موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(56) المكتوب السادس والخمسون إلى مولانا عبد القادر الأنبالى في بيان أن معاملة العارف تبلغ مرتبة يكون حكم سيئات الآخرين بالنسبة اليه حسنات

 

 


إلى خالق الرّأي جلّ سلطانه فظهر في الإلهام قسم من الاصالة ليس هو في الإجتهاد والالهام شبيه بإعلام النّبيّ الذي هو مأخذ السّنّة كما مرّ وإن كان الإلهام ظنّيّا والإعلام قطعيّا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَدًا (١) والسّلام على من اتّبع الهدى (٢).

(٥٦) المكتوب السّادس والخمسون إلى مولانا عبد القادر الأنبالىّ في بيان أنّ معاملة العارف تبلغ مرتبة يكون حكم سيّئات الآخرين بالنّسبة اليه حسنات

بسم الله الرّحمن الرّحيم قال الله تبارك وتعالى فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ الله سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ (٣) تبلغ معاملة العارف بعناية الله سبحانه وحرمة حبيبه عليه الصّلاة والسّلام مرتبة تصير سيّئات الآخرين في حقّه حسنات وتكون الصّفة الرّذيلة بالنّسبة إلى غيره حميدة بالنّسبة اليه مثلا الرّياء والسّمعة من السّيّئات ومن رذائل الاوصاف يعرض لهما في حقّه الحسن وتأخذان حكم الحمد والشّكر فإنّ ذلك الدرويش قد سلب عن نفسه جميع أقسام العظمة والكبرياء ونسبها إلى جناب قدس الحقّ جلّ سلطانه وأبعد عن نفسه جميع أنواع الحسن والجمال والخير والكمال وخصّصها به سبحانه وتعالى لا يجد نفسه غير شرّ ونقص ولا يرى في نفسه غير ذلّ وافتقار وانكسار فإن كان فرد من أفراد الكمال فرضا متوجّها في الظّاهر يجده مرقاتا يترقّى منها إلى فوق ويصل إلى جناب يليق بالعظمة والكبرياء وهكذا حال الحسن والجمال والخير والكمال ليس له نصيب منها غير أن تكون هذه الاشياء مراقى لترقّيه والأمانات راجعة إلى أهل الامانات ففي صورة الرّياء والسّمعة ليس مقصوده الإشتهار والإفتخار والرّفعة والعظمة بل إظهار نعمة الحقّ وإعلام إحسانه سبحانه وتعالى إليه فكان الرّياء والسّمعة عين حمد الحقّ وشكره تعالى وتقدّس وخرجا من الرّذالة إلى المحمدة وعلى هذا القياس سائر الصّفات فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ الله سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وكانَ الله غَفُورًا رَحِيمًا (٤) والسّلام.

__________

(١) الكهف: ١٠

(٢) طه: ٤٧

(٣) الفرقان: ٧٠

(٤) الفرقان: ٧٠



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!