موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(16) المكتوب السادس عشر في بيان احوال العروج والنزول وغيرها كتبه إلى شيخه المعظم أيضا

 

 


للسّلوك بعد الدّخول فيه وبعض آخر ليس بمناف له بل يتوجّهون لاجل السّلوك بعد الدّخول فيه وهذه الجذبة منافية للسّلوك بعد الدّخول فيه وقد توجّهت إلى ذلك المقام وقت تحرير العريضة وظهر بعض دقائقه ولا يتيسّر التّوجّه من غير باعث والله سبحانه أعلم بحقيقة الحال وقد نزل ذلك العزيز منذ أشهر ولكنّه لم يكن داخلا في مقام الجذبة المذكورة بالتّمام والمانع عدم العلم بشأن ذلك المقام مع التّوجّهات المواجبة للتّفرقة وتشتّت البال وعسى أن يتيسّر الدّخول فيه بالتّمام وقت مطالعة هذه الكلمات غير المرتبطة ولعلّه ينزل بعد ذلك حضرة الخواجه بالتّمام.

(١٦) المكتوب السّادس عشر في بيان أحوال العروج والنّزول وغيرها كتبه إلى شيخه المعظّم أيضا

عريضة احقر الطّلبة انّ مولانا علاء الدّين قد بلّغ المكتوب المشتمل للالتفات وقد جعلت في كشف كلّ من المقدّمات المذكورة مسودّة على مقتضى الوقت وكان بعض متمّمات تلك العلوم المسطورة ومكمّلاتها محظورا أيضا، ولكن لم توجد فرصة لتحريره لتوجّه حامل العريضة نرسله إن شاء الله تعالى إلى خدمتكم سريعا. وقد أرسلت الآن رسالة أخرى قد نقلت إلى البياض، وكنت جمعتها بالتماس بعض الأصحاب. فإنّهم التمسوا منّي أن أكتب لهم نصائح تكون نافعة في الطّريقة ويعملون بمضمونها. والحقّ أنّها رسالة عديمة النّظير كثيرة البركة وكان بعد تحريره معلوما أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد حضر مع جمع كثير من مشايخ أمّته وفي يده المباركة هذه الرّسالة وهو عليه الصّلاة والسّلام يقبّلها من كمال كرمه ويريها المشايخ ويقول: ينبغي أن يحصل مثل هذه المعتقدات، والجماعة الّذين استسعدوا بهذه العلوم نورانيّون وممتازون وعزيز والوجود قائمون في مقابلته عليه الصّلاة والسّلام والحاصل أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أمر هذا الفقير بإشاعة هذه الواقعة وإظهارها في ذلك المجلس، (ع) لا عسر في أمر مع الكرام *

وحين جئت من الملازمة لم تكن فيّ مناسبة كثيرة لمقام الإرشاد بواسطة وجود الميل إلى جهة الفوق فأردت أن أقعد في زاوية أوقاتا. وظهر النّاس في النّظر مثل النّمر والأسد وكان عزم العزلة والإنزواء مصمّما، ولكن لم تقع الإستخارة موافقة للمطلوب، والعروج إلى غاية غايات مدارج القرب وإن لم تكن لها غاية قد تيسّر، ولا يزال يتيسّر، والأحوال في التّقلّب دائما " كلّ يوم هو في شأن»، وجوزي بي مقامات جميع المشايخ إلّا ما شاء الله

(شعر):

وتداولت أيدي الكرام وردة ... حتّى إلى العالي الجناب ترقّت

فإن عددت توسّط روحانيّة المشايخ في ذلك ينجرّ إلى الإطناب والتّطويل. وبالجملة قد جوزي بي من جميع مقامات الأصل كمجاوزتي مقامات الظّلّ، فماذا أبيّن من العنايات العديمة الغايات قبل من قبل بلا علّة وعرض عليّ من وجوه الولايات وكمالاتها ما لا يمكن تحريره. وأنزلت في ذي الحجّة إلى مقام القلب من مدارج النّزول وهذا المقام مقام التّكميل والإرشاد، ولكن لا بدّ من أشياء لتتميم هذا المقام وتكميله ومتى يتيسّر ذلك والأمر ليس بسهل ومع وجود المراديّة يقطع من المنازل ما لو أعطي المريدون عمر نوح لا يعلم تيسّره بل هذه الوجوه مخصوصة للمرادين ولا محلّ هنا للمريدين، ونهاية عروج الأفراد إلى بداية مقام الأصل فحسب، ولا مجاوزة للأفراد منها؛ ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ والله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (١) وهذا هو وجه التّوقّف في مراتب التّكميل والإرشاد وعدم النّورانيّة، إنّما هو بواسطة ظهور نور ظلمة الغيب لا شيء آخر، وقد يعجن النّاس في متخيّلاتهم أشياء لا ينبغي اعتبارها،

(شعر)

كيف يدري الأغبيا حال الكرام ... فاقصر الأقوال واسكت والسّلام

واحتمال الضّرر غالب في تخيّل مثل هذه الظّنون.

فينبغي أمر هؤلاء الجماعة بإغماض نظر خيالاتهم عن أحوال هذا المكسور البال فإنّ مثل هذا النّظر له مجال في محالّ أخرى كثيرة، (شعر):

من كم شده أم مرا مجوييد ... با كم شدكان سخن مكوييد

(ترجمة):

كفّوا الملام عن الّذي أفنى وجو ... ده في الاله واحذروا من بأسه

ينبغي التّفكّر في غيرة الحقّ جلّ سلطانه فإنّ التّكلّم والتّقوّل في تنقيص أمر يريد الحقّ سبحانه كماله غير مناسب جدّا بل هو في الحقيقة معارضته تعالى. والنّزول في مقام القلب المارّ ذكره آنفا نزول في مقام الفرق في الحقيقة الّذي هو مقام الإرشاد. والفرق في هذا الموطن عبارة عن امتياز النّفس عن الرّوح والرّوح عن النّفس بعد دخول النّفس في نور الرّوح الّذي هو الجمع وما فهم من الجمع والفرق قبل ذلك فهو من السّكر فإنّ رؤية الحقّ مفارقا ومنفكّا عن الخلق الّتي يزعمونها مقام الفرق لا حقيقة لها بل يزعمون الرّوح المذكورة حقّا ويزعمون رؤية مفارقتها وامتيازها عن النّفس رؤية مفارقة الحقّ وامتيازه تعالى وتقدّس عن الخلق. وعلى هذا القياس أكثر علوم أرباب السّكر فإنّ حقيقة الأمر مفقودة ثمّة والأمر

__________

(١) الآية: ٢١ من سورة الحديد، والآية: ٤ من سورة الجمعة.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!