موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(94) المكتوب الرابع والتسعون إلى مولانا عبد القادر الأنبالي في بيان حقيقة الفناء والبقاء وانفكاك العدم من حقيقة العارف وصورته وتكميل نسبة المجاورة

 

 


وفي الحقيقة لا حلول ولا اتّحاد فإنّ ذلك مستلزم لقلب حقيقة الإمكان إلى حقيقة الوجوب تعالت وتقدّست وهو محال عقليّ وزندقة في الشّريعة وذاك الظّاهر الصّرف الذي يبقى وإن كان من عالم الشّهادة فإنّه مشهود ومرئيّ ولكنّه منصبغ بلون الباطن وإن كان الباطن خارجا من حيطة الشّهود والإدراك وصار ملحقا بالغيب وأخذ لونه فإنّ الكيفيّ ما لم يأخذ لون اللّاكيفيّ ولم يخرج من حيطة الإدراك الكيفيّ ولم يحمل حموله من الشّهادة إلى الغيب لا ينال نصيبا من اللّاكيفيّ الحقيقيّ ولا يكون مطّلعا على غيب الغيب (ينبغي) أن يعلم أنّ هذا الظّاهر الذي بقي على حاله متميّزا من الباطن وجهه إلى الخلق بالتّمام والطّاعات والعبادات الشّرعيّة مربوطة به ومعاملة الدعوة والتّكميل أيضا منوطة به وباطن هذا العارف صاحب التّكميل سواء كان متعلّقا بالمراتب الإمكانيّة أو بالمقامات الوجوبيّة أيضا متوجّه إلى الظّاهر وإلى أيّ شيء يتوجّه الظّاهر يتوجّه الباطن أيضا إلى تلك الجهة لاجل التّكميل والتّربية وتتميم العبادة فإنّ هذا الدار دار العمل وهذا الموطن موطن الدعوة وحقيقة الشّهود والمشاهدة إنّما هي في الآخرة ومعاملة الكشف والمعاينة أمامنا وعبادة المعبود جلّ سلطانه في هذا الموطن أفضل من الإستغراق في المعبود تعالى. وانتظار المطلوب الذي هو ناش من المحبّة خير من الإستهلاك في المطلوب. يصدّق أرباب السّكر ذلك أوّلا. وتوجّه الظّاهر والباطن هذا الذي حصل لعارف صاحب تكميل إلى جانب الخلق هو إلى بلوغ الاجل المسمّى الذي هو منتهي مقام الدعوة فإذا بلغ الاجل يطّلع على جسر الموت ويضع قدمه في منزل وصال المحبوب ويشرّف بدولة الوصل والاتّصال بلا مزاحمة الاغيار. (شعر)

هنيئا لارباب النّعيم نعيمها ... وللعاشق المسكين ما يتجرّع

رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا واِغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) والصّلاة والسّلام والتّحيّة والبركة على خير خلق الله وعلى إخوانه الكرام وعلى آله وصحبه العظام إلى يوم القيام.

(٩٤) المكتوب الرّابع والتّسعون إلى مولانا عبد القادر الأنباليّ في بيان حقيقة الفناء والبقاء وانفكاك العدم من حقيقة العارف وصورته وتكميل نسبة المجاورة

بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيّد المرسلين (اعلم) أنّ حقائق الممكنات بعلم هذا الفقير كما كتب في بعض المكاتيب عبارة عن العدمات الّتي هي منشأ جميع الشّرّ والنّقص مع عكوس الصّور العلميّة للأسماء والصّفات الإلهيّة جلّ شأنه الّتي ظهرت في تلك العدمات

__________

(١) التحريم: ٨

غاية ما في الباب أنّ تلك العدمات مثل الهيولى وتلك العكوس كالصّورة الحالّة في الهيولى تشخّص تلك العدمات وتميّزها بتلك العكوس الظّاهرة فيها وقيام تلك العكوس بتلك العدمات المتميّزة وهذا القيام ليس هو كقيام العرض بالجوهر بل كقيام الصّورة بالهيولى على ما قالوا إنّ قيام الصّورة بالهيولى وتشخيص الهيولى بالصّورة فإذا كان السّالك متوجّها بتوفيق الله سبحانه إلى جناب قدس الحقّ جلّ شأنه بالذّكر والمراقبة وأعرض عمّا سواه سبحانه ساعة فساعة تحصل لتلك الصّور العلميّة للصّفات الواجبة جلّ شأنه في كلّ آن قوّة وغلبة وتستولي على قرينها الذي هو العدمات وتتسلّط ألا إنّ حزب الله هم الغالبون وتبلغ المعاملة مبلغا تشرع العدمات الّتي هي كالأصل والهيولى لتلك العكوس في الإستتار بل تكون مختفية عن نظر السّالك بالتّمام ولا يبقى في نظره غير العكوس والأصول وأصول الاصول بل تكون العكوس الّتي هي مرايا أصولها مختفية عن النّظر فإنّه لا بدّ للمرايا من الإختفاء وهذا المقام مقام الفناء وعال جدّا فإن شرّف هذا السّالك الفاني بالبقاء بالله وارجع إلى العالم يجد عدمه كالجلد الضّيّق الذي هو لوقاية البدن ويكاد يعبّر عنه من غاية عدم مناسبته له بقميص من شعر ويجده مباينا لنفسه. ولكن ما كان العدم مباينا له في هذا الموطن في الحقيقة بل هو داخل في مظان أنانيّته وبالجملة انّ العدم في هذا المقام جزؤه المغلوب والمستور ومتنزّل عن الحالة الّتي كانت له فيما قبل وصار تابعا بل قائما بتلك العكوس الّتي كان قيامها به. وهذا الفقير كان في هذا المقام سنين ووجد عدمه مباينا لنفسه كقميص من شعر ولمّا كانت عناية الله سبحانه الّتي لا غاية لها شاملة لحاله بعد اللّتيا واللّتي رأى أنّ ذلك الجزء المغلوب انحلّ من هذا التّركيب وفارقه وفقد التّشخّص الذي كان عارضا له بحصول تلك العكوس وكأنّه صار ملحقا بالعدم المطلق كصورة تجعل في قالب ويجعل قيامها به فإذا كملت وحصل لها ثبات ورسوخ يكسر ذلك القالب وتخرج الصّورة منه ويجعل قائمة بنفسها وفيما نحن فيه أيضا العكوس الّتي كان قيامها به حصل لها قيامها بنفسها بل بأصولها ففي هذا الوقت لم يبق إطلاق أنا على غير العكوس وأصول تلك العكوس وكان الجزء العدميّ لم يكن له مساس بها. ووجدان حقيقة الفناء إنّما حصلت في هذا الموطن وكأنّ الفناء السّابق كان صورة هذا الفناء. ولمّا أخرج إلى البقاء من هذا المقام وأرجع إلى العالم أعيد ذلك العدم الذي كانت له نسبة الجزئيّة وكانت له الاصالة والغلبة وجعل مجاورا وقرينا له ومباينا عن حقيقته وصورته وأبعد عن إطلاق لفظ أنا عليه وألبس هواياه كقميص الشّعر ثانيا لاجل حكم ومصالح وفي هذه الحالة وإن أعيد العدم ولكن لم يجعل قيام تلك العكوس مربوطا به بل جعل قيام العدم بتلك العكوس كما مرّ في البقاء السّابق فإذا كان في ذلك البقاء هذه النّسبة تكون هذه النّسبة في تلك الحالة الّتي هي حقيقة البقاء على الوجه الاتمّ (غاية) ما في الباب أنّ للثّوب تأثيرا في صاحب الثوب بعد لبسه فإنّه إذا كان الثوب حارّا يتأثّر اللّابس بالحرارة وإن كان باردا يتأثّر بالبرودة وكذلك هذا العدم المشابه بالثّوب وجد له تأثيرا في نفسه ورأى أثره ساريا في جميع بدنه ولكن يعرف أنّ هذا التّأثير والسّراية ظاهريّ لا باطنيّ عرضيّ لا



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!