣٢٢.

(١) محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم بن الحكم الضبي النيسابوري الحاكم (أبو عبد الله) محمدث حافظ مؤرخ ولد بنيسابور ورحل في طلب الحديث ن وسمع على شيوخ يزيدون على ألفى شيخ وحدث عن الأصم وعثمان بن السماك وطبقتهما من أهم مصنفاته: المستدرك تاريخ نيسابور الإكليل في الحديث تراجم الشيوخ فضائل السيدة فاطمة الزهراء - رضي الله عنها - وغير ذلك. توفي سنة ٤٠٥ هـ. انظر: سي أعلام النبلاء ١١/ ٣٦ وفيات الأعيان ١/ ٦١٣ لسان الميزان لابن حجر ٥/ ٢٣٢ المختصر في أخبار البشر لأبي الفدا ٢/ ١٥١. معجم المؤلفين لكحالة ٣/ ٤٥٣.

(٢) بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث الأسلمي: من أكابر الصحابة أسلم قبل بدر ولم يشهدها وشهد خيبر وفتح مكة واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات قومه وسكن المدينة وامنتقل إلى البصرة ثم انتقل إلى مرو ومات بها سنة ٦٣ هـ. تهذيب التهذيب ١/ ٤٣٢ الأعلام ٢/ ٥٠.

(٣) جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد من بني غفار: الصحابي الجليل من كنانة بن خزيمة (أبو ذر الغفاري) هو أول من حيا رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحية الإسلام وهاجر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى بادية الشام فأقام بها إلى توفي أبي بكر وعمر وولي عثمان فسكن دمشق ثم رحل إلى الربذة - قرية من قرى المدينة - فسكنها إلى أن مات وكان كريما لا يخزن من المال قليلا ولا كثيرا ولما مات لم يكن في داره ما يكفن به وروى له البخاري ومسلم ٢٨١ حديثا. توفي بالربذة سنة ٣٢ هـ - رضي الله عنه: انظر: الإصابة ٧/ ٦٠ صفة الصفوة ١/ ٢٣٨ الطبقات لابن سعد ٤/ ١٦١ الأعلام للزركلي ٢/ ١٤٠.

(٤) المقداد بن عمرو ويعرف بالمقداد بن الأسود: الصحابي الجليل الكندي البهراني الحضرمي أبو عمرو من الأبطال الذين كانوا أول من أظهر الإسلام وهو أول من قاتل على فرس في سبيل الله وفي الحديث: «إن الله أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم: علي والمقداد وأبو ذر وسلمان “ وكان في الجاهلية من سكان حضر موت واسم أبيه عمرو بن ثعلبة البرهاني الكندي ووقع بين المقداد وابن شمر بن حجر الكندي خصام فضرب المقداد رجله بالسيف وهرب إلى مكة فتبناه الأسود بن عبد يغوث فكان يسمى المقداد بن الأسود. إلى أن نزلت آية ” ادعوهم لآبائهم ... “ فعاد يتسمى ” المقداد بن عمرو " وشهد بدرا وأحدا وغيرهما من المشاهد وسكن المدينة وتوفي على مقربة منها فحمل إليها ودفن فيها. سنة ٣٣ هـ. - رضي الله عنه، انظر: الإصابة: ترجمه ٨١٨٥ صفة الصفوة ١/ ١٦٧. الأعلام ٧/ ٢٣٢.

(٥) حسن غريب: سنن الترمذي: أبواب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ح ٣٨٠٢ عن ابن بريدة عن أبيه وقال حديث حسن غريب. الحاكم في المستدرك: في فضائل الصحب عن شريك عن أبي ربيعة الإبادي عن ابن بريدة (عن بريدة) الأسلمي قال الحاكم على شرط مسلم وتعقبه الذهبي بأنه لم يخرج لأبي ربيعة وهو صدوق.

(٦) سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي: أبو القاسم: من كبار المحدثين أصله من طبريه بالشام وإليها نسبته ولجد بعكا ورحل إلى الحجاز واليمن ومصر والعراق وفارس والجزيرة من أهم مصنفاته: المعاجم الثلاثة في الحديث: الكبير والصغير والأوسط وله كتب في التفسير والأوائل ودلائل النبوة وغير ذلك. توفي بأصبهان سنة ٣٦٠ هـ. انظر: وفيات الأعيان ١/ ٢١٥ النجوم الزاهرة ٤/ ٥٩ الأعلام ٣/ ١٢١.

(٧) عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي: الصحابي الجليل أبو عبد الرحمن من أكابر الصحابة فضلا وعقلا وقربا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من السابقين إلى الإسلام وأول من جهر بقراءة القرآن بمكة وكان خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفيقه في حله وترحاله وغزواته ونظر إليه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يوما فقال: «وعاء مليئ علما " وولي بعد

قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم “ النّظر إلى عليّ عبادة» (١) إسناده حسن وأخرج الشّيخان عن البراء (٢) رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والحسن على عاتقه وهو عليه الصّلاة والسّلام يقول ” اللهمّ انّى أحبّه فأحبّه» (٣) وأخرج البخاريّ عن أبي بكر قال سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المنبر والحسن إلى جنبه ينظر إلى النّاس مرّة وإليه مرّة ويقول: «إنّ ابنى هذا لسيّد ولعلّ الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين» (٤) أخرج التّرمذيّ عن أسامة بن زيد قال رأيت النّبىّ صلّى الله عليه وسلّم وحسن وحسين على وركه فقال " هذان ابناي وابنا بنتي اللهمّ إنّى أحبّهما وأحبّ من يحبّهما» (٥).

__________

= موت النبي صلى الله عليه وسلم بيت مال الكوفة. وكان يحب الإكثار من التطيب فإذا خرج من بيته عرف جيران الطريق أنه مر من طيب رائحته. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ٨٤٨ حديثا. انظر: الإصابة: ترجمة ٤٩٥٥ غاية النهاية لابن الجزري: ١/ ٤٥٨ صفة الصفوة ١/ ١٥٤ الأعلام ٤/ ١٣٧.

(١) صحيح: الطبراني في الكبير والحاكم في المستدرك عن ابن مسعود وعن عمران بن حصين وصححه السيوطي في الجامع الصغير ح ٩٣١٩ وقال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه أحمد بن بديل اليامي وثقه ابن حبان وقال: مستقيم الحديث وابن أبي حاتم وفيه ضعفو بقية رجاله رجال الصحيح. (مجمع الزوائد كتاب المناقب. أبواب: مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه. باب: النظر إليه رضي الله عنه. ح: ١٤٦٩٤ عن عبد الله ابن مسعود وفي ح ١٤٦٩٥ قال: رواه الطبراني وفيه عمران بن خالد الخزاعي وهو ضعيف. وقال الفتني: أورده - أي ابن الجوزيمن حديث أبي بكر وعثمان وابن مسعود وابن عباس ومعاذ وجابر وأنس وأبي هريرة وثوبان وعمران وعائشة ووهاها كلها قلت المتروك والمنكر إذا تعددت طرقه ارتقى إلى درجة الضعف القريب بل ربما ارتقى إلى الحسن وهذا ورد من رواية أحد عشر صحابيا بعدة طرق وتلك طرق عدة التواتر في رأيي. (تذكرة الموضوعات للفتني: ك: العلم. ب: فضائل صحابته وأهل بيته).

(٢) البراء بن عازب بن الحارث الخزرجي: أبو عمارة أسلم صغيرا وغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم خمس عشرة غزوة أولها غزوة الخندق ولما ولي عثمان الخلافة جعله أميرا على الري بفارس سنة ٢٤ هـ وعاش إلى أيام مصعب بن الزبير فسكن الكوفة واعتزل الأعمال روي له البخاري ومسلم ٣٠٥ حديث توفي سنة ٧ اهـ. انظر: الطبقات اللكبرى لابن سعد ٤/ ٨٠ معجم البلدان لياقوت. مادة زنجان الأعلام للزركلي ٢/ ٤٦.

(٣) صحيح البخاري: ك ك فضائل الصحابة. ب: مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما. ح ٣٥٣٩. مسلم. ك: فضائل الصحابة - رضي الله عنهم ح ٢٤٢٢. سن الترمذي. أبواب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ح ٣٨٧٣ وقال: حديث حسن صحيح سنن ابن ماجه: ك: فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ب: فضل الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب رضي الله عنهم. ح ١٤٢.

(٤) صحيح البخاري. ك: الصلح ب: قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي - رضي الله عنهما: «ابني هذا سيد ... . " سنن الترمذي: أبواب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ح ٣٨٦٢ وقال: حديث حسن صحيح. النسائي: ك: الجمعة. ب: مخاطبة الإمام رعيته وهو على المنبر. سنن أبي داود: ك: السنة. ب: ما يدل على ترك الكلام في الفتنة ز ح ٤٦٦٢.

(٥) سنن الترمذي: ك: المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ب: مناقب أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب والحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم جميعا - ح ٣٩٢٨. وقال: حديث حسن غريب. (تحفة الأحوذي ح ٣٩٢٨) وعزاه السيوطي في زيادة الجامع الصغير ٣٣٧٩ لابن حبان. عن أسامة بن زيد. وعزاه المتقي الهندي لعبد بن حميد (كنز العمال: فضل الحسنين - رضي الله عنهما - ٣٧٧١٤)

أخرج التّرمذيّ عن أنس قال “ سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ” أىّ أهل بيتك أحبّ إليك قال: «الحسن والحسين» (١)» (٢) وروى المسور بن مخرمة (٣) أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال " فاطمة بضعة منّى فمن أبغضها أبغضنى» (٤) وفي رواية «يريبنى ما أرابها ويؤذينى ما آذاها» (٥) وأخرج الحاكم عن أبي هريرة أنّ النّبىّ صلّى الله عليه وسلّم قال لعليّ: «فاطمة أحبّ إليّ منك وأنت أعزّ عليّ منها» (٦) وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «إنّ النّاس كانوا يتحرّون بهداياهم يوم عائشة يبتغون بذلك مرضاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم» (٧) وقالت: «إنّ نساء رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -

__________

(١) سيدنا الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي العدناني أبو عبد الله السبط الشهيد سيد شباب أهل الجنة ابن فاطمة الزهراء بنت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد بالمدينة ونشأ في بيت النبوة وقتل شهيدا بكربلاء في يوم الجمعة العاشر من المحرم سنة ٦ اهـ - رضي الله عنها نظر: تهذيب ابن عساكر: ٤/ ٣١١ تاريخ الطبري ٦/ ٢١٥ صفة الصفوة ١/ ٣٢١ الأعلام ٢٤٢.

(٢) غريب: سنن الترمذي: ك: أبواب المناقب عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ب: مناقب أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب والحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ح ٣٨٦١. وقال: حديث غريب.

(٣) المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب القرشي الزهري أبو عبد الرحمن: من فضلاء الصحابة وفقهائهم أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير وسمع منه وكان مع خاله عبد الرحمن بن عوف ليالي الشورى وحفظ عنه أشياء وروى عن الخلفاء اغلأربعة وغيرهم من أكابر الصحابة وشهد فتح أفريقية مع عبد الله بن سعد. وتوفي سنة ٦٤ هـ - رضي الله عنه - انظر: الإصابة ترجمة ٧٩٩٥ نسب قريش ٢٦٢ ٢٦٣ الأعلام ٧/ ٢٢٥.

(٤) البخاري: ك: فضائل الصحابة. ب: مناقب قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنقبة فاطمة عليها السلام بنت النبي صلى الله عليه وسلم. ح ٣٥١٠. ومسلم: ك: فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم. ب: من فضائل فاطمة بنت النبيعليها الصلاة والسلام. ح ٢٤٤٩. سنن الترمذي: أبواب المناقب عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. باب ما جاء في فضل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه. ح ٣٩٦١. وقال: حديث حسن صحيح. وقال حافظ العراقي: متفق عليه من حديث المسور بن مخرمة. (تخريج احاديث الإحياء. ك: شرح عجائب القلب ح ١. وحسنه السيوطي في الجامع الصغير ح ٥٨٣٤.

(٥) صحيح البخاري: ك: النكاح ب: ذب الرجل على ابنته في الغيرة والإنصاف. ح ٤٩٣٢. سنن أبي داود: ك: النكاح ب: ما يكره أن يجمع بينهن من النساء. ح ٢٠٧١. أحمد في المسند: أول مسند الكوفيين: حديث المسور بن مخرمة.

(٦) الطبراني في الأوسط. وصححه السيوطي في الجامع الصغير. ح ٥٨٣٦. وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وفيه سلمى بن عقبة لم أعرفه وبقية رجاله ثقات. (مجمع الزوائد: ك: المناقب. ب: مناقب أهل البيت رضي الله عنهم. ح ١٤٥٠١٦).

(٧) صحيح البخاري. ك: الهبة وفضلها. ب: قبول الهدية. ح ٢٤٣٥. مسلم. ك: فضائل الصحابة. ب: فضل عائشة رضي الله عنها. ح ٢٤٤١. سنن الترمذي: ك: أبواب المناقب عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ب: ما جاء في فضل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه. ح ٣٩٦٦. وقال: حديث غريب.، سنن النسائي. ك: عشرة النساء. ب: حب الرجل بعض نسائه أكثر من بعض.

كنّ حزبين: فحزب فيه عائشة وحفصة (١) وصفيّة (٢) وسودة (٣) والحزب الآخر أمّ سلمة وسائر نساء رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فكلّم حزب أمّ سلمة فقلن لها كلّمي رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يكلّم النّاس فيقول: «من أراد أن يهدي إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فليهد إليه حيث كان “ فكلّمته فقال لها: «لا تؤذيني فإنّ الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة الّا عائشة ” فقالت: أتوب إلى الله سبحانه من أذاك يا رسول الله ثمّ إنّهنّ دعون فاطمة فأرسلن إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فكلّمته فقال “ يا بنىّ ألا تحبّين ما أحبّ قالت: بلى قال: فأحبّي هذه» (٤) وعن عائشة رضي الله عنها قالت ” ما غرت على أحد من نساء رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - ما غرت على خديجة (٥) وما رأيتها ولكن يكثر ذكرها وربّما ذبح شاة ثمّ يقطّعها أعضاء ثمّ يبعثها في صدائق خديجة فربّما قلت له: كأنّه لم يكن في الدنيا امرأة الّا خديجة فيقول " إنّها كانت وكانت وكان لي منها ولد» (٦).

__________

(١) أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - ولدت بمكة وتزوجها خنيس بن حدافة السهمي فكانت عنده إلى أن ظهر الإسلام فأسلما وهاجرت معه إلى المدينة فمات عنها فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيها فزوجه إياها سنة اثنتين أو ثلاث للهجرة واستمرت في المدينة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن توفيت بها سنة ٤٥ هـ - رضي الله عنها. انظر: الإصابة ٤/ ٢٧٣ الطبقات لابن سعد ٨/ ٥٦ صفة الصفوة ٢/ ١٩ الأعلام ٢/ ٢٦٤.

(٢) أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب من الخزرج كانت في الجاهلية من ذوات الشرف تدين باليهودية من أهل المدينة تزوجها سلام بن مشكم القرظي ثم فارقها فتزوجها كنانة بن الربيع النضري وقتل عنها يوم خيبر وأسلمت فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم لها في كتب الحديث ١٠ أحاديث وتوفيت بالمدينة سنة ٥٠ هـ - رضي الله عنها - انظر: الإصابة: ترجمة ٦٤٧ صفة الصفوة ٢/ ٢٧ الطبقات لابن سعد ٨/ ٨٥ الأعلام ٣/ ٢٠٦.

(٣) أم المؤمنين سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس من لؤي من قريش كانت في الجاهلية زوجة السكران بن عمرو بن عبد شمس ثم أسلما وهاجرا إلى الحبشة ثم عادا فتوفي السكران فتزوجها النبي صل الله عليه وسلم بعد خديجة وتوفيت بالمدينة سنة ٥٤ هـ - رضي الله عنها - انظر: الإصابة ترجمة ٦٠٣ الطبقات لابن سعد ٨/ ٣٥ الأعلام ٣/ ١٤٥.

(٤) صحيح البخاري. ك: الهبة وفضلها. ب: من أهدى إلى صاحبه وتخرى بعض نسائه دون بعض. ح ٤٢٤٢. مع اختلاف يسير.

(٥) أم المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى من قريش ولدت بمكة ونشأت في بيت عز وشرف ويسار خرج النبي صلى الله عليه وسلم في تجارة لها إلى سوق بصرى وكان في الخامسة والعشرين من عمره ثم عرضت عليه الزواج منها فأجاب فأرسلت إلى عمها عمرو بن أسعد بن عبد العزى فحضر وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل النبوة فولدت له القاسم وعبد الله وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، وأولاد النبي صلى الله عليه وسلم كلهم منها غير إبراهيم فإنه من مارية القبطية رضي الله عنها ولما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاها إلى الإسلام فكانت أول من أسلم من النساء والرجال ومكثا يصليان سرا إلى أن ظهرت الدعوة وتوفيت سنة ٣ ق. هـ رضي الله عنها. انظر: الإصابة ترجمة ٣٣٣ صفة الصفوة ٢/ ٢ الطبقات لابن سعد ٨/ ٧ الأعلام ٢/ ٣٠٢.

(٦) صحيح البخاري. ك: فضائل الصحابة. ب: تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها رضي الله عنها ح ٣٦٠٥ ٣٦٠٧. بنحوه.

وعن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم “ العبّاس (١) منّي وأنا منه» (٢) وأخرج الديلميّ (٣) عن أبي سعيد أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال ” اشتدّ غضب الله على من آذاني في عترتي» (٤) وأخرج الحاكم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال “ خيركم خيركم لاهلي من بعدي» (٥) أخرج ابن عساكر (٦) عن عليّ كرّم الله وجهه أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال ” من صنع إلى أهل بيتي يدا أكافئه عليها يوم القيامة» (٧) أخرج ابن عديّ (٨) والديلميّ عن عليّ رضي الله عنه: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال " أثبتكم على الصّراط أشدّكم حبّا لاهل بيتي ولأصحابي» (٩)

__________

(١) العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف: أبو الفضل عم النبي صلى الله عليه وسلم من أكابر قريش في الجاهلية والإسلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصفه: «أجود قريش كفا وأوصلها هذا بقية آبائي " كانت له سقاية الحجيج وعمارة المسجد الحرام أسلم قبل الهجرة وكتم إسلامه وأقام بمكة يكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبار المشركين ثم هاجر إلى المدينة وشهد وقعة حنين وكان ممن ثبت حين انهزم الناس وشهد فتح مكة وعمي في آخر عمره وكان إذ مر بعمر في أيام خلافته ترجل عمر إجلالا له وكذلك عثمان وأحصي ولده سنة ٢٠٠ هـ فبلغوا ٣٣٠٠٠ له في كتب الحديث ٣٥ حديث وكانت وفاته بالمدينة سنة ٣٢ هـ - رضي الله عنه - انظر: أسد الغابة الإصابة صفة الصفوة ١/ ٢٠٣ الأعلام ٣/ ٢٦٢.

(٢) حسن صحيح: سنن الترمذي: ك: أبواب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ب: (١٠٣) ح ٣٨٤٨. وقال: حديث حسن صحيح غريب. سنن النسائي. ك: القسامة. ب: القود من اللطمة. أحمد في المسند: مسند عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما. الطبراني في المعجم الكبير: أحاديث عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم. * وحسنه السيوطي في الجامع الصغير ح ٥٦٦٣.

(٣) الديلمي: شيرويه بن شهردار بن شيرويهة بن فنا خسرو الديلمي الهمذاني (أبو شجاع) محدث حافظ مؤرخ من اهم مصنفاته: تاريخ همذان فردوس الأخبار بمأثور الخطاب رياض الأنس لعقلاء الإنس في معرفة أحوال النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده وغير ذلك. توفي سنة ٥٠٩ هـ. انظر: الوافي بالوفياتن للصفدي ٢٤/ ٥٣ شذرات الذهب لابن العماد ٤/ ٢٣ تذكرة الحفاظ للذهبي ٤/ ٥٣ مرآة الجنان لليافعي ٣/ ١٩٨ كشف الظنون لحاجي خليفة ١٢٥٤ معجم المؤلفين لكحالة ١/ ٨٢٣.

(٤) ضعيف: أخرجه الديلمي في مسند الفردوس عن أبي سعيد وضعفه السيوطي في الجامع الصغير. ح ١٠٤٥. وقال المناوي: فيه أبو إسرائيل الملائي. قال الذهبي ضعفوه (فيض القدير ح ١٠٤٥.)

(٥) صحيح: الحاكم في المستدرك: ٣/ ٣١١، وقال: صحيح على شرط مسلم وأقره الذهبي وقال الهيثمي: رواه أبو يعلى ورجاله ثقات (مجمع الزوائد. ك: المناقب. ب: في فضل أهل البيت رضي الله عنهم ح ١٥٠٢٧ وصححه السيوطي في الجامع الصغير ح ٤١٠٥. وقال المناوي بعد ان عزاه للحاكم: ورواه أيضا أبو يعلى وأبو نعيم والديلمي ورجاله ثقات ولكن شذ راويه بقوله لأهلي والكل إنما قالوه لأهله ذكره ابن أبي خيثمة.

(٦) علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين الدمشقي المعروف بابن عساكر: أبو القاسم ثقة الدين محدث حافظ فقيه مؤرخ من أهم مصنفاته: تاريخ مدينة دمشق وأخبارها وأخبار من حلها الإشراف على معرفة الأطراف الموافقات تهذيب الملتمس من عوالي مالك بن أنس تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى أبي الحسن الأشعري توفي سنة ٥٧ اهـ وفيات الأعيان لابن خلكان ١/ ٢٤٢ المنتظم لابن الجوزي ١٠/ ٢٦١ النجوم الزاهرة ٦/ ٧٧ شذرات الذهب ٤/ ٢٣٩ معجم المؤلفين ٢/ ٤٢٧.

(٧) لم أقف عليه.

(٨) عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد بن المبارك الجرجاني ويعرف أيضا بابن القطان أبو أحمد محدث حافظ ناقد فقيه من أهم مؤلفاته: الكامل في معرفة ضعفاء المحدثين وعلل الأحاديث الانتصار على مختصر المزني في فروع الفقه وغير ذلك. توفي سنة ٣٦٥ هـ. انظر: تذكرة الحفاظ للذهبي ٣/ ١٤٣ هدية العارفين للبغدادي ١/ ٤٤٧ شذرات الذهب ٣/ ٥١ مرآة الجنان ٢/ ٢٨١ معجم المؤلفين ٢/ ٢٥٧.

(٩) ابن عدي في الكامل والديلمي في مسند الفردوس عن علي - كرم الله وجهه وضعفه السيوطي في الجامع الصغير ح ١٥٩.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!