موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(50) المكتوب الخمسون إلى القاضي نصر الله في بيان الفرق بين استدلال العلماء الراسخين واستدلال أرباب الظاهر بالاثر على المؤثر

 

 


لم ير نفسه واجبا تعالى ولكنّ العلم الحضوريّ المتعلّق بنفس العارف يتعلّق بالواجب ويكون علمه بنفسه الذى هو حضوريّ حصوليّا. (ع) وكم في العشق من عجب عجيب * والعقل المعتقّل لا يهتدي إلى هذه الدقيقة بل يجعلها راجعة إلى جمع الضّدّين. قال واحد من العارفين: عرفت ربّي بجميع الاضداد رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَدًا (١) وَ السَّلامُ عَلى مَنِ اِتَّبَعَ الْهُدى (٢)

(٥٠) المكتوب الخمسون إلى القاضي نصر الله في بيان الفرق بين استدلال العلماء الرّاسخين واستدلال أرباب الظّاهر بالاثر على المؤثّر

إنّ الاستدلال بالاثر على المؤثّر وبالمخلوق على الخالق جلّ سلطانه شغل علماء الظّاهر وشغل العلماء الرّاسخين أيضا الذين هم كمّل ورثة الانبياء عليهم الصّلاة والسّلام. علماء الظّاهر يحصّلون من العلم بوجود المخلوق العلم بوجود الخالق ويجعلون وجود الاثر دليلا على وجود المؤثّر ويحصّلون الإيمان واليقين بوجود المؤثّر والعلماء الرّاسخون الذين قطعوا درجات كمالات الولاية وبلغوا مقام الدعوة الّتي هي خاصّة الانبياء عليهم الصّلاة والسّلام بالاصالة أيضا يستدلّون بالأثر على المؤثّر بعد حصول التّجلّيات والمشاهدات ويكتسبون بهذا الطّريق أيضا إيمانا بالمؤثّر الحقيقيّ فإنّهم يعرفون في آخر الامر أنّ كلّ ما كان مشهودا ومتجلّيا لهم كان ظلّا من ظلال المطلوب مستحقّا للنّفي وعدم الإيمان ويتيقّنون أنّ الإيمان بلا كيفيّ لا يتيسّر في هذا الموطن من غير استدلال فلا جرم يقبلون على الاستدلال ويطلبون المطلوب بلا حيلولة الظّلال ولمّا كانت لهؤلاء الكبراء محبّة قويّة لجناب قدسه تعالى بحيث جعلوا ما سواه فداء له سبحانه فلا جرم يصلون إلى المطلوب الحقيقيّ من طريق الاستدلال لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «المرء مع من أحبّ " ويتخلّصون من مضيق التّجلّيات والظّهورات المشوبة بالظّلال ويعدون نحو أصل الاصل والمقام الذى يبلغ فيه علم علماء الظّاهر يصل فيه هؤلاء الاكابر بأنفسهم منجذبين بجذبات المحبّة ويحصل لهم الاتّصال اللّاكيفيّ وهذا الفرق إنّما نشأ من طريق المحبّة فكلّ من هو محبّ منقطع عن غير المحبوب متّصل به ومن ليست فيه هذه يكتفى بالعلم ويغتنم ذلك بل ربّما يبلغ هؤلاء الكبراء مبلغا لا يبلغ فيه علم العلماء ونهاية العلم على تقدير الصّحّة إلى دهليز المطلوب والذي هو واصل إلى المطلوب فهو مع المطلوب والمعيّة لا تترك دقيقة لا تكون نصيبا لهم. قال واحد من الكبراء (ع) بنده بأحق همچو شير وشكرست * ولله المثل الاعلى ينبغي أن يكون عبدا وأن يتخلّص عن عبديّة ما سواه تعالى والله سبحانه الموفّق.

__________

(١) الآية: ١٠ من سورة الكهف.

(٢) الآية: ٤٨ من سورة طه.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!