موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(15) المكتوب الخامس عشر في بيان الأحوال التي لها مناسبة لمقام الهبوط والنزول مع بعض الأسرار المكنونة كتبه إلى شيخه المعظم أيضا

 

 


الوجود والعدم ووجدان نفسي عين ذلك الجلد أخيرا إشارة إلى وصولي إلى البرزخيّة، وقد كنت وجدتني سابقا في الوقائع برزخا بين الوجود والعدم،

والظّاهر أنّ ذلك كان بالنّسبة إلى الآفاق وهذا بالنّظر إلى النّفس وقد ظهر في ذلك فرق آخر أيضا، ولكنّي نسيته وقت الكتابة هذا وما هو الحاصل دائما هو النّكارة والجهالة ويظهر أحيانا مثل هذه الشّعبذة ثمّ ينعدم وتبقى معرفته. وأعجز عن تعبير بعض الوقائع والّذي يقع في الخاطر من تعبيره لا أعتمد عليه.

وبهذا السّبب أتجاسر في العرائض رجاء حصول اليقين بتنبيه الحضرة. والمرجوّ تيسّر النّجاة عن التّعلّقات الدّنيّة بتوجّهاتكم العليّة وإلّا فالأمر مشكل جدّا، (شعر):

من لم يعنه مهيمن وخواصّه ... لا سودّ صفحته ولو هو من ملك

والشّيخ طه ابن الشّيخ عبد الله النّيازيّ الّذي هو من مشاهير مشايخ سرهند وبينه وبين الحاجّ عبد العزيز مودّة تامّة استدعى تقبيل الأقدام المباركة وفيه داعية الإنابة والدّخول في هذه الطّريقة العليّة الشّريفة، والتجأ إليّ بالصّدق والإنكسار فأمرته بالإستخارة وله مناسبة في الظّاهر والأصحاب الّذين أخذوا الذّكر هنا مشتغلون بطريق الرّابطة في الأكثر يجيء بعضهم بأخذ الرّابطة بالرّؤية في الواقعات. وكان لبعضهم رابطة قبل المجيء من دهلى يذهبون أوّلا بالحضور والإستغراق وبعض منهم يعطى الصّفات الأصل يعني يراها منه وبعضهم لا. ولكن لا يذهب منهم أحد على طريق توحيد الوجود والأنوار والكشوف ووصل المنلا قاسم علي والمنلا مودود محمّد وعبد المؤمن ظاهر إلى نقطة فوقانيّة من مقام الجذبة ولكنّ المنلا قاسم متوجّه إلى النّزول. ونزول الباقين ليس بمعلوم والشّيخ نور (١) أيضا قريب من النّقطة ولم يصل إليها بعد والمنلا عبد الرّحمن أيضا قريب من النّقطة ولكن في البين مسافة قليلة، وحصل للمنلا عبد الهادي فيه حضور مع الإستغراق وهو يقول: «أشاهد المطلق المنزّه جلّ شأنه في الأشياء بصفة التّنزيه وأرى الأفعال أيضا منه تعالى، وما يفاض على الطّالبين والمستعدّين فإنّما هو من دولتكم وليس لهذا الفقير نصيب في إفاضته. (ع) أنا ذاك أحمد لم أكن متغيّرا * وقد قلتم يوما فيما بين واقعة من الوقائع انّه لو لم يكن فيه معنى المحبوبيّة لوقع توقّف كثير في الوصول إلى المقصد، وبيّنتم المحبوبيّة أيضا بعنايتكم. ولي من ذلك الكلام رجاء تامّ، وهذه الجراءة كلّها من ذلك.

(١٥) المكتوب الخامس عشر في بيان الأحوال الّتي لها مناسبة لمقام الهبوط والنّزول مع بعض الأسرار المكنونة كتبه إلى شيخه المعظّم أيضا

__________

(١) هو العلامة الصالح الشيخ المولوي نور محمد، وجه أقصى اهتمامه بالرياضات والخلوات حتى من الله تعالى عليه بالفتح، حتى كان بحرا زاخرا في كثير من العلوم. انظر: السنهوتي: الأنوار القدسية ٢٢٣.

عريضة الحاضر الغائب الواجد الفاقد المقبل المعرض أنّه طلبه مدّة مديدة فوجد نفسه ثمّ انجرّ أمره إلى مرتبة لو طلب نفسه وجده والآن فقده ووجد نفسه ومع فقدانه وغيبته لا يطلبه ولا يستخبر عنه.

فمن حيث العلم حاضر وواجد ومقبل ومن جهة الذّوق غائب وفاقد ومعرض. ظاهره بقاء وباطنه فناء ففي عين البقاء فان، وفي عين الفناء باق، ولكنّ الفناء علميّ والبقاء ذوقيّ. وتقرّر أمره على الهبوط والنّزول وامتنع عن الصّعود والعروج فكما رفعوه عن القلب إلى مقلّب القلب كذلك أنزلوه من مقلّب القلب إلى مقام القلب. ومع تخلّص الرّوح عن النّفس وخروج النّفس بعد الإطمئنان من غلبات أنوار الرّوح جعلوه جامعا لجهتي الرّوح والنّفس وشرّفوه ببرزخيّة هاتين الجهتين وأعطوه الإستفادة من فوق والإفادة إلى سفل معا بسبب هذه البرزخيّة، ففى عين الإستفادة مفيد وفي عين الإفادة مستفيد،

(شعر):

فيا لها قصّة في شرحها طول ... وكم يراع إذا حرّرت ينكسر

ثمّ المعروض: انّ اليد اليسرى عبارة عن مقام القلب الحاصل قبل العروج إلى مقلّب القلوب وأمّا مقام القلب الّذي يكون النّزول إليه بعد الهبوط من فوق فهو مقام آخر فإنّه برزخ بين الشّمال واليمين كما هو الظّاهر لاربابه والمجذوبون الّذين ليس لهم سلوك من أرباب القلوب والوصول إلى مقلّب القلوب مربوط بالسّلوك وتعلّق مقام بشخص كناية عن حصول شأن خاصّ له في ذلك المقام وله امتياز على حدة من أرباب ذلك المقام ومن جملة ذلك الإمتياز سبقة الإنجذاب فيما نحن فيه والبقاء الخاصّ الّذي كان منشأ للعلوم والمعارف المناسبة لذلك المقام وتحقيق علوم مقام القلب وحقيقة الجذبة والسّلوك والفناء والبقاء وأمثال ذلك مكتوبة في الرّسالة الموعودة بالتّفصيل وتوجّه السّيّد شاه حسين بالإضطراب والعجلة فلم تكن فرصة لنقلها إلى البياض ونتشرّف إن شاء الله تعالى على الفور بمطالعتكم والعزيز المتوقّف نزل من فوق من مقام الجذبة ولكن ليس وجهه إلى العالم بل توجّهه إلى جهة الفوق ولمّا كان عروجه إلى الجهة الفوقانيّة بالقسر كانت له مناسبة بالطّبع للجذبة واستصحب معه شيئا يسيرا وقت نزوله من فوق وبضاعة نسبته الّتي كانت من توجّه القاسر وكان العروج إثر ذلك التّوجّه باقية إلى الآن في نسبة الجذبة كالرّوح في الجسد وكالنّور في الظّلمة ولكنّ هذه الجذبة غير جذبة خواجكان قدّس الله أسرارهم بل هي جذبة وصلت إلى الخواجه عبيد الله أحرار (١) قدّس سرّه من آبائه الكرام (٢) وكان الشّأن الخاصّ لهم في ذلك المقام وقد رأى بعض الطّالبين في الواقعة أنّ ذلك العزيز المتوقّف أكل الخواجه يعني المذكور آنفا بالتّمام وظهور أثر هذه الواقعة إنّما يكون في هذا المقام وليس لهذه الجذبة مناسبة لمقام الإفادة فإنّ التّوجّه في مقام هذه الجذبة إلى جهة الفوق دائما والسّكر الدّائميّ لازمه وبعض مقامات الجذبة منافية

__________

(١) الشيخ عبيد الله أحرار، تقدمت ترجمته.

(٢) يعني أجداده من طرف أمه كالشيخ عمر الباغستانى وأولاده وأقربائه كما هو مذكور في الرشحات لمؤلفه عفى عنه.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!