موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(51) المكتوب الحادي والخمسون إلى ملا شير محمد اللاهوري في بيان الفرق بين تصديق القلب ويقينه

 

 


(٥١) المكتوب الحادي والخمسون إلى ملّا شير محمّد اللّاهوريّ في بيان الفرق بين تصديق القلب ويقينه

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى (سؤال) قال بعض محقّقي المتكلّمين: إنّ حقيقة الإيمان قبول القلب وانقياده بالمؤمن به فما معنى ذلك؟ وهل القبول والانقياد عبارة عن نفس التّصديق ويقين القلب بالمؤمن به أو امر زائد عليهما؟ (الجواب) انّ قبول القلب غير يقينه وإن لم يكن غير التّصديق ولكنّه متفرّع على اليقين فإنّ القلب لا يخلو بعد حصول اليقين من إحدى الحالتين إمّا التّسليم والانقياد بالمؤمن به أو الجحود به والإنكار عليه وعلامة التّسليم والانقياد رضاء القلب بالمؤمن به وانشراح الصّدر له وعلامة الجحود والإنكار كراهة القلب بالمصدّق به وضيق الصّدر عليه قال الله تبارك وتعالى فَمَنْ يُرِدِ الله أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ ومَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ (١) الآية

وحصول التّسليم والانقياد للقلب بالمؤمن به بعد حصول التّصديق واليقين به واليقين به بمحض الموهبة الإلهيّة جلّ سلطانه وبصرف كرمه اللّامتناهي ومن ههنا قيل: إنّ الإيمان موهبة إلهيّة ومنشأ الجحود والإنكار بعد حصول اليقين والتّصديق بالمصدّق به رسوخ الصّفات الرّديّة في النّفس الامّارة وتمرّنها فيها لكونها مجبولة على حبّ الجاه والرّياسة ومطبوعة على عدم قبول تبعيّة أحد وتقليده تريد أن يصدّقها ويقبلها كلّ أحد وهي لا تقلّد أحدا ولا تتبع ولا تستسلم فردا من الأفراد ولا تنقاد وما ظَلَمَهُمُ الله ولكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٢)

وقد خلّص الله سبحانه طائفة بمحض فضله وكرمه من هذا المرض الجبليّ وشرّفهم بشرف تسليم الانبياء وانقيادهم عليهم الصّلاة والسّلام الذين هم هداة الأنام إلى سبل السّلام والصّراط المستقيم ووعد لهم بجنّات النّعيم الّتي هي محلّ رضائه تعالى وترك طائفة على طورهم ولم يخلّصهم من تلك الرّذائل جبرا وقهرا ولم يجذبهم إلى هذه الدولة ولكن بالغ في بيان الصّراط المستقيم وتبشير المصدّق المطيع وإنذار المكذّب العاصي بإرسال الرّسل وإنزال الكتب وأقام الحجّة على الفريقين.

__________

(١) الآية: ١٢٥ من سورة الأنعام.

(٢) الآية: ١١٧ من سورة آل عمران.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!