موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(14) المكتوب الرابع عشر إلى المير شمس الدين علي في جواب سؤاله عن وجود واجب الوجود تعالى ** | ** (15) المكتوب الخامس عشر إلى المير محمد نعمان في بيان أن لذة إيلام المحبوب الذ وأجلى في نظر المحب من لذة إنعامه

 

 


حتّى لا يكون المقصود والمطلوب والمحبوب غير واحد فإن عجز القلب عن الذّكر فقولوا باللّسان بشرط الإخفاء فإنّ الجهر ممنوع في هذا الطّريق وقد علمتم بقيّة طرز الطّريقة وأوضاعها وإيّاكم والعدول عن طريق التّقليد ما استطعتم فإنّ لتقليد شيخ الطّريقة ثمرات وفي الخلاف لطريقه خطرات وماذا أكتب زيادة على ذلك والسّلام على من اتّبع الهدى (١) والتزم متابعة المصطفى عليه وعلى آله وأصحابه أتمّ الصّلوات وأكمل التّحيّات.

(١٤) المكتوب الرّابع عشر إلى المير شمس الدين عليّ في جواب سؤاله عن وجود واجب الوجود تعالى

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى قد صرت محظوظا وملتذّا بمطالعة الصّحيفة الشّريفة المرسلة على وجه الكرم والشّفقة جزاكم الله سبحانه خيرا واندرج فيها أنّ ذات الحقّ سبحانه وتعالى إذا كانت موجودة بماهيّتها لا بالوجود عينا كان أو زائدا فكيف يتحقّق التّقابل بين واجب الوجود الذي هو ذات الله سبحانه بلا اعتبار الوجوب والوجود وبين ممتنع الوجود وبأيّ وجه يمكن إطلاق واجب الوجود على الذّات المعرّاة عن الوجوب والوجود وكيف يثبت استحقاق العبادة الذي هو منوط بوجوب الوجود وبأيّ اعتبار يكون إطلاق واجب الوجود على الذّات العديمة الوجوب والوجود (أيّها المخدوم) إنّ جواب هذه الاسئلة مندرج بالتّفصيل في مكتوب من مكتوبات الجلد الثاني والظّاهر أنّه محرّر باسم واحد من أولاد الفقير فإن طالعتموه لعلّكم تحتظّون به (وبالجملة) يمكن أن تكون ماهيّة الواجب - جلّ سلطانه - موجودة بنفسها لا بالوجود وإطلاق الوجوب على تلك الحضرة يكون من قبيل منتزعات العقل بل لله المثل الاعلى وكما أنّ وجوب الوجود من قبيل المنتزعات امتناع العدم أيضا في تلك الحضرة جلّ سلطانها من المنتزعات وكما أنّ الذّات البحت ليست فيها نسبة وجوب الوجود ليست فيها أيضا نسبة امتناع العدم وحيث ظهرت نسبة وجوب الوجود حصلت نسبة امتناع العدم الذي هو مقابله وظهرت نسبة استحقاق العبادة الذي هو متفرّع على وجوب الوجود “ كان الله ولم يكن معه شيء ” وإن كان من النّسب والاعتبارات فإذا ظهرت النّسب ظهر التّقابل والسّلام أوّلا وآخرا.

(١٥) المكتوب الخامس عشر إلى المير محمّد نعمان في بيان أنّ لذّة إيلام المحبوب الذّ وأجلى في نظر المحبّ من لذّة إنعامه

__________

(١) الآية: ٤٨ من سورة طه.

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ليكن معلوم الأخ السّيّد محمّد نعمان أنّه صار مفهوما أنّ الاحباب النّاصحين كلّما اجتهدوا في التّشبّث بأسباب الخلاص لم يكن نافعا الخير فيما صنعه الله سبحانه فحدث من هذا الامر نوع حزن بمقتضى البشريّة وظهر ضيق الصّدر ثمّ بعد زمان تبدّل الحزن وضيق الصّدر بفضل الله جلّ سلطانه بالفرح وشرح الصّدر وعلمت بيقين خاصّ أنّ مراد هذه الجماعة الذين في صدد الإيذاء لو كان موافقا لمراد الحقّ جلّ شأنه لا معنى للاستكراه وضيق الصّدر بل هو مناف لدعوى المحبّة فإنّ إيلام المحبوب مثل إنعامه محبوب للمحبّ ومرغوب فيه له كما أنّ المحبّ يلتذّ بإنعامه يلتذّ أيضا بإيلامه بل يجد اللّذّة في إيلامه أكثر لكونه مبرّأ من شائبة حظّ النّفس ومرادها وحيث انّ الحقّ سبحانه جميل مطلق فإذا أراد إيذاء شخص تكون إرادته تعالى بعنايته سبحانه في نظر ذلك الشّخص جميلة البتّة بل تكون سببا للالتذاذ وحيث انّ مراد هذه الجماعة موافق لمراد الحقّ سبحانه وروزنة لمراده تعالى فمرادهم أيضا مستحسن في النّظر وموجب للالتذاذ وفعل الشّخص الذي هو مظهر لفعل المحبوب محبوب أيضا كنفس فعل المحبوب وذلك الشّخص الفاعل أيضا يظهر في نظر المحبّ بهذه العلاقة محبوبا والعجب أنّ الجفاء كلّما يتصوّر من ذلك الشّخص أزيد يظهر في نظر المحبّ أحسن وأمجد لكون إرادته لصورة غضب المحبوب أكثر وأزيد وامر والهي هذا الطّريق مقلوب ومعكوس وإرادة السّوء لذاك الشّخص وإساءته منافية لمحبّة المحبوب فإنّ ذلك الشّخص ليس بأزيد في ذلك من أين يكون مرآة لفعل المحبوب والذين هم في صدد الإيذاء يظهرون في النّظر محبوبين بالنّسبة إلى سائر الخلائق فليزل الإخوان ضيق الصّدر عن أنفسهم ولا يحقدوا على الذين في صدد الإيذاء بل ينبغي أن يكونوا متلذّذين بفعلهم نعم حيث كنّا مأمورين بالدّعاء والحقّ سبحانه يحبّ الدعاء والالتجاء والتّضرّع والابتهال ينبغي الدعاء لدفع البليّة وسؤال العفو والعافية وإنّما قلت مرآة صورة الغضب فإنّ حقيقة الغضب نصيب الاعداء وصورة الغضب مع الاحبّاء عين الرّحمة في الحقيقة وكم من منافع لمحبّ أودعت في صورة الغضب هذه لا يمكن شرحه وأيضا في صورة الغضب الّتي أعطيها الاحبّاء هلاك المنكرين وهي باعثة على ابتلائهم ولعلّكم علمتم معنى عبارة الشّيخ محيي الدين ابن العربيّ قدّس سرّه حيث قال: لا همّة للعارف يعني أنّ الهمّة الّتي يقصد بها دفع البليّة مسلوبة عن العارف فإنّ العارف إذا رأى البليّة من المحبوب وتيقّن أنّها مراده كيف يصرف همّته لدفعها وكيف يريد رفعها وأنّه وإن أجرى دعاء الدفع على لسانه بحسب الصّورة لامتثال الامر بالدّعاء ولكنّه لا يريد شيئا في الحقيقة بل هو ملتذّ بكلّ ما يصيبه والسّلام على من اتّبع الهدى (١).

__________

(١) الآية: ٤٨ من سورة طه.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!