موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(23) المكتوب الثالث والعشرون إلى الخواجة إبراهيم القبادياني في بيان أن الله تعالى أخبر بواسطة الانبياء - عليهم السلام - عن ذاته وصفاته وأعمال العبادة المرضية وغير المرضية التي لا مدخل فيها للعقل

 

 


لا يكون ناسخا ولا منسوخا فإنّ النّسخ في إنشاء حكم شرعيّ لا في الإخبار عن شيء فينبغي أن يكون المشركون نجسا في جميع الاوقات ويكون المراد من النّجس خبث الاعتقاد حتّى لا تتعارض الادلّة ولا يكون مساسهم محظورا في وقت من الاوقات ويوم قرأت قوله تعالى وطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ (١) الآية قلتم في مقابلته إنّ المراد من الطّعام هنا البرّ والحمّص والعدس فلو قبل هذا التّوجيه أهل العرف فما المضايقة ولكن لا بدّ من الإنصاف والمقصود الاصليّ من هذا التّصديق وإطالة الكلام هو أنّه ينبغي أن يرحم الخلق وأن لا يحكم بعموم نجاستهم وأن لا يعتقد نجاسة أهل الإسلام أيضا بواسطة اختلاطهم بالكفر الذي لا بدّ منه ولا مهرب عنه وأن لا يجتنب عن أطعمة المسلمين وأشربتهم بعلّة النّجاسة المتوهّمة فيحصل التّبرّي من الكلّ من هذه الحجّة ويظنّ ذلك احتياطا والحال أنّ الاحتياط في ترك هذا الاحتياط وماذا أكتب زيادة على ذلك.

(شعر) بثثت لديكم من همومي وخفت أن ... تملّوا والّا فالكلام كثير

والسّلام.

(٢٣) المكتوب الثالث والعشرون إلى الخواجة إبراهيم القباديانيّ في بيان أنّ الله تعالى أخبر بواسطة الانبياء - عليهم السّلام - عن ذاته وصفاته وأعمال العبادة المرضيّة وغير المرضيّة الّتي لا مدخل فيها للعقل

الحمد لله الذي أنعم علينا وهدانا إلى الإسلام وجعلنا من أمّة محمّد عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام إنّ الانبياء رحمات للعالمين أخبر الحقّ سبحانه وتعالى بواسطة بعثة هؤلاء الاكابر عن ذاته وصفاته لأمثالنا ناقصي العقول وقاصري الإدراك وأطلعنا على كمالاته الذّاتيّة والصّفاتيّة بمقياس أفهامنا وفرّق مراضيه عن غير مراضيه وميّز منافعنا الدنيويّة والاخرويّة عن مضارّنا فلو لم يكن توسّط وجودهم الشّريف لكانت العقول البشريّة عاجزة في إثبات الصّانع تعالى وقاصرة في إدراك كمالاته تعالى وكانت قدماء الفلاسفة الذين يزعمون أنفسهم أكابر أرباب العقول منكرين للصّانع عزّ وجلّ وكانوا ينسبون الاشياء إلى الدهر من نقصان عقولهم ومجادلة النّمرود الذي كان سلطان جميع أهل الارض مع الخليل على نبيّنا وعليه الصّلاة والسّلام في إثبات خالق السّموات والارض مشهورة وفي القرآن المجيد مذكورة وقال فرعون المخذول ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي (٢) وقال أيضا خطابا لموسى عليه السّلام لَئِنِ اِتَّخَذْتَ إِلهًَا غَيْرِي

__________

(١) الآية: ٥ من سورة المائدة.

(٢) الآية: ٣٨ من سورة القصص.

لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (١) وقال أيضا لهامان يا هامانُ اِبْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إلى إِلهِ مُوسى وإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِبًا (٢)

(وبالجملة) انّ العقل قاصر في إثبات هذه الدولة العظمى لا يكاد يهتدي إليها بدون هداية هؤلاء الأكابر ولمّا اشتهرت دعوة الانبياء عليهم الصّلوات والتّسليمات إلى الله الذي هو خالق الارض والزّمان والسّموات وتواترت وعلت كلماتهم وارتفعت اطّلع سفهاء كلّ وقت كان لهم تردّد في ثبوت الصّانع على قبائحهم وقالوا بوجود الصّانع بلا اختيار وجعلوا الاشياء مستندة إليه تعالى وهذا نور مقتبس من أنوار الانبياء ونعمة مستفادة من موائدهم عليهم الصّلوات والتّسليمات إلى يوم التّناد بل إلى أبد الآباد وكذلك سائر السّمعيّات بلغتنا بتبليغ الانبياء عليهم الصّلاة والسّلام من وجود صفاته تعالى الكاملة وبعثة الانبياء وعصمة الملائكة عليهم السّلام ومن الحشر والنّشر ومن وجود الجنّة والنّار والتّنعيم والتّعذيب الدائمين وأمثالها ممّا نطقت به الشّريعة والعقل قاصر عن إدراكه وناقص في إثباته من غير سامع من هؤلاء الاكابر لا استقلال له في شيء منها وكما أنّ طور العقل وراء طور الحسّ حيث يدرك بالعقل ما لا يدرك بالحسّ طور النّبوّة أيضا وراء طور العقل يدرك بها ما لا يدرك بالعقل ومن لم يثبت للمعرفة طريقا وراء طور العقل فهو في الحقيقة منكر لطور النّبوّة ومصادم للبداهة فلا بدّ من وجود الانبياء ليدلّوا على كيفيّة أداء شكر النّعم الذي هو واجب عقلا وليظهروا تعظيم مولى النّعم جلّ وعلا المتعلّق بالعلم والعمل المتلقّى من قبله سبحانه فإنّ التّعظيم الذي لم يكن مستفادا من عنده سبحانه لا يكون لائقا بأداء شكره تعالى فإنّ القوّة البشريّة عاجزة عن إدراكه بل كثيرا ما يظنّ غير تعظيمه تعالى تعظيما فيعدل عن الشّكر إلى الهجو وطريق استفادة تعظيمه سبحانه من حضرته تعالى وتقدّس مقصور على النّبوّة ومنحصر في تبليغ الانبياء عليهم الصّلاة والسّلام والالهام الذي هو للأولياء عليهم السّلام مقتبس من أنوار النّبوّة ومستفاض من بركات متابعة الانبياء وفيوضها فلو كان العقل كافيا في هذا الامر لما بقي فلاسفة اليونان الذين جعلوا مقتداهم عقولهم في تيه الضّلالة ولعرفوا الحقّ سبحانه قبل كلّ النّاس والحال أنّ أشدّ النّاس جهالة في ذات الحقّ وصفاته سبحانه هو هؤلاء حيث زعموا الحقّ سبحانه فارغا ومعطّلا ولم يجعلوا غير شيء واحد مستندا إليه تعالى وهو أيضا بالإيجاب لا بالاختيار ونحتوا من عندهم عقلا فعّالا ونسبوا الحوادث إليه مانعين إيّاها من خالق السّموات والارض وصرفوا الاثر عن المؤثّر الحقيقيّ جلّ شأنه وزعموه أثر منحوتهم فإنّ المعلول عندهم أثر العلّة القريبة لا يرون للعلّة البعيدة تأثيرا في حصول المعلول وزعموا عدم استناد الاشياء إليه سبحانه من جهلهم كمالا له سبحانه وظنّوا التّعطيل تبجيلا إيّاه والحال أنّ الحقّ سبحانه يمدح

__________

(١) الآية: ٢٩ من سورة القصص.

(٢) الآية: ٣٨ من سورة القصص.

نفسه بخلق السّموات والارض ويقول في مدح نفسه رَبُّ الْمَشْرِقِ والْمَغْرِبِ (١) ولا احتياج لهؤلاء السّفهاء إلى حضرة الحقّ سبحانه بزعمهم الفاسد أصلا ولا التجاء لهم إليه تعالى قطعا ينبغي لهم أن يراجعوا وقت الاضطرار والاحتياج إلى العقل الفعّال وأن يطلبوا قضاء حوائجهم منه بل لا يتصوّر طلب قضاء الحاجة من العقل الفعّال أيضا لكونه موجبا ومضطرّا غير مختار في زعمهم إنّ الكافرين لا مولى لهم وما هو العقل الفعّال حتّى يدبّر الاشياء وتكون الحوادث مستندة إليه وفي نفس وجوده وثبوته الف كلام فإنّ تحقّقه وحصوله مبتن على المقدّمات المموّهة الفلسفيّة الّتي هي غير تامّة على الاصول الإسلاميّة والابله من يصرف استناد الاشياء عن القادر المختار جلّ شأنه ويجعلها مستندة إلى مثل هذا الامر الموهوم بل يلحق الاشياء الف عار وفضيحة من كونها مستندة إلى منحوت الفلسفيّ بل الاشياء تكون راضية ومسرورة بعدمها ولا تميل إلى الوجود أصلا من فضيحة استناد وجودها إلى مجعول الفلسفيّ وخوف الحرمان من سعادة الانتساب إلى قدرة القادر المختار جلّ سلطانه كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلّا كَذِبًا (٢) وكفّار دار الحرب مع وجود عبادة الاصنام أحسن حالا من هذه الجماعة فإنّهم يلتجئون إلى الحقّ سبحانه في المضايق ولا يجعلون أصنامهم غير وسائل الشّفاعة عنده تعالى وأعجب من هذا أنّ جماعة يسمّون هؤلاء السّفهاء حكماء وينسبون أقوالهم إلى الحكمة وأكثر أحكامهم سيّما في الإلهيّات الّتي هي المقصد الاسنى كاذبة ومخالفة للكتاب والسّنّة فبأيّ اعتبار يطلق الحكماء على هؤلاء الذين لا نصيب لهم غير الجهل المركّب اللهمّ الّا إذا قيل على سبيل التّهكّم والاستهزاء او يعدّ من قبيل إطلاق البصر على الاعمى. (وجمع) من هذه السّفهاء اختاروا طريق الرّياضات والمجاهدات من غير التزام طريق الانبياء عليهم السّلام بل بمجرّد تقليد صوفيّة الهيّة كانوا في كلّ عصر من متابعى الانبياء عليهم السّلام واغترّوا بصفاء اوقاتهم واعتمدوا على مناماتهم وخيالاتهم وجعلوا كشوفهم الخياليّة مقتداهم في سائر حالاتهم ضلّوا فأضلّوا ولم يعلموا أنّ ذلك الصّفاء هو صفاء النّفس الذي يؤدّي إلى طريق الضّلالة لا صفاء القلب الذي هو روزنة الهداية فإنّ صفاء القلب منوط بمتابعة الانبياء عليهم الصّلوات والتّسليمات وتزكية النّفس مربوطة بصفاء القلب وسياسته إيّاها وحكم تصفية النّفس مع وجود ظلمة القلب الذي هو محلّ ظهور أنوار القدم كحكم إسراج سراج لنهب العدوّ الذي هو في الكمين وهو إبليس اللّعين. (وبالجملة) انّ طريق الرّياضة والمجاهدة كطريق النّظر والاستدلال إنّما يعتبر ويعتمد عليه إذا كان مقرونا بتصديق الانبياء عليهم الصّلوات والتّسليمات الذين يبلّغون الامانة من قبل الحقّ جلّ وعلا ومؤيّدون بتأييده سبحانه ومعاملتهم محفوظة من كيد اللّعين ومكره بنزول الملائكة المعصومين إِنَّ عِبادِي لَيْسَ

__________

(١) الآية: ٢٨ من سورة الشعراء والآية: ٩ من سورة المزمل.

(٢) الآية: ٥ من سورة الكهف.

لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ (١) نقد وقتهم وهذه الدولة لم تتيسّر لغيرهم ولم يحصل لهم التّخلّص من شرك اللّعين الّا إذا التزم متابعة هؤلاء الاكابر ومشى على آثارهم عليهم الصّلوات والتّسليمات. (شعر)

ومن المحال المشي في طريق الصّفا ... يا سعد من غير اتّباع المصطفى

عليه وعلى جميع إخوانه الصّلوات والتّسليمات العلى سبحان الله إنّ أفلاطون الذي هو رئيس الفلاسفة أدرك دولة بعثة عيسى على نبيّنا وعليه الصّلاة والسّلام ولم يصدّقه زعما منه بجهالته أنّه مستغن عنه ولم ينل نصيبا من بركات النّبوّة ومَنْ لَمْ يَجْعَلِ الله لَهُ نُورًا فَما لَهُ مِنْ نُورٍ (٢) قال الله تبارك وتعالى ولَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ (٣) والعجب أنّ طور عقول الفلاسفة النّاقصة كأنّه واقع على طرف نقيض طور النّبوّة في المبدأ وفي المعاد وأحكامهم مخالفة لأحكام الانبياء عليهم الصّلاة والسّلام فإنّهم ما صحّحوا الإيمان بالله ولا الإيمان بالآخرة وقالوا بقدم العالم والحال أنّ الإجماع المتين منعقد على حدوث العالم بجميع أجزائه ولم يقولوا بانشقاق السّموات وانتثار الكواكب واندكاك الجبال وانفجار البحار الموعودة في يوم القيامة وينكرون حشر الاجساد ويخالفون النّصوص القرآنيّة ومتأخّروهم الذين عدّوا أنفسهم داخلين في زمرة أهل الإسلام راسخون في أصولهم الفلسفيّة كما هي وقائلون بقدم السّموات والكواكب وأمثالها وحاكمون بعدم فنائها وهلاكها قوتهم تكذيب النّصوص القرآنيّة ورزقهم إنكار ضروريّات الدين والمسائل اليقينيّة يؤمنون بالله وبرسوله ولا يقبلون ما أمر الله به ورسوله فهل تتجاوز السّفاهة عن ذلك.

(شعر) أكثر فلسفة جاسفها فكذا ... جميعه إذ لكلّ حكم أكثره

وهذه الجماعة صرفوا أعمارهم في تعليم آلة عاصمة للذّهن عن الخطإ الفكريّ وتعلّمه ودقّقوا فيها تدقيقات كثيرة ولمّا بلغوا المقصد الاقصى يعني مسائل الذّات والصّفات والافعال الواجبيّة جلّ سلطانه ضيّعوا حواسّهم وأضاعوا الآلة العاصمة وخبطوا خبط عشواء وبقوا في تيه الضّلالة كمن يهيّئ آلات الحرب سنين ثمّ إذا جاء وقت الحرب يضيّع حواسّه ولا يستعمل الآلة والنّاس يظنّون علوم الفلاسفة متّسقة ومنتظمة ويزعمونها محفوظة عن الغلط والخطأ ومصونة وعلى تقدير التّسليم إنّما يكون هذا الحكم صادقا في علوم للعقل فيها استقلال واستبداد وهي خارجة عن المبحث وداخلة في دائرة ما لا يعنى لا تعلّق لها بالآخرة الّتي هي دائميّة والنّجاة الاخرويّة ليست بمربوطة بها فإنّ الكلام إنّما هو في علوم العقل عاجز عن إدراكها وقاصر ومربوطة بطور النّبوّة والنّجاة الاخرويّة منوطة بها قال حجّة الإسلام الإمام الغزاليّ في

__________

(١) الآية: ٤٢ من سورة الحجر والآية: ٦٥ من سورة الإسراء.

(٢) الآية: ٤٠ من سورة النور.

(٣) الآية: ١٧٢ ١٧٢ من سورة الصافات.

رسالته “ المنقذ عن الضّلال ”: إنّ الفلاسفة سرقوا علم الطّبّ وعلم النّجوم من كتب الانبياء المتقدّمين على نبيّنا وعليهم الصّلاة والسّلام واقتبسوا خواصّ الادوية وغيرها ممّا لا سبيل للعقل إلى إدراكه من الصّحف والكتب المنزّلة إلى الانبياء عليهم السّلام وسرقوا علم تهذيب الاخلاق عن كتب الصّوفيّة المتألّهين الموجودين في كلّ عصر وفي أمّة كلّ نبيّ لترويج أباطيلهم فهذه العلوم الثلاثة المعتبرة لديهم كانت مسروقة وقد ذكرت شمّة من خبطهم في العلم الإلهيّ في مباحث الذّات والصّفات والافعال الواجبيّة وفي الإيمان بالله والإيمان بالآخرة ومخالفتهم النّصوص القرآنيّة فيما سبق فبقي علم الهندسة ومثله ممّا له نوع اختصاص به فلو كان متّسقا ومنتظما فما لزومه ولايّ شيء يحتاج إليه وأيّ عذاب الآخرة يبعد به ويدفع علامة إعراض الله تعالى عن العبد اشتغاله بما لا يعنيه وكلّما هو غير نافع في الآخرة فهو ممّا لا يعنى وعلم المنطق الذي هو آلة وقالوا إنّه عاصم عن الخطإ لم ينفعهم ولم يخرجهم عن الغلط والخطأ في المقصد الاسنى كيف ينفع الآخرين وكيف يخلّصهم عن الخطإ رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهّابُ (١) وبعض النّاس الذين لهم رغبة في العلوم الفلسفيّة ومفتونون بالتّسويلات الفلسفيّة يعتقدون هذه الجماعة حكماء ويزعمونهم عديل الانبياء عليهم الصّلاة والسّلام بل يكادون يقدّمون علومهم الكاذبة بظنّ أنّها صادقة على شرائع الانبياء عليهم السّلام أعاذنا الله سبحانه عن الاعتقاد السّوء نعم إذا اعتقدوا هؤلاء حكماء وزعموا علومهم حكمة يقعون في هذا البلاء بالضّرورة فإنّ الحكمة عبارة عن العلم بالشّيء مطابقا لنفس الامر فتكون العلوم الّتي تخالفها غير مطابقة لنفس الامر (وبالجملة) انّ تصديق هؤلاء وتصديق علومهم مستلزم لتكذيب الانبياء وتكذيب علومهم عليهم الصّلوات والتّحيّات وهذان العلمان واقعان في طرفي النّقيض فتصديق أحدهما مستلزم لتكذيب الآخر من شاء فليلتزم ملّة الانبياء يكن من حزب الله سبحانه ومن أهل النّجاة ومن شاء فليكن فلسفيّا يكن من حزب الشّيطان وخائبا وخاسرا قال الله تبارك وتعالى فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إِنّا أَعْتَدْنا لِلظّالِمِينَ نارًا أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وساءَتْ مُرْتَفَقًا (٢) والسّلام على من اتّبع الهدى (٣) والتزم متابعة المصطفى عليه وعلى جميع إخوانه من الانبياء الكرام والملائكة العظام أتمّ الصّلوات وأكمل التّسليمات والسّلام.

__________

(١) الآية: ٨ من سورة آل عمران.

(٢) الآية: ٢٩ من سورة الكهف.

(٣) الآية: ٤٨ من سورة طه.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!